• 22 آيار 2019
  • مقابلة خاصة

 

  عمان – أخبار البلد – إعادة زيارة  صاحب السمو الملكي الأمير الحسن بن طلال محطة خط الحجاز التاريخية  في عمان الى الاذهان  قصة هذا السكة الحديدية الأكثر شهرة في  تاريخ المنطقة ، حيث دارت حولها القصص والروايات وحتى الاساطير ، فلقد كانت ذروة زيارة سمو الأمير الحسن الى مؤسسة الخط الحجازي الأردني  صعوده لغرفة القيادة للقطار الأول  وهو يعتمر الحطة البيضاء ، فلقد ابد سموه سعادته بهذا الإرث العظيم الذي تحتضنه الأردن ...

 ويذكر ان الخط الحجازي قام بأول رحلاته ما بين دمشق  والمدينة المنورة عام 1908( قبل عام واحد من الإطاحة بصاحب الحلم الكبير السلطان عبد الحميد الثاني )  ومنذ ذلك الحين تغيرت الأحوال في المنطقة عامة ، فهذا القطار الذي لا زال يعمل في مقطع صغير في عمان لا يتعدى الثلاثين كيلومترا  يحظى باهتمام كبير من قبل المواطنين ، ولكن بمجرد ان تدخل البوابة الحجرية الاثرية تشعر انك دخلت صفحة من كتاب التاريخ  حيث لا تزال القطارات البخارية في أحسن حال. فعند تشييد ذلك الخط الحديدي كان السلطان عبد الحميد الثاني  يعلق الكثير من الامال  على أن يتمكن خط للسكك الحديدية من توحيد العالم الإسلامي. وليتمكن الحجاج المسلمون من الوصول بسهولة وأمان إلى مكة خلال موسم الحج. خاصة وان رحلة الحج كانت تستغرق أسابيع وفي بعد الأحيان اشهر في رحلة كلها مخاطر.

هذا الخط كان يعتبر ثورة حقيقية في ذلك الوقت ولم تراه  الدول الاستعمارية وخاصة بريطانيا وفرنسا بعين الرضا بل اعتبرته تهديد لنواياها الخبيثة، فكان اول عمل قاموا به  في اول مواجهة  هو تدمير سكة الحديد ، كما ان تمويل المشروع لم يعجبهم  لأنه  كان من أموال المسلمين ومن خزينة الدولة العثمانية ،  ولهذا فان السكة الحديدية ليست ملك لأي بلد بل هي ملك لجميع المسلمين في العالم .

 اكثر ما كان يميز سكة حديد الحجاز انها مسحت الحدود بين البلدان العربية  حيث كان القطار  يمر عبر خمس بلدان (تركيا وسوريا والأردن وفلسطين والسعودية  والمملكة العربية السعودية).  ولكن جاءت الحرب وساد الصمت الخط الحجازي الذي كتبه عنه  الشيخ على الطنطاوي يقول: "قصة سكة حديد الحجاز مأساة بكل معنى الكلمة"، "فالخط موجود وقائم، لكن بلا قطارات تسير عليه، المحطة موجودة، ولكن لا يوجد مسافرين".

 وبعد هذه الفترة التي استمرت لسنوات طويلة تقطعت فيه اوصال خط الحجاز ، دخلت وكالة التعاون والتنسيق التركية "تيكا"   التي تملك الخبرة والقدرة على مثل هذه المشاريع الضخمة  وصممت على احياء هذا الإرث الهام ، وقررت الحفاظ على ما تبقى من هذا الإنجاز الحضاري  وذلك  من خلال  إقامة متحف في محطة القطار بعمان ، حيث يعتبر هذا المشروع من اكبر مشاريع تيكا ان لم يكن اكبرها في الأردن  .

وقال مدير عام المؤسسة  صلاح اللوزي ان المتحف الخاص بالخط الحجازي الحديدي الذي يقام بمنحة من وكالة التعاون والتنسيق التركية  من المتوقع الانتهاء منه في شهر ايلول القادم. مضيفا ان المتحف يسطر مسيرة طويلة من الإنجازات لهذه المؤسسة التاريخية، ويوثق ممتلكاتها ومقتنياتها التي جمعت منذ بداية انطلاق المؤسسة، والتي من أبرزها العربة التي أقلت جلالة الملك المؤسس عبدالله الاول في رحلته الأولى من معان إلى عمان العام 1921 حيث أعلن جلالته إقامة إمارة شرق الأردن من محطة الجيزة خلال هذه الرحلة.

وأشار اللوزي إلى إعادة تأهيل ثلاثة مبان عثمانية متواجدة حاليا في محطة عمان وإعادتها إلى طرازها القديم للاستفادة منها كمباني خدمية للمتحف، من خرائط وتذاكر وصور توضح عملية إنشاء الخط الحجازي وأخرى لعمان القديمة مطلع القرن العشرين ومباني الخط الحجازي وعبّاراته وجسوره.

وبين أن المتحف سيوثق إحصائيات عن الخط من حيث تكلفة الإنشاء ومصادر تمويل هذا المشروع الضخم إلى جانب توفير زاوية مخصصة للزي الرسمي لجميع العاملين في الخط منذ بداية تشغيله، كما سيحوي مجسماً للقاطرة البخارية، إضافة إلى تمثيل عملية بناء القطارات.

  ان قصة خط الحجاز الذي حلم به السلطان عبد الحميد الثاني ليكون موحدا للعالم الإسلامي ، مقربا للمسافات  ، متجاوزا للحدود  ، ولكنه دفع ثمن باهظا للغاية ثمن  هذا الحلم  ، الذي لم يبقى منه الا تراث وفكر وحضارة واثار قائمة قد تبقى على الامل في نفوس الأجيال القادمة  بان يتحرك القطار  ذات يوم من إسطنبول، الى دمشق الى حيفا الى عمان الى المدينة المنورة