• 4 شباط 2019
  • مقابلة خاصة

 

 القدس – أخبار البلد -  كتب خليل العسلي -  في القدس حكايات كثيرة لم تروى ، وهي حكايات تشكل القدس التي اختفت ، واختفى معها جمال المدينة ورونقها وناسها ، واختفت معها حياة اجتماعية ثقافية زاخرة بالعطاء والحب والحضارة .

 ومن هذه الحكايات التي تسلط  شبكة " أخبار البلد" الضوء عليها ، حكاية لا يعرفها إلا أهلها الذين شكلوا مجتمعا مقدسيا متكاملا حضاريا ثقافيا،  في الوقت الذي كانت فيه بقية المدن  الكبرى في الوطن العربي غارقة في الجهل والوحل والرمل والبدائية.

 ومن حكايات القدس التي لم تروى بكل تفاصيلها ، حكاية الخياطة ومكانتها الاجتماعية ، في مجتمع مقدسي كان يوصل بالمحافظ ! حيث كانت العائلات المقدسية التقليدية تعتمد على كبار الخياطين  لمظهرهم الخارجي  ، فلقد كان من غير المقبول اجتماعيا لدى المقدسيين ان يشترى المقدسي بدلة جاهزة،   وكذلك كان من العيب عن النساء شراء ملابسهن جاهزة .فقط كانت كل عائلة لها خياطة لبناتها وسيداتها .

 الخياطة فن

فمهنَة الخيَاطة مِن الفنُون التي تَتطلَّب مَهارة ودقّة مُتناهية، وقَديماً قَال الكاتب  «برنارد شو»: (الشَّخص الوَحيد الذي أعرف أنَّه يَتصرّف بعَقلٍ هو الخَيّاط، فهَو يَأخذ مَقاساتي مِن جَديد في كُلِّ مَرَّة يَراني! أمَّا البَاقون فإنَّهم يَستخدمون مَقاييسهم القَديمة، ويَتوقَّعون منِّي أن أُناسبها)..!

 كانت الاناقة المقدسية يضرب بها المثل، بين بقية المدن الفلسطينية عامة وحتى العربية ، فلا زلت اذكر استاذنا الكبير المرحوم ناصر الدين النشاشيبي حتى اخر أيامه في القدس وفي هذه الدنيا ، كان يحرص كل الحصر على اناقته، حتى في منزله كان يلبس الملابس الكاملة، كما كان يحرص على احضار احد الخياطين الذين بقوا في القدس في تلك الأيام في بداية الالفية الثالثة الى منزله في حي الشيخ جراح من اجل تفصيل البدلات له، كما كان يحرص على اختيار نوع معين من  الاقمشة الإنجليزية بشكل خاص . فلقد كان النشاشيبي صاحب ذوق خاص في البدلات وفي الألوان وفي التصميم، وهذا ما جعل ظهوره في المجتمع بارزا ناهيك عن مكانته الأدبية والإعلامية ، فلقد كان رحمة الله عليه هامة إعلامية نادرا ما تجد مثلها ، افنى حياته كتابة عن القدس !!

اشهر الخياطين

هنا لا بد ان نذكر حكاية  اشهر وامهر الخياطين الذين عرفتهم القدس في سنواتها الماضية الذهبية ، إنه وبإجماع الكثيرين من أبناء ذلك الجيل  المرحوم "عبد الغنى عيسى اهرام" فلقد كانت له صولات وجولات في عالم الخياطة والتصميم .

 حيث يقول الشيخ مازن اهرام نجل المرحوم عبد الغنى والذي اكمل مشواره لسنوات قبل ان تغزو القدس الملابس الجاهزة الرخيصة الثمن ، وارتفاع تكلفة وبعد رحيل الرعيل الأول والثاني من  رجالات القدس التي كانت تعتمد على الخياط في الباسها افضل الاقمشة واجمل البدلات .

 يقول  الشيخ مازن اهرام  في حديث ذكريات مقدسية مع " أخبار البلد"

" ان والدي من مواليد عام 1913م توفى عام 1974م انهى الصف السادس الابتدائي (مترك ليشن) وتعلم مهنة الخياطة  منذ نعومة أظافره على شيخ الخياطين محمد اهرام  ، وهو زوج أخته (فوزية) وكان يشغل حانوتا في شارع ماميلا  او مأمن الله ، وقد أبدع في هذه المهنة  وتفوق على زملائه تفصيلا وخياطة وفن وذوقا .

ونتيجة الأحداث التي حصلت في فلسطين غادر شيخ الخياطين "محمد اهرام"  القدس وانتقل إلى عمان ليفتح محلا تجاريا  في شارع المحطة قريبا من المدرج الروماني ، وليقتصر عمله في بيع الاقمشة .

أما والدي  فقد يسر الله  له دكان  عام 1930م  في منطقة باب العامود قام بتجهيزه  بمساعدة أخيه "عبد القادر" الذي يعمل نجاراً  وقد حضر إليه مباركا الأستاذ والخطاط "محمد صيام " الذي تربي على يديه أجيال كاملة وخاصة كراسات الخط العربي ،  وكان صديقاً حميماً للوالد فقد أهداه يافطة كُتب عليها أسم الوالد !!!

ينتصف المحل لقسمين الداخلي عبارة عن مشغل وفيه ماكينتين خياطة من نوع سنجر تُدار بواسطة الرجل  وطاولتين  إحداها للتفصيل والثانية للكوي  يرتكز عليها  مكوى كهربائية سبقتها قديما مكوى تعمل بالفحم  داخل جُرنها يُشعل بها الفحم وطاولة صغيرة (دكة) عليها أدوات الخياطة ومجموعة من الخيوط وبعض المقصات.

أما القسم الخارجي  فلقد كان مُحاطا بخزائن تحتوي على مجموعة من الاقمشة (الكوبونات) وفي الوسط يوجد طاولة(منضدة) للضيافة ،  يلتف حولها عدد من الكراسي وفي زاوية المحل توجد غرفة صغيرة أمامها مرآة  تلُفها ستارة من القماش  (غرفة البروفة للقياس).

يبدأ النشاط بعد الظهر ، ما ان ينتهي دوام المعلمين  والأطباء والمحامون حتى يتوافدوا على المحل من أجل أن يحظى كل منهم بقطعة قماش  لعملها بدلة يتألق المحظوظ بالشياكة  والآيافة . يتحول المحل بعد العصر لصالون  يتبادل فيه المعلمون أطراف الحديث ، وكل يدلوا بدلوه ، إما قصيدة شعرية، أو حكاية  أو خبر الساعة   ، فلقد  كان عم والدي مدير مدرسة " لفتا "  المربي "عيسى اهرام " والعم الثاني "احمد اهرام" مدرس في المدرسة "الرشيدية "  وصديق الوالد الشيخ "جميل الخطيب" الأزهري علما وخُلقاً.

كما كان الجيران يجتمعون  ليرتشفوا القهوة واذكر منهم الدكتور "رشيد النشا شيبي" ودكتور الأسنان "جبرا اراريش " ، ليعرف احوال جيرانه وأحبابه  وتمضي ساعات الغروب وتُغلق الحوانيت  بتحية المساء ليوم غد  يوم جديد ببساطة  وعفوية  ورمزية  وتبقى الذكرى  خالدة في أذهاننا "

 ويضيف الشيخ "اهرام " بان والده كان يحرص كل الحرص على اناقته الشخصية حيث انه كان لا يخرج من البيت الا وهو بكامل اناقته فهناك بدلة الصباح وأخرى لساعات ما بعض الظهر، لدرجة ان اول بدله قام بتصميمه لي كانت عندما كنت في السابعة من عمري ، وكان يحرص على استقبال ضيوفه في البيت بلباس كامل وذلك احتراما للضيف.

 برنامجه اليوم

 كان يبدا يومه في الثامنة صباحا حيث يعد العمل للعاملين عنده والذين كانوا يزيدون عن ستة عشر عامل متخصص في كل مراحل الخياطة ،  قبل ان يذهب الى السوق لشراء بعض الحاجيات ، يبدأ جولته عند الحاج "توفيق الرصاص"  بائع الخضار، يكمل مشواره عند "عبد الحفيظ عبد اللطيف"  الجزار المعروف  (الان مطعم العائلات ) وينهى مشواره عند " زلاطيمو" قبل ان يعود الى الحانوت ليكمل عمله حتى ساعات الظهر، ليعود الى البيت لتناول طعام الغداء ويرتاح ، ويخرج الى العمل بلباس جديد ويتعطر، (حيث كان يملك اكثر من أربعين بدلة واكثر من مئة ربطة عنق) ليبقى حتى ساعات المساء لاستقبال الزبائن ، وبعد الساعة الخامسة مساءا يتحول الحانوت الى صالون ثقافي حيث يحضر الأصدقاء لشرب القهوة الخاصة من مقهى "خبيني" والتي كانت في عمارة كولومبيا حاليا،  حيث كان الزبائن يلعبون الشدة وغيرها،  وتحولت  مع مرور الزمن الى مقهى للعمال ، كان الحضور من كبار رجال البلد ، ولا زلت اذكر الشيخ "عبد الله غوشة " والذي كان والدي يفصل له الجبة، وهذا النوع من الملابس بحاجة الى دقة متناهية فهي عبارة عن عمل هندسي بكل ما في الكلمة من معنى ،  وقبل ان تجهز الجبة كان الشيخ غوشة يقوم بقياس  الجبة( البروفة) ويطلب سجادة الصلاة ، ويحاول السجود فاذا اقترب طرف الجبة الى رقبه فمعنى هذا ان هناك خطا في التصميم !!

 ومعروف ان من يريد ان يعرف مدى مهارة الخياط يمكن ذلك من خلال النظر الى  قبة البدلة والجياب ورؤوس الاكام!!!!

 الاقمشة

  في القدس لم تكن هناك تجارة رائجة للأقمشة ، لان هذه التجارة كانت  تقتصر على عدد محدود من تجار الاقمشة المعروفين ، ومن هؤلاء تاجر معرف باسم "يني فلاحة "  له حانوت في عمارة شميدت  قبالة سور القدس بالقرب ما بين باب العامود وباب الساهرة ،  وكان متخصص بأنواع من الاقمشة  التي تحمل شهادة انها قطعة وحيدة في فلسطين ، مثل اقمشة الايرش ويل ، او اقمشة هيدرسفيليد او اقمشة السكوتش ذات التصميم الاسكتلندي المربع الشهير

 إضافة الى هذا التاجر  وكان هناك تاجر قماش معروف  إنه "جورج بطشون"  والذي تخصص بأقمشة السيدات، ومحل "الجاعوني والعلمي" في شارع صلاح الدين، وكان في البلدة القديمة محل الحج "طاهر أبو خلف" .

 في بعض الحالات يكون والدي  بحاجة ماسة الى هذه الاقمشة فيذهب هو وأبو نبيل احمرو صاحب محلات الاقمشة في شارع صلاح الدين،( لا زال هذا المحال موجود)  بسيارة الأخير الى بيروت،  حيث  مستوردي الأقمشة الكبار.

 فلقد كان والدي واحمرو يغادروا  القدس الخميس عصرا ويصلون بيروت مساءا مرورا بعمان  ودمشق ، ويذهبوا مباشرة الى محلات "فلاحة" وكان يشترى والدي  اقمشه لعدد من البدلات ويحملها معه في السيارة إضافة الى كل ما يحتاجه لهذه البدلات،  على ان يرسل الباقي في سفريات القدس عمان د مشق بيروت خلال أسبوع .

 حكاية زبائن

 وما ان يعود الخياط "عبد الغنى اهرام " إلى "القدس" محملا بتلك القطع الراقية من الاقمشة ذات الجودة العالية ، حتى يجد الزبائن بانتظاره للحصول على قماش لبدلته  الجديدة  من الأقمشة مميزه ، فيبدأ  " اهرام" بإعطاء كل زبون طلبه ، فلقد كان الخياط في تلك الأيام يعرف اذواق زبائنه وما يناسبهم من الوان واقمشة وتصاميم البدلات  وكان في العادة يخبر كل زبون ان ما تريده قد وصل ، فيقول له الزبون: جهز منه بدله ، وهكذا كان العمل!

 وذات يوم  دخل الى المحل احد التجار صاحب محل في  القدس وكان ممتلئ الجسم قصير القامة،  وتصادف  دخوله مع ووجود احدى الشخصيات المقدسية ذات الجسد المتناسق الرياضي طول القامة جميل الهيئة، ذو اطلالة سينمائية ، ويقيس بدلة  فصلها له والدي من القماش المقلم  المربع لونها زيتي كحلي ( كروه) وكان والدي قد اهداه ربطة عنق تناسب هذه البدلة التي كانت تحفة فنية تتناسب وهذا الجسد الرياضي . فشاهدها هذا  التاجر واعجب بها اشد اعجاب لدرجة انه طلب من  والدي ان يفصل له بدلة مشابهة لها تماما بنفس التفاصيل ...

 فقال له والدي:  انا لا انصحك ، فهذا الشخص صاحب البدلة طويل وانت غير...( لم يقل له انك قصير)  والقماش المقلم يتناسب معه ، وانت  بحاجة  الى  قماش مقلم بالطول وليس مربعات والألوان المناسبة لك ، ولكن هذا التاجر اصر والح بشكل كبير بل وقال انه سيدفع اكثر من ثمنها الحقيقي من شدة اعجابه بها !

 فقال له والدي :  والله لو دفعت الضعف لن افصل لك بدلة من هذا القماش ، لأنها لن تكون مناسبة لك ..! وامام إصرار التاجر وتدخل بعض الاصحاب والاصدقاء ، خضع والدي رغم عدم قناعته قام  بتفصيل البدلة ، وعندما شاهد نفسه هذا التاجر بالبدلة امام المرآة  في المحل،  وصل حالة لحالة البكاء، فسأله والدي:  ماذا بك؟! فرد عليه التاجر:  ان البدلة ليست جميلة وجعلت منظري قبيحا، واخذ يصرخ على والدي ويتهمه بأنه لم يتقن عمله... فما كان من والدي إلا ان اخذ البدلة ولفها ووضعها في احدى زاويا المحل ورمى فوقها ابريق فخار من شدة توتره من كلام هذا التاجر ، وهذه هي المرة الأولى التي كانت اشاهد فيها والدي عصبيا ، وقال موجها كلامه لهذا التاجر: عندما تعرف كيف  تلبس تأتي الي... وأعاد  له نقوده!!!

 فما كان من هذا التاجر  الا ان توجه الى المحكمة ضد والدي بحجة ، ان والدي اهانه ولم يتقن عمله ، وكان القاضي من عائلة "جار الله" المقدسية المعروفة  واحد زبائن والدي  لسنوات طويلة ، وعندما حضروا لجلسة المحكمة قال القاضي: اين المدعى وأين المدعى عليه ليقفا، وبعدها قال : بناء على ثقتنا بالمدعى عليه نسقط الدعوة ضده، وعليك أيها التاجر رافع الدعوة  فرضنا غرامة خمسة دنانير مقابل عطل وضرر ، فرد التاجر صارخا انه لن يدفع الغرامة ، فرد القاضي : اذا اضفت كلمة أخرى سوف نضاعف الغرامة ، فقام بدفع المبلغ،

 وفي ساعات العصر  كانت جلسة الأصدقاء، فدخل اثنين من الأشخاص ومعه هذا التاجر الذي وقف خارج المحل وقالوا : نحن جئنا نستسمحك ونريد ان نأخذ البدلة وهذا بقية المبلغ !!! فقام والدي بإحضار البدلة ، ودخل التاجر واعتذر امام الجميع للجميع.

 ولدى الشيخ اهرام الكثير من قصص الزبائن ،  ولكنه فضل الحديث عن بعض من  الزبائن المعروفين ، لقد كان هناك سفير في لندن اسمه "خيري فرعون"  كان يفضل الجاكيت السبور ذات الجيب الخارجية وازرار مذهبة ،  وكان يتصل من لندن بوالدي ليطلب منه ان يعد له خمس بدلات دفعة واحدة ،  ليأتي خصيصا من لندن لأخذ البدلات والعودة . 

 كما ان احدى السيدات الاجنبيات التي كانت تعمل في احدى البعثات الدولية طلبت من والدي ان يخيط لها قطعة قماشيا بشكل مميز ، وهكذا كان وعندما عادت الى بريطانيا، التقت بالملكة هناك والتي أبدت اعجابها بهذا بملابسها وسالتها عن خياطها ، ولهذا سارعت تلك السيدة الجميلة الى ارسال بطاقة شكر لوالدي على هذا العمل المتقن ..

 واذكر ذات يوم ان احد العتالين  جاء الى والدي  يحمل كرت وطلب منه ان تكتب اسمه ( أي اسم والدي)  على هذا الكرت ، فتعجب من هذا الطلب ، وتحت الحاحه كتب اسمه ، فرد عليه هذا الشاب الذي لم يكن يعرف الكتابة : ان هذا الكرت  هو دعوة لك لحضور حفل زفافي ، فقبل الدعوة ارجوك !!! وأضاف : انا اسف منك فانا لا استطيع ان افصل بدلة عندك!  فانت معروف جدا، وقدرتي المالي لا تسمح بذلك.. مشيرا الى البدلة  التي كان يلبسها والدي قائلا:  انظر الى روعة البدلة التي تلبسها

 فرد عليه والدي فورا وبدون أي تفكير:  تعال عندي غدا !!! وفي اليوم التالي  قدم والدي بدلته هدية لهذا الشاب  وقال له : ارجو أن تذهب إلى المكوجي "اكرم الطحان"  نهاية شارع صلاح الدين واطلب أن ينظفها وناوله دينار ثمن الكوى،

 وبعد قليل  اتصل "اكرم الطحان" وقال لوالدي : إن هناك شخص ما سرق بدلتك وحضر لتنظيفها عندي ، فرد والدي : أنا اعطيته إياها ،  وطلبت منه أن ينظفها عندك ولا تأخذ منه اجرا  ، هكذا كانت الحياة في القدس .

  اشهر الخياطين

كان في القدس عدد من الخياطين المعروفين  وعلى راسهم بلا منازع "عبد الغني اهرام " وهناك ايضا "الياس مراد "، والخياط " سعيد الخروف " في نزلة البريد، كان  الخياط " يوسف الهدمي" في شارع الزهرة ،  وكان هناك الاخوين " بهانو وارهان" الارمنيان  اللذان كان يعملنا عند "عبد الله ناصر الدين" كانا يأخذان الثلث ثمن البدلة لهما.

 في نابلس كان الخياط الأشهر "عبد الرؤوف الخياط " والذي  لزم الفراش لأكثر من شهر بسبب جلوسه على الأرض  في الشتاء اثناء تصميمه بدلة وخياطتها بيديه لوحده ، من كثرة حبه لمهنته واتقانه لها!  

 رهان الخياطين

 ما بين الفترة والأخرى يجتمع الخياطين عند شيخ الخياطين بالقدس " عبد الغنى اهرام" لتبادل اطراف الحديث ولبحث عن اخر التصاميم وصرعات الموضة، وذات مساء قال احدهم ان لديه قطعة قماش بطول مترين وعشرين سنتيمتر وتحدى ان كان بالإمكان ان يقوم أي من الخياطين بخياطة بدله منها ، خاصة وانه كان من المعروف ان البلدة بحاجة الى ما لا يقل عن مترين ونصف ، وكان التحدي مقابل عشرة دنانير وصدر كنافة من عند "جعفر" فقبل والدي التحدي ، ووضع العشرة دنانير عند احدهم ، وفي اليوم التالي طلب والدي من احد العمال ان يذهب ويحظر سرد الكنافة بعد لك عرض عليهم البدلة كاملة وبكل اناقتها من قطعة القماش المذكور ، وقال لهم تفضلوا سدر الكنافة على حسابي وأعاد العشرة دنانير

 ويحمل الشيخ "مازن عبد الغنى اهرام " في جعبته الكثير من حوار الذكريات التي تحتاج الى العديد من المؤلفات لكتابتها فهي حكاية مدينة في حكاية مهنة

 وكما قال الشيخ " اهرام" ... ان الخياطة هي الحياة، فإذا  اخلصت لها ابدعت