• 14 آيار 2019
  • مقدسيات


 القدس – أخبار البلد –  يحمل شهر رمضان المبارك  نكهة خاصة ونفحات مميزة في القدس ، فهو شهر تكثر فيه الفعاليات  الروحانية والاجتماعية ، وكما اجمع كبار السن في المدينة الذين عايشوا رمضان أيام زمان ، فان هذا الشهر فقد الكثير من بريقه في الوقت الحاضر بسبب اختفاء عادات مقدسية امتاز بها  الشهر وتميزت بها القدس ، هذه العادات ساهمت في  زيادة الترابط الاجتماعية ورفعت من منسوب روحانية الشهر الفضيل وعزز التقارب والمحبة بين العائلات المقدسية .

 الزميلة "سالي أبو نجيب" مراسلة شبكة " أخبار البلد"   تسلط الأضواء في هذا التقرير ، على بعض هذه العادات التي اختفت  في هذ الشهر. مع حلول شهر رمضان المبارك، يمارس المقدسيون عادات رمضانية اصيلة  تمتاز برائحة المحبة والتآلف بين العائلات، الا ان هذه العادات بدأ بريقها يتلاشى ولاحظنا اختفاء بعضها جيلاً بعد جيل.

ومن هذا العادات  التي كانت ومازالت موجودة في الأحياء المقدسية، لكنها اخذت طابع استعراضيا  في بعض الاحياء واختفت كليا من غالبية الاحياء ، هي  غياب  "المسحراتي" هو ذلك الرجل الشعبي المتمكن من اللغة ذو الروح المرحه ، والذي يجوب الاحياء بين المنازل يقرع الطبل او ما يسمى الطنبور قبل موعد السحور بساعتين، داعيا مطالبا الناس ان يستيقظوا من نومهم ، لتناول السحول مناديا بأسماء الرجال في تلك المنازل فهو منهم ويعرفهم . مستخدما أسلوب تعبيرا بسيطا ، من خلال العبارات والايات القرانية التي تحث على العبادة .

 مستخدما عبارات معروفة مثل :

'يا نايم وحّد الدّايم يـا غافي وحّـد الله

يا نايم وحّد مولاك للي خلقك ما بنساك

قوموا إلى سحوركم جاء رمضان يزوركم

 

 هذه العادة احياها بعض الشبان وخاصة في البلدة القديمة ومنهم بهاء نجيب ذلك الشاب المقدسي من سكان حي باب حطة والذي يعمل مسحراتي منذ تسع سنوات ،

 وقال عن هذه التجربة لشبكة " اخبار البلد " : إن المسحراتية جزء من التراث الفلسطيني، واثبات للهوية المقدسية، لكن في بعض الحارات المقدسية لم يعد للمسحراتي وجود، فمنهم من مُنِعوا بسبب الإحتلال بحجة ازعاج المستوطنين المقيمين في الأحياء المقدسية، و منهم من رأى ان الناس لم تعد بحاجة للمسحراتي، فتوقفوا عن الخروج، فهي عمل تطوعي و ليس الزامي...، معربا عن سعادته بهذا الجهد المبارك الذي يبذلها حفاظا على عادة مقدسية رمضانية اصيلة.

و من العادات الرمضانية القديمة التي كانت منتشرة وبكثرة ً، عادة زيارة النساء الاقارب أو ما تعرف بـاللهجة العامية  "فقدة الولايا"، حيث يقوم فيها رب الأسرة بزيارة اقاربه من الدرجة الأولى، كي يُدخل البهجة و السعادة عليهم في هذا الشهر الفضيل، كما تقول السيدة عائشة ابو خضير(61عاماً)  والتي تحدثت عن هذه العادة ، وكيف تفتقدها هذه الأيام، فلقد كانت الحجة عائشة تذهب برفقة زوجها الى بيت ابنتها، و اخوات زوجها مصطحبين معهم الحلويات، كعادة ترتبط بصلة الرحم ، حيث تزيد من المحبة والقربة في العائلة الواحدة .

 ولم تخفى السيدة عائشة اسفها على هذه العادة التي اصبحت نادرة جداً في هذه الأيام على الرغم من أهميتها  " حتى و ان كانت مشاغل الحياة كثيرة و الهموم متراكمة، لا يجوز ترك هذه العادة في رمضان، وباقي أشهر العام فهي سنة محمودة وجبر خواطر ".

حتى عادة تبادل أطباق الطعام بين الجيران في هذا الشهر الكريم، اختفت بين الجيران في  الأحياء المقدسية، فلم تعد الناس تتبادل طبق القطايف و المأكولات المعروفة في رمضان، كما كانت عليه العادة في الماضي حيث يحرص الجار على إعطاء حارة طبق مما يطبحه وهكذا يفعل الجار انطلاقا من حسن الجيرة التي أوصى بها رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ،  حيث كانت النساء يتنافسنّ من أجل اعداد المأكولات للتباهي بها فكان النتيجة مائدة غنية ومحبة زائدة بين الجيران .

 ومن العادات التي يفتقدها الكثيرون من المقدسيون ظاهرة "الدحاية" والتي تقوم بها الصبية في الحي برفقة شخص اكبر منهم سنا  بالتوجه الى منزل احد الاصدقاء يرددون فيها الأهازيج والأغاني الشعبية حاملين معم فوانيس  رمضان المضاءة من زينة ليالي رمضان، يخرجون بجولة على البيوت الحي، وذكر اسم صاحب البيت في الأغاني كي يعطيهم الحلوى او المال، و ما ان لم يحصلوا على النقود والحلوى يتحول المدح  الى ذم  ولكن بطريقة طريفة في الأغاني كنوع من الترفيه و ادخال السرورعلى فلوب الناس.

كثيرة هي العادات الفلسطينية الجميلة التي طوتها ظروف الحياة الصعبة، وقضى التقدم التكنولوجي على اجمل ملامحها، بحيث امست هذه العادات ذكرى خالدة في أذهان اجدادنا، بالرغم من كثرة المحاولات للتمسك بها و توريثها للأجيال.