• 29 أيلول 2019
  • مقابلة خاصة

 

 خص المستشار فواز إبراهيم نزار عطية قاضي المحكمة العليا الفلسطينية شبكة " أخبار البلد" بدراسة فريدة من نوعها  بل وتعتبر الأولى من نوعها عن القضاء وتطوره وخاصة  دائرة التفتيش القضائي الفلسطيني الذي يعكس  أساس العدل  واستمرارية نظام حياة الافراد  والمجتمع  في الدولة العثمانية  والذي اعتبره نموذجا حيا ما زال يعكس  هذا التطور.

 

بقلم: المستشار فواز ابراهيم نزار عطية *

 

يُعتبر القضاء الوظيفة الأساسية للسلطة التي يتعين عليها الحكم بالقانون، حيث أنه من المتفق عليه في مختلف دساتير العالم بعدم جواز والسماح لأي من السلطتين التشريعيّة والتنفيذية التدخّل في القضاء، وطبعا هذا المفهوم يختلف من دولة لأخرى وفق منهاج النظام السياسي وطبيعة الظروف المحيطة لكل دولة.

ولذلك وجود القانون دستوري في كل الدول هدفه أن يحكم به القضاء، لإقرار الحق والعدل بين الناس، بحيث إذا تدخّلت السلطات الأخرى في عمل القضاء عمّ الفساد والظلم وهو طريق انهيار حتمي للدولة.

وبناء على ما تقدم يُعتبر مبدأ استقلال القضاء القاعدة الجوهريّة في عمل السلطة القضائيّة، حيث يجب أن يتمتع القضاة بصفات معينة ورد ذكرها في مختلف التشريعات العالمية، بما تمكنهم وتؤهلهم لنظر القضايا المعروضة على مجالس القضاء، لتصدر الاحكام القضائية بما يخدم العدالة وبما يؤدي لتحقيق اقصى قواعد النزاهة والشفافية بين الخصوم، فلا يتأثر القاضي بالمصالح الشخصية أو الضغوطات الأخرى لضمان الحق العام والحق الخاص.

ومن هنا تأتي ضمانات استقلال السلْطة القضائية بصورة منفصلة عن السلطات الأخرى، وتقوم على مبدأ الاستقلال في عملها لضمان الحقوق والحريات وتطبيق سيادة القانون، مما يتعين تطويق السلطة القضائية بمجموعة من الضمانات في سبيل أداء عملها بما يحقق الاستقلال للسلطة القضائية عن باقي سلطات الدولة.

وتنشأ حالة الاستقلالية لهذه السلطة من خلال المحكمة الدستورية التي تقوم بالرقابة الدستورية على جميع القوانين واللوائح والانظمة الصادرة عن السلطتين التنفيذية والتشريعية، مما ينبغي تكوينها من هيئة قضائية مستقلة بهدف تعزيز مبدأ الفصل المرن بين السلطات الثلاث، للدفاع عن الحقوق والحريات وفق القواعد الدستورية لكل دولة، وللنظر والبت في حكم القضاء في أيّ قضية يتم تحويلها إليها من المحاكم الأخرى باختلاف أنواعها.

كما أن الاستقلال الإداري للسلطة القضائية يجب أن يكون بهدف تنظيم شؤونها الإدارية من ذاتها، بتعيين القضاة ونقلهم وعزلهم وترقيتهم ومساءلتهم عند الخطأ، بعيداً عن أي تدخّلات من السلطات الأخرى، لأن في الاستقلال الإداري ضمانة قوية للقاضي أن يحكم بالعدل دون ضغط خارجي بما يتوفر له من حماية وحصانة في حكمه القضائي.

أما بخصوص الاستقلال المالي للسلطة القضائية، فهو تخصيص ميزانية مستقلة لضمان سير العملية القضائية في الدولة، وبما يضمن انجاز العمل والمهام الموكلة للسلطة القضائية.

في سياق ما ورد أعلاه، أجد أن تطور مفهوم السلطة القضائية استقر اليوم على النحو المذكور في معظم دول العالم، لكن بنسب متفاوتة في التطبيق وفق النظام السياسي لكل بلد، معتمدا على قوة وصلابة السلطة القضائية والفهم السليم لدورهذه السلطة من خلال القائمين على إدارة هذا المرفق الحيوي والهام، وبناء على الفكر السائد في المجتمعات فيما إذا كان له دور في تعزيز استقلال السلطة القضائية لممارسة عملها بما يضمن ويحقق الفصل المرن بين السلطات الثلاث وبما يحقق العدالة المطلقة والمنجزة.

ومن هذا المنطلق، وجدت من الضرورة بمكان أن أشير لواقع السلطة القضائية في فلسطين بشكل عام وفي القدس بشكل خاص إبان الدولة العثمانية التي حكمت البلاد لمئات السنين منذ 1517 م- 1917م، بحيث سأسلط الضوء على جزيئية محددة فقط تتمثل بتطبيق استقلال السلطة القضائية من حيث مساءلة القضاة عند الخطأ وفق صحيح ما أنبأت به سجلات المحكمة الشرعية في القدس الشريف بهذا الخصوص.

ولا ابالغ في التأكيد على ما دونته سابقا في مقدمة كتابي "دور الوقف الذري بالقدس الشريف بين الواقع والمأمول في منع تهويد المدينة المقدسة وفي تثبيت النسب والحفاظ على المكتسبات"، بأن حجم وعدد الوثائق للمعاملات التي تمت في تلك الفترة، ودقة التدوين في سجلات المحكمة الشرعية في القدس، عكست نظام حياة الناس التي عاشواها، وعكست التطور الحضاري الذي تبنته الدولة العثمانية للرقي بشعبها، مما أثبت وبحق كم كانت تلك الدولة تواكب التطورات والمستجدات على مختلف الأصعدة بما في ذلك التطور القضائي، حيث كانت السجلات وما زالت تعكس المرآة الحقيقية لعزة وقوة الدولة العثمانية وتطور أدائها بما حقق بقائها على مدار أربعة قرون.

وبالتالي تسليط الضوء على واقع السلطة القضائية في القدس الشريف من حيث آلية اختيار قضاة القدس للجلوس على منصات الحكم، يستدعي الاطلاع على مؤهلات القضاة ووظائفهم قبل توليهم القضاء في القدس للوقوف على مدى استمرارية مؤهلاتهم بالتفتيش على اعمالهم.

حيث أن التفتيش على القضاة ونوابهم كان هدفه التحقق من صلاحيتهم والتحري عن اعمالهم لرفع الظلم الذي قد يسلكه بعض القضاة ولمنع الفساد، لذلك كانت سمة ولاية القضاء في عهد الدولة العثمانية تتسم بعلم القاضي بالعلوم الدينية والفقهية، بحيث كان يشترط فيمن يرغب بتولي القضاء، الجمع ما بين خبرة القضاء والإفتاء وعلم الفقه وتدريسه[1]، ولا تتأتى تلك الخبرة إلا بالإلتحاق بالمدارس الخاصة في آسيا الصغرى "المدن.  التركية"[2]، إذ يستدعي في هذا المقام الاشارة لبعض المدارس الدينية في المدن التركية مع ذكر بعض اسماء بعض قضاة القدس الذين درسوا فيها قبل تعيينهم على سبيل المثال: مدارس داخل القسطنطينية ومدارس خارج القسطنطينية.

مدارس القسطنطينية الداخلية: مثل جامع السليمانية حيث ممن درس فيها من أبناء القدس "محمد صفوتي"[3] وعُين قاضيا في القدس في سنة 1061 هجري الموافق ل 1652 ميلادي وفق صحيح السجل الشرعي رقم 146 ص 693 حجة رقم 2554، وعين نائبا له المولى مصطفى بن عثمان العلمي والمولى نور الدين بن يحيى الكناني " الخطيب"، أما مدارس خارج القسطنطينية مثل مدرسة السلطان بايزيد وغيرها...

لذلك اتبعت الدولة العثمانية في سبيل تعزيز مكانة القضاة وعدم النيل من هيبة السلطة القضائية، على أن ينصاع الجميع للشرع واحكامه: حُكام ومسؤولين اداريين وعسكرين وأهالي، و شمل هذا الانصياع تلبية المثول امام القاضي - الذي كان يمثل الاخير السلطان- والقبول بتنفيذ الأحكام،  وما تجدر الإشارة إليه أن الحجج الشرعية المدونة في سجلات محكمة القدس الشرعية تشير بكل وضوح مدى انصياع الأهالي والمسؤولين لأحكام القضاء.

كما أن واقع سجلات المحكمة الشرعية في القدس زاهرة بالتفتيش على أعمال القضاة ونوابهم، حيث عكس واقع حجج السجلات بأن العهد العثماني كان يُجري التفتيش بناء على صدور أمر سلطاني موجه إلى حاكم دمشق وقاضيها، ومن ثم ينفذ من قبل حاكم القدس والقاضي الجالس فيها آنذاك وسمي " مجلس التفتيش الشرعي"، وكانت عملية التفتيش على القاضي التي تجري على هيئة القاضي أو نوابه بالعزل عادة من مناصبهم لحين اصدار الحكم عليهم بالبراءة أو الإدانة.

في 25محرم 947 هجري الموافق ل 12/8/1566 ميلادي، أجرى مجلس التفتيش الشرعي في القدس وفق ما أنبأ به السجل الشرعي المحفوظ في المحكمة الشرعية في القدس الشريف رقم 49 ص 126-ص129، بناء على الشكوى المقدمة من محمد بن حسونة بن زريق من أهالي القدس ضد القاضي جار الله بن اسحاق، حيث اشتكى المواطن على القاضي المذكور بعدة تهم تتعلق بالفساد، وبناء على الامر السلطاني الموجه لحاكم دمشق وقاضيها وايضا قاضي القدس عبد الكريم، تم عزل القاضي جار الله من قضائه وتم استدعائه لمجلس التفتيش الشرعي الذي عُقد في القدس تحت قبة السلسة في باحة الصخرة المشرفة، وحضر المجلس القاضي المولى خلافة بدمشق "خضر بن يوسف" نيابة عن قاضي دمشق ومحمد باشا مير لواء القدس والقاضي عبد الكريم قاضي القدس آنذاك وبحضور المشتكي محمد زريق والقاضي المشتكى عليه وبحضور جمع غفير من أعيان مدينة القدس ، وتلخصت تهم الفساد بما يلي: 1- القاضي جار الله واثناء جلوسه في الحكم في القدس هدم سبيل ماء تابع لوقف المدرسة التنزكية وحوله إلى مقهى،2- وأن القاضي المذكور قاطع نوابه على ما يتحصل له من رسوم السجلات والحجج ،3- القاضي كان يشتري زيتا دون ثمن المثل من متولي وقف خليل الرحمن ليطبخه صابونا ويبيعه بعد ذلك، 4- القاضي جار الله بن اسحاق عندما عين المحضر باشي  المدعو"رعية بن رعية" كان الاخير يضيّق على المحكومين لسداد ديونهم ويأخذ زيادة عن ما يستوجب دفعه،5- القاضي جار الله تلقى رشوة بشأن تأجير دكان تم اخلاء المدعي منها بغير حق...... ولما تم سؤال القاض عن التهمة الاولى وهي هدم سبيل الماء وتحويله لمقهى، اجاب القاضي بأنه لم يهدمها بل احتكر الساحة القريبة منها من متولي اوقاف المدرسة التنكزية وعمّرها... وأوقفها لتعليم الاطفال بموجب حجة شرعية صادرة عن قاضي القدس الشرعي وتم ابرازها امام مجلس التفتيش، وشهد بصحة قول القاضي جار الله العديد من أعيان المدينة ولدى الكشف عن مكان السبيل من مندوبين من المجلس تبين بأن السبيل ما زال قائما، وأن القاضي لم يتجاوز حدود ما استحكره، فاتضح لدى مجلس التفتيش أن ادعاء المدعي ليس له اصل ولا حقيقة.

ولدى سؤال القاضي عن تهمة مقاطعة القاضي لنوابه في تحصيل رسوم من القضايا، أنكر القاضي التهمة وبعد استدعاء النواب للمجلس وسؤالهم أنكروا جميعا هذا الإدعاء، وأفادوا بأنهم كانوا يجمعون الرسوم ويدفعونها للقاضي كل شهر حسب تحصيلها، وشهد بذلك نائب القاضي في الخليل، مما تضح لمجلس التفتيش أن ادعاء المدعي بحق القاضي جار الله ليس له أصل أو حقيقة.

ولدى سؤال القاضي عن تهمة شراء الزيت من محصول أوقاف الحرمين بثمن دون المثل أنكر القاضي جار الله التهمة، وأضاف أنه لم يشتري الزيت المعني بل أذن لجمال الدين بين ربيع بشراء الزيت من مال القاضي لصالح الوقف الذي أنشأه جار الله للصرف على حفظة القرآن بقبة الصخرة المشرفة، وشهد بذلك جمال الدين المذكور وآخرون، حيث تبين لمجلس التفتيش عدم صحة الادعاء.

ولدى سؤال القاضي جار الله عن تهمة الرشوة بشأن ايجار دكان كانت قبل في ايجار المدعي، فقد أنكر القاضي جار الله ذلك واحضر المستأجر الجديد الذي أنكر التهمة وأنه استأجر الدكان من ناظر أوقاف المسجد الاقصى بأجرة المثل بموجب حجة شرعية ابرزها في مجلس التفتيش.....

وعليه ثبت لمجلس التفتيش الشرعي بأن جميع التهم الموجهة للقاضي جار الله بن اسحاق الجورملي لا صحة لها ولا اصل، وأن المدعي لم يقدم بينات لدعو دعواه.

وفي حالة أخرى ورد كتاب من قاضي دمشق شمس الدين بتاريخ الاول من ربيع الاول لعام 969 هجري الموافق لعام 1561 ميلادي وفق ما أنبأ به السجل رقم 43 ص 183 ، يفيد بإجراء التفتيش على قاضي القدس عبد الرحمن بن نصوح العثماني وعلى جميع نوابه ومترجمي محكمة القدس وكتبتها ومحضر باشي، نتيجة تقدم بعض الاشخاص من أهالي القدس بشكوى للباب العالي.....

لذلك يلاحظ أن أوامر التفتيش على القضاة ونوابهم وكتبة المحكمة والمترجمين، كانت تهدف لضبط سلوك القضاة والعملمين في السلطة القضائية ومنعهم من الانحراف نحو الرشوة والفساد، وكانت الدولة العثمانية تهدف من وجود قضاء قوي خال من الفساد والإنحراف لتعزيز سلطة السلطان، بحيث كان مجلس التفتيش فيما لو ثبت فساد أوانحراف القاضي أو نوابه يصدر احكاما بالتوصية للسلطان ضد القضاة أو نوابهم بعزلهم عن الحكم وبإخراج اولادهم عن كافة وظائفهم نظرا لظلم القاضي وتعديه على حقوق المواطنين بسلطان حكمه كقاضي، وهذا ما نلاحظه في السجل رقم 153 ص 86 تاريخ 23جمادى الاولى من عام 1070 هجري الموافق ل 5/2/1660 ميلادي، عندما صدر الامر السلطاني الموجه لمحافظ القدس وقاضيها مصطفى جاويش زاده بعزل شرف الدين الخالدي عن نيابة القضاء في المدينة واخراجه واولاده عن كافة وظائفهم نظرا لظلمه وتعديه....

قد تختلف الوسائل والأوات في سبيل اصلاح القضاء من عهد لآخر ومن دولة لأخرى، إلا أن المُلاحظ أن اصلاح القضاء وتطويره ليس بشيئ جديد، وسواء أقبلنا بطريقة التفتيش في العهد العثماني أم لم نقبله، فهي حالة كانت قائمة على النحو المذكور أعلاه وتدل على أن التفتيش على القضاة ونوابهم كان قائما ومُفعّلا.

وبالتالي أول المعايير لإصلاح القضاء على اختلاف العصور والدول تتمثل في المساءلة واخضاع العاملين في القضاء للتفتيش دون استثناء، لأن المساءلة تقوم على البناء والتطوير، لتجعل من القضاء مرفقا مميزا يساهم في تحقيق الأمن والأمان ويحافظ على الحقوق والأعراض ويعزز من الانتماء للدولة، و لعلّ من أجمل العبارات التي تُسمع أو تُقال في هذا الموضوع هي عبارة رئيس وزراء لدّولة عريقة مثل دولة بريطانيا، حيثُ قال وينستون تشرشل"حين علمتُ بأنّ قضاء الدولة البريطانية بخير أدركتُ أن بريطانيا باتت بألف خير".

وما كانت هذه الكلمات لتخرج من فم هذا الرجل، إلّا وأنه يعلم أهمية السلطّة القضائية والقضاء بشكل عام للدولة وأفرادها، فتولي منصب القضاء ليس بالأمر السهل، وليس بالمنصب المُريح، فالقاضي المكين المتين الفهيم النزيه يحمل الأعباء والهُموم ما لا تُطيق الجبال على حمله، فهو يبت في أمر الناس، ويحكم بينهم ويسعى جاهداً للوصول إلى العدل والإنصاف والرّحمة والمُساواة في الحقوق وعقاب المُذنبين، والأهم من هذا كله استغلال روح القانون والعدالة في إعطاء دروساً للمذنبين والمحاولة في إصلاح حالهم، لذا فإن من أهم الأمور التي يُقدمها القضاء للمجتمع هو العدل.

بناء على ما تقدم، إن استدامة التطوير هو جزء من الاصلاح المستمر لمرفق "القضاء"، لأن عملية الاصلاح هي مرحلة مستمرة ترتبط بمعالجة مشاكل التنمية التي تتجدد، فعنصرالزمن جزء في معادلة التنمية، فالشواهد التاريخية آنفت الذكر، تثبت مدى اهتمام الدولة العثمانية بتعزيز السلطة القضائية وتطويرها.

وهذا الأمر يجب أن ينعكس اليوم على السلطة القضائية الفلسطينية بوضع استراتيجية موحدة لمفهوم الإصلاح القضائي وفق ما أُوكل إليها حديثا في ظل تقاعس الإدارات السابقة بإجراء اصلاح ذاتي. فمرفق القضاء الفلسطيني اليوم يتعامل مع القضاء إجراءاً وموضوعاً وهيكليةً على نحو مختلف عما كان عليه في الأزمنة السابقة.

لذلك انحسار روح المبادرة بالإصلاح من داخل المؤسسة القضائية الفلسطينية سابقا، تسبب في ضمور عضلات التطوير والإصلاح الذاتي لأسباب عديدة لا مجال لذكرها في هذا المقال.

وهذا الامر جعل من تدخل السلطة التنفيذية سببا ومبررا لتجاوز الملفات الشائكة في المرفق القضائي الفلسطيني، والاستعاضة بمجلس قضاء انتقالي لإيجاد الحلول، والتي قد تكون مؤقتة للسيطرة على مشاكل جمة عانتها السلطة القضائية آخر عشر سنين متواصلة.

فالمشاكل كبيرة وتحتاج لأدوات علاجية مستمرة بمختلف الاتجاهات والمصادر والمجالات، وأول هذه العلاجات تفعيل حقيقي لدائرة التفتيش القضائي من خلال أمرين فقط، الأول: بإرفاد مفتشين من أصحاب الكفاءة والنزاهة والخبرة في العمل الإداري، والثاني: العمل على تطوير منظومة الدائرة التي تحكم عمل المفتش والمفتش عليه بمعايير مهنية عالية الضبط والجودة، وعلى أن تكون التوصيات الصادرة عن دائرة التفتيش محل تطبيق وتنفيذ من مجلس القضاء الأعلى الانتقالي والدائم فيما بعد.

وأخيرا لست بصدد الحديث عن مدى تعاون مجلس القضاء الأعلى الانتقالي مع دائرة التفتيش القضائي حاليا، لأن في ذلك اطراء ومديح غير مستحب، ولكن نترك الحكم على هذه العلاقة بمرور المدة التي حُددت للمجلس الإنتقالي ومدى تجاوبه مع خطط الاصلاح التي ستكون الدائرة خير مُعين له في سبيل تعزيز التطوير المستدام ما استطعنا لمرفق القضاء الفلسطيني، مع ضرورة الإشارة إلى أن إصلاح القضاء الفلسطيني لا يمكن قطف ثماره بالصورة التي نتمناها بمعزل عن اصلاح منظومة العدالة ككل، أي إصلاح صناعة المحاماة وعمل النيابة العامة.

 

راجع بهذا الصدد مجلد قضاة القدس الشريف ومجالس حكمهم للمؤلف د. "محمد علي "مصطفى العلمي ص 70.

[1] راجع المصدر السابق ص 71.

[1]  القاضي محمد صفوتي هو ابن علي بن الشيخ ابراهيم السافوطي، وكاتب المقال أحد احفاد الشيخ ابراهيم الذي اوقف بعض من عقاراته في منطقة باب الخليل  مقابل القلعة واقع السجلات لمحكمة القدس الشرعية تشير إلى اختلاف صياغة كتابة صفوتي فتارة كانت تكتب سافوطي وتارة اخرى صافوطي وتارة ثالثة تكتب صفوتي وتارة رابعة تكتب سافوتي بحسب الكاتب في المحكمة لكن في الغالب كانت تكتب صفوتي، راجع السجل رقم 174 ص11 كُتبت الصافوتي، والسجل رقم 264 ص 163 الصافوطي، وسجل رقم 282 ص 50 السافوتي، والسجل رقم 300 ص 41 الصافوتي ، والسجل رقم 315ص89 السافوطي، والسجل رقم 374 ص29 صفوتي. وبموجب حجة وقف الشيخ الصدر الاجل الكبير المحترم ابراهيم بن محمد الصافوطي سجل رقم 72 ص2.

  

*   المستشار فواز ابراهيم نزار عطية  الشهير "زريق السافوتي" قاضي المحكمة العليا الفلسطينية