• 16 تشرين أول 2018
  • مقابلة خاصة

 

 

القدس - أخبار البلد -   لقد عشنا في القدس على الاساطير التي كانت ترويها الجدة عن بيت المقدس والكثير من القصص ،  مثل الغول والعمورة والافاعي وبركات بيت المقدس ، هذه القصص  خصص لها الدكتور عمرو عبد العزيز منير كتابا بعنوان ” القدس في الاساطير العربية“ ونشر موقع ”رصيف٢٢“ تقرير شيقا عن الكتاب وعن الاساطير، ويسعدنا ان نقوم بإعادة نشرها لاطلاع جيل الشباب على تلك الاساطير لتي قد تكون الاغلبية منهم لم تسمعها على الاطلاق .

كان في بيت المقدس أفاعي قاتلة، إلا أن عمر بن الخطاب أبطل مفعولها عندما اتخذ مسجداً من كنيسة هناك تُعرف بقمامة وكانت فيه أسطوانتان كبيرتان من حجارة على رأسهما صور أفاعٍ يقال إنها طلاسم لها، فمتى لسعت أفعى إنساناً في بيت المقدس لم تضرّه، ولكن إنْ خرج عن حدودها شبراً من الأرض مات في الحال.

هذه القصة ذكرها مجير الدين الحنبلي في كتاب "الأنس الجليل بتاريخ القدس والخليل"، وأضاف متحدثاً عن دواء من لدغات الأفاعي قائلاً: "دواؤه من ذلك أن يقيم في بيت المقدس ثلاثمئة وستين يوماً، فإن خرج منه وبقي من العدة يوم واحد هلك". 

وبحسب ما ذكره الدكتور عمرو عبد العزيز منير في كتاب "القدس في الأساطير العربية"، روى علي بن أبي بكر بن علي الهروي نحو ذلك في كتاب "الإشارات إلى معرفة الزيارات" فقال إن شخصاً كان يلعب بالأفاعي فلدغته أفعى فخرج من بيت المقدس فمات.

ما رواه الحنبلي والهروي، كل على طريقته، نموذج من حكايات أسطورية كثيرة تداولها مؤرخون ورحالة كتبوا عن مدينة القدس. وأوضح منير لرصيف22 أن تاريخ المدينة وموقعها الجغرافي وتنوعها السكاني والديني أمور تركت أثرها على الموروث الشعبي المقدسي وجعلت العوالم الأسطورية تتعانق مع حقائق التاريخ. 

وأضاف أن الرحالة والمؤرخين اعتمدوا في سردهم لأساطير القدس على جانب كبير من الروايات الشفوية التي روت تاريخ المدينة. وشرح أن هذا النوع من القصص التاريخية كان شائعاً في المجتمع العربي على أيدي الإخباريين والرواة الذين كانوا يعقدون مجالسهم في المساجد والمحافل وساحات الإنشاد الديني، واعتمدوا على عنصري الإثارة والتشويق لجذب انتباه السامعين، وطعّموا حكاياتهم بأساطير وقصص خرافية. 

ولم يتكوّن هذا الكم الهائل من الأساطير دفعة واحدة، وإنما استمر كل جيل يضيف إليها من خياله ما يوائم تصورات عهده، ليزيد من تأثيرها في أذهان محبي المدينة، ذكر منير.

بعض الحكايات تحدثت عن طيور خارقة من أجل إضفاء روح المبالغة عليها، لإثبات استمرار الرعاية الربانية للقدس. فقد تحدث بهاء الدين أبو الفتح الإبشيهي في كتاب "المستطرف في كل فن مستظرف" عن طائر العنقاء الأسطوري وادعى أنه خُلق من أجل حماية القدس من الوحوش التي تحوم حول بيت المقدس.

وكتب: "إن الله خلق في زمن النبي موسى طيراً يُقال له العنقاء له وجه كوجه الإنسان وأربعة أجنحة من كل جانب، وخلق له أنثى مثله، ثم أوحى الله إلى موسى إني خلقت خلقاً كهيئة الطير وجعلت رزقه الوحوش والطير التي حول بيت المقدس، فتناسلا وكثر نسلهما فلما توفي موسى انتقلت إلى نجد والعراق فلم تزل تأكل الوحوش وتخطف الصبيان إلى أن شكاها الناس إلى خالد بن سنان العبسي (من حكماء العرب 520- 588) فدعا عليها فانقطعت وانقطع نسلها وانقرضت".

وفي موضع آخر، يقول صاحب "الأنس الجليل" أن الصحابي الضحاك بن قيس "وضع كلباً من خشب على باب بيت المقدس فمَن كان عنده شيء من السحر إذا مر بذلك الكلب نبح، فإذا نبح عليه نسي ما عنده من السحر".

ولم يكن من العجيب أن تتردد عن القدس أساطير وحكايات شعبية في كتابات الرحالة والمؤرخين، ولكن العجيب، حسبما ذكر منير في كتابه، هو إيمان الكثيرين منهم بحقيقة تلك الحكايات، بل ودفاعهم عنها رغم أنها قد تجافي العقل.

فعلى سبيل المثال، أكّد عبد الغني النابلسي في رحلته إلى القدس التي دونها في كتاب "الحضرة الأنسية في الرحلة القدسية" أنه رأى ملائكة في ضريح النبي موسى شرق بيت المقدس.

كتب: "قرأنا الفاتحة في ذلك المقام المنيف، وإذا بالخيالات تلمع في داخل تلك القبة بحيث تتحير فيها عيون الأحبة. وهناك من الحضور ما يشهد أنها خيالات تصعد وتنزل من حضرة الملكوت على هاتيك التربة المباركة".

وتظهر أنوار الملائكة كذلك عند النابلسي في سياق حديثه عن قبة الصخرة فيشير إلى ذلك بقوله "فصلينا ركعتين في تلك المغارة المباركة التي لا تزال مهبطاً لأنوار الملائكة".

واستند مؤرخون ورحالة للتدليل على مثل هذه الحكايات إلى أحاديث منسوبة للنبي مثل تلك المرتبطة ببئر الورقة. نقرأ في كتاب "الأنس الجليل بتاريخ القدس والخليل" قصة عن أنه في جامع النساء (بئر الورقة) بئر تقع على يسار الداخل من الباب الكبير يسمى بئر الورقة "وقد ورد في أمر الورقة حكايات وأخبار وأحاديث كثيرة مختلفة فمن ذلك ما رواه أبو بكر بن أبي مريم بن عطية بن قيس أن رسول الله قال ليدخلن الجنة رجل من أمتي يمشي على رجليه وهو حي، فقدمت رفقة بيت المقدس يصلون فيه في خلافة عمر رضي الله عنه، فانطلق رجل من بني تميم يقال له شريك ابن حيان يستقي لأصحابه، فوقع دلوه في الجب فنزل ليأخذه، فوجد باباً في الجب يفتح إلى الجنان فدخل من الباب إلى الجنان، فمشي فيها وأخذ ورقة من شجرها فجعلها خلف أذنه، ثم خرج إلى الجب فارتقى، فأتى صاحب بيت المقدس، فأخبره بما رأى من الجنان ودخوله فيها، فأرسل معه أناس ونزلوا الجب معه، فلم يجدوا باباً ولم يصلوا إلى الجنان".