• 24 أيلول 2018
  • مقابلة خاصة

 

 

 القدس - أخبار البلد -   مرة اخرى تكون شبكة ” أخبار البلد“ ساحة للنقاش الاكاديمي المثمر، فبعد ما تم نشره في وقت سابق عن قصة القبرين في باب الخليل وما كتبه القاضي فايز عطيه ، بناء على وثائق ووقفيات ، نشر الصديق نبيل الانصاري رواية اخرى اعتماد على ابحاث العلامة المقدسي ” فهمي الانصاري ” ، 

    وقال الدكتور ”محمد هاشم غوشه“ المؤرخ المقدسي المعروف ل " أخبار البلد": إن المعلومات المنشورة بصورة عامة حول هذا الموضوع  في غالبيتها غير دقيقه ، وإن الحقيقة ستظهر في موسوعته التي شارف على الانتهاء منها ، مبقيا على عنصر التشويق  والإثارة !!!!

 ونحن في ” أخبار البلد“ نعيد نشر ما كتبه ”نبيل الانصاري“ بإنتظار ما سيكشف عنه الدكتور غوشه والذي تعتبر موسوعته الاكبر والاشمل والاعمق التي تنشر عن  فلسطين 

كتب نبيل الانصاري  ما يلي 

  حكايتنا بإيجاز عن لغز هوية (القبرين الحجريين الرابضين والموجودين في باب الخليل أو ما يعُرف ببوابة يافا .. على بعد ١٢ متراً إلى الشرق من باب الخليل، وقد أقيما فوق مسطبة حجرية، وهما متشابهان من حيث المساحة والشكل وأسلوب البناء، لكنهما يختلفان في شكل رأسي الضريح اللذين يوجدان عند طرفي كل قبر.  ولقد استطاع المؤرخ المقدسي التراثي والعّلامة النّقار والجهبذ الأستاذ فهمي الانصاري عن كل جدارة واستحقاق (بل وبشهادة الخبراء والضالعين في تاريخ المدن والموروث الشعبي) كشف وإناطة اللثام حول هوية الشخصين المدفونين في باب الخليل قبل 25 سنة من خلال مطالعته في بطون الكتب والرحالة وأبحاثه أثرية ودرايته الواسعّة والمتعّمقة في أوراق وسجلات المحكمة الشرعية في مدينة القدس .. لقد أثبت الأستاذ والمؤرخ فهمي خليل بدر الأنصاري، وخلافاً لما كتبه وحققهُ الآخرون وأفردوا له الندوات والمؤتمرات بل ولم يستطع أيّ واحد من هؤلاء البحاثة والمؤرخين الفلسطينيين وغيرهم من العرب والأجانب كشف النقاب عن هوية المدفونين في هذان القبرين .. بمن فيهم المؤرخون مثل عارف العارف وكامل جميل العسلي وكنعان وعبد الله مخلص (علامة فلسطين)  وعلي سعيد خلف والأستاذ الدكتور يوسف سعيد النتشة ومن حذا حذوهم وغيرهم ..

ويحدونا الأمل أن نزف اليوم هذه المعلومة التاريخية العظيمة التي سبر غورها ووقف على لغزها هذا المؤرخ المقدسي المخُضرم - إبن القدس البار، حيث أنه وبجهد شخصي ورغم العوز والحاجة، أقام مكتبته الشهماء بعرق حبينه، وقام بشراء مراجع الكتب النفيسة وبنى مكتبة وطنية منذ عشرات السنيين (منذ عام 1957)، دون أن يلتفت إليه أحد، ودون حتى أن يشكره ويحيّي فيه هذه الروح الوثّابة .. هذه المكتبة ساعدت وزودت طلاب المعرفة وأتاحت لهم للتزود برحيق المعلومات وكتب المصادر والمراجع للدراسات الأكاديمية العليا -إنها مكتبة تراثية مقدسية تاريخية وطنية تضم عشرات الآلاف من الكتب ...

يقول المؤرخ فهمي خليل بدر الأنصاري: "إنّ القبرين الرابضين في منطقة باب الخليل – من الجهة الشمالية هو ل-سنان آغا بن عبد الله وزوجته – لقد كان سنان نائباً للحاكم الأداري لمدينة القدس، وكان مسؤولاً عن القلعة ((وكانت تُعرف بالقشلاق)) داخل باب الخليل. وقد أسعدت خدماته الجليلة التي قدمها للسلطان التركي وحاشيته والكثيرين من وجهاء المدينة. ويُردف المؤرخ فهمي خليل بدر الأنصاري قائلاً: لقد كان سنان آغا بن عبد الله رجلاً دينياً تقياً ورعاً ومعطاءً .. كريم النفس ورجل خيري .. هذا الأنسان قام ببناء الكثير من المساجد في منطقة القدس – وداخل البلدة القديمة ومنها مسجد بني حسن – حيث إطلق أسم أحد تلك المساجد التي شيدّها وعرف بمسجد آغا أو مسجد درغث قبالة نُزلُ الهوسبيس النمساوي .. والذي خدم كمستشفى حكومي .. ولم يكشف المؤرخ المقدسي المخضرم بعد عن سبب تسمية هذا المسجد بدرغث أو من هو درغث هذا وما صلته بالقبرين في باب الخليل .. لرغبته الشديدة في إصدار دراسة علمية تاريخية تتناول القبرين وصلتهما بمسجد درغث .. حيث أن بعض المؤرخين ينسبون إلى ما يعتقد أنه أحد الأولياء الصالحين المدفون في مقام له يقع خلف المسجد!  ..!

لقد طلب سنان آغا بن عبد الله طلباً متواضعاً من السلطان التركي .. ألاّ وهو أن يُدفن في مدينة القدس بالقرب من القلعة في منطقة باب الخليل. ولقد احترم السلطان رغبته وحققّ له مبتغاهُ ورغبته بل وقام بزرع شجرة تين حول القبر، وهي نفس الشجرة التي نشاهدها اليوم".

ويقول المؤرخ فهمي الأنصاري .. والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا يوجد ((عمامة رأس متقنة تستند على قاعدة حجرية متعددة الأضلاع مشطوفة الأركان مزدانة بزخارف تأخذ شكل محراب صغير ذي عقد مدبب.( التُّربان)  قبعة نسوية ضيقة لا حرف لها على إحدى القبرين وليس كلاهما.!    ويجيب ذلك لأن التُّربان يشير إلى أن القبر يؤول إلى رجل)).. ووجود عمامة بهذا الإتقان يلمح إلى أن شخصية المدفون في القبر مهمة ..

 

ودوماً أحب أشير وأقتبس المقدمة الضرورية "الديباجة" التي أدونها عند كتابتي أيّ من الدراسات الأكاديمية المُعمقة والمُسّهبة ..

".. ويحدوني الأمل في هذا المضمار أن أشير بل وأن أجزم بأنه لا بُدّ من الاعتراف بأنّ مُهمّة القراءة والتمعن والبحث والتأليف ليست دائماً سهلة، وكثيراً ما تكونُ شاقّة رغم مُتعتها، إذ يجب أن يتحلّى الُمؤلّف والبحّاثةُ بالصبر وطُول الأناة، ورُوح البحث والتحّري والاستقصاء العلميّ والدّقة اللّامتناهية وأن يكون ذا وجدان نقيّ وحرص شديد على حُسن إفادة غيره، مع الرغبة الأكيدة في زيادة معلومات القراء وتوثيقها .. توثيقها لطلبة الجامعيين قاطبة بما فيهم أساتذة الجامعات والشباب المُثقف بشكل عام، كما يجب أن يكون خبيراً ومتُعمّقاً في المادّة التي يُؤلّف فيها .. مُتوخّياً في كُلّ الدّقّة في التحقق والكتابة وفهم الاختلافات خصوصاً في كل ما كُتب وتم تأليفه حول مدينة القدس من دراسات عميقة ومُطالعات ٍ مُسهبّة .. زد على ذلك فأن إتقان اللغات الأجنبية وخصوصاً الإنجليزية والفرنسية والألمانية والعربية والعبرية يثري البحث العلمي والاستقصاء والدراسة العلمية المفيدة والتي تستند إلى التمحيص والتعمق .. ويحدوني الأمل أن أذكر وأشير مرة ثانية إلى مقولة المؤرخ اليمني الأكوع التي أوردها في أحد كتبه- كتب التراث اليمني عندما كتب

قائلاً" :إذا كتبت ففتش وإذا حدثت فقمش .. بمعنى أرجع إلى الأصول"!

لقد بدأتُ منذ زمن بعيد أيّ قبل أكثر من 28 عاماً بالجمع والبحث والدراسة والتحليل والتمحيص كل ما دوّن ونشر وكتب حول مدينة القدس الخالدة .. ويا سادة إنني أجزم بأنهّ يفترضُ من يتناول المواضيع التاريخية وتحديداً مدينة القدس الشريف الخالدة أن يكون من ذوي الاختصاص والدراية والتعمقٌّ، وذلك لأنه يوجد في مدينتنا معالم وأماكن أثرية ودينية كثيرة يجهلها الكثير من البحاثة والكتّاب والمؤرخين .. أيّ نعم يجهلونها كليّاً، أو أنهّم يعرفون أماكنها وفقاً للكتابات التي تناولتها عبر العصور ولكنهم لا يستطيعون تحديدها بالدقة وأيضاً لا يستطيعون الإسهاب في الكتابة حولها أو تحديد معالمها،  أو الإحاطة بجميع جوانبها ..

 

وبادئ ذي بدء لا بد من التأكيد بأن الفضل لا يعرفه إلا ذووّه! وأود أن أوكد هنا أنني لم أنشر بعد من أوراقي الخاصة بهذا الشأن وبكل ما يتعلق بالموروث الإسلامي المعماري في بيت المقدس وكل ما يخص أبناء الديانات السمّاوية الثلاث من مدارس ومعاهد وجوامع وزوايا وتكايا وأربطة وأسبلة ومقابر وكنائس وأديرة وعقارات وعائلات عاشت في المدينة ولعبت دوراُ بارزاً في نهضة مدينة القدس وعمرانها في الحقب المختلفة –((وتحديداً في الفترة الأيوبية والمملوكية والعثمانية والتركية وفترة الانتداب البريطاني على فلسطين والعهد الأردني وكذلك الإسرائيلي)). كنتُ أقوم بزيارة أفراد العائلات الطاعنين في السن وأطرح عليهم الكثير من الأسئلة حول وجودهم والوظائف التي تبوأوّوها وغيرها من المعلومات والصور التي لم يبخل بها هؤلاء الناس الطيبين، منهم ما انتقل إلى الرفيق الأعلى ومنهم ما زال على قيد الحياة وأتمنى أن يمتعهم المولى جل جلاله بحللٌ من الصحة والعافية..