• 22 شباط 2018
  • مقدسيات

 

 

القدس- اخبار البلد- استهجن الشيخ عزام الخطيب التميمي مدير عام أوقاف القدس وشؤون الـمسجد الأقصى الـمبارك ما جاء في البيان الختامي لمؤتمر إسطنبول  الذي عقد نهاية الشهر الماضي، تحت عنوان مستغرب ومشبوه

 ” القدس ـ الـمدينة التي قدسها الوحي“ 

 وبين الخطيب في بيان وصلت ” اخبار البلد“ نسخة منه ، أن عشرات الـمقدسيين والخبراء الذين طالعوا البيان الختامي لـمؤتمر إسطنبول قد أبدو استهجانهم الشديد من عنوان ومضامين البيان الختامي للمؤتمر وطالبوا أوقاف القدس بتوضيح موقفها ومن هذا الـمنطلق نود أن نوضح ما يلي:

أولاً:  رغم أن البيان الختامي يحتوي الكثير من النقاط التي تعتبر مبادئ إجماع وطني، إلا أننا نستغرب من مشاركة عشرات الشخصيات الفلسطينية الدينية والسياسية والحزبية رفيعة الـمستوى في مؤتمر يستبدل معنى الآية القرآنية ”سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من الـمسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير ”  بمفهوم جديد يقول بأن القدس ” الـمدينة التي باركها الوحي ” وهو عنوان مخترق وخارج على النص الرباني الواضح بأن [الذي] يبارك وبارك الـمكان الـمقدس هو الله عز وجل وحده لا شريك له وليس [الوحي] حيث أن الأصل الشرعي القرآني الرباني الثابت أن القدس هي الـمدينة التي باركها الله وهو معنى [الربوبية والوحدانية] التي يتمسك بها الـمسلمون والتي تعطي أهمية وبركة القدس في مواجهة كل الروايات والـمشاريع والتفسيرات الـمشبوهة.

ثانيا:  لقد خالف الـمؤتمر كل قواعد النضال الإسلامي والوطني حين نص البيان الختامي في فقرته الأولى على أن [القدس هي مدينة الـمعبد الثاني الذي نذره الله تعالى للتوحيد على وجه الأرض] وكأنه بيان لم يصدر عن علماء الـمسلمين.

ثالثا: لقد بالغ البيان الختامي بالغزل السياسي وتشبيك الـمرجعيات الدينية بالسياسية بحوار الأديان حين ركز على أن حقوق الفلسطينيين والـمسلمين في مدينة القدس مرجعيتها [الرمزية] و[الصدق] و[السلام] و [احتضان الأديان] و [واحتضان الكنس اليهودية] و [قرارات اليونسكو] و[حقوق الإنسان] و[الرأي العام العالـمي] ...إلخ، مخالفين بذلك ما صدر عن الـمرجعيات الدينية الـمقدسية من عشرات القرارات والبيانات التي تؤكد بأن هوية الـمسجد الأقصى الـمبارك وإسلامية الـمدينة الـمقدسة مرجعيتها إسلامية ربانية أصيلة، وأن مرجعيتنا ليست مفاهيم غربية وحقوق إنسان وقانون دولي رغم أهمية هذه الـمفاهيم، ونؤكد أن اعترافنا كأوقاف إسلامية بالقانون الدولي فقط في إطار عدم مخالفته لـمرجعية عقيدتنا الإسلامية والعهدة العمرية التي حمت وحفظت الـمقدسات الإسلامية والـمسيحية والتعايش الـمبني على وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أكثر من 1400 عام.

رابعاً: إننا نستغرب أشد الغرابة كيف يدعو مؤتمر إسلامي في إسطنبول [اليهود الذين يشتكون من الإقصاء والتهميش بأن يتحدثوا بأعلى صوتهم عن الروابط الدينية والتاريخية والاجتماعية والثقافية التي تربطهم بالقدس]، في وقت تتعرض فيه الـمدينة لأبشع أشكال التهويد والتهميش لكل ما هو غير يهودي، وفي لغة بيان ختامي لا تختلف عن لغة البيانات الختامية التي صدرت عن رئاسة الحكومة الإسرائيلية عقب قرارات اليونسكو الـمشرفة التي أكدت على [أن الـمسجد الأقصى هو كامل الحرم القدسي الشريف وأنه مكان عباده خاص بالـمسلمين وحدهم].  

ختاماً: إننا نحذر رجال الدين الإسلامي والـمسيحي والناشطين دفاعا عن القدس في فلسطين والعالم الإسلامي من الـمشاركة في مؤتمرات مشبوهة العناوين والـمضامين في محاولة لزعزعة الرواية الإسلامية والـمسيحية الثابتة لـمفهوم الوضع التاريخي القائم الذي أكدت عليه العهدة العمرية وأكدته جميع كنائس القدس والشرق الأوسط مرارا بأن الـمسجد الأقصى للمسلمين وحدهم مثلما أن كنيسة القيامة للمسيحيين وحدهم، وهو أساس التعايش والسلام الذي نعمت به الـمدينة ما عدا في فترة الاحتلال الصليبي والاحتلال الإسرائيلي.

قال تعالى: *أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ*(سورة البقرة، الآية 75)

وكان  كل من نائب رئيس الوزراء بكير بوزضاغ ورئيس الشؤون الدينية  الدكتور علي أرباش ، ووزير الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطيني يوسف ادعيس، ورئيس الإدارة الدينية لمسلمي أذربيجان والقفقاز الله شُكُر باشازادة. قد القوا كلمات الافتتاح في المؤتمر الذي استضافته اسطنبول بمشاركة ممثلون من 20 دولة في أوروبا وآسيت وإفريقيا وفي مقدمتها الباكستان وإندونيسية والعراق والأردن وأذربيجان وكازاخستان وإنجلترة وفرنسة وكينيا والصومال وأوغندة. 

وجاء في البيان الختامي الذي اثار حفيظة الاوقاف الاسلامية في المدينة المقدسة هذه الفقة 

”القدس هي مدينة الأنبياء والرسل الذين يؤمن بهم المسلمون دون تفريق بينهم، والبلدة المباركة التي يقع فيها المسجد الأقصى، والمعبد الثاني الذي نذره الله تعالى للتوحيد على وجه الأرض.المسجد الأقصى هو أحد المساجد الثلاثة التي أوصانا رسول الله (ص) بزيارتها والإحسان فيها. القدس هي آخر محطات الإسراء وأولى محطات المعراج، والبلدة التي بوركت حولها وعاش فيها الكثير من الصحابة والتابعين والعلماء وزاروها طيلة التاريخ.

إن القدس التي عاشت تحت سيطرة أقوام عديدة خبرت أكثر سنواتها عدالة وتسامحاً في عهد المسلمين. فصارت مدينة القدس واحدة من المدن النادرة التي حافظ فيها الأذان وأجراس الكنائس وكناس اليهود على وجوده وسط أجواء ملؤها الاحترام لما كانت بيد المسلمين حيث العدل والتسامح. ولكنها اليوم تحن إلى هذا الاحترام والانسجام. ولن يتحقق السلام في القدس، المدينة التي قدّسها الوحي، إلا من خلال إعادة إقامة العدل العالمي ومفهوم العيش المشترك الذي تركه الأنبياء ميراثاً للعالم.