• 30 تشرين أول 2019
  • مقابلة خاصة

 

 كتب خليل العسلي رئيس تحرير "أخبار البلد"

 عندما اجتمعت معه لأول مرة في مكتبه في عمان قبل عام  كان الحديث صريحا ومريحا بعيدا عن الدبلوماسية  الرسمية والمراوغة ، تحدث باريحية وثقة عالية عن علاقته المميزة بالأردن .

 تحدث السفير الصديق مراد كراقوز كثيرا  ولكن كان به غصة بسبب التعاطي الإعلامي المحلي بالشأن التركي ، حيث يؤمن ان على الإعلام ان يكون رافعة للتقارب بين الشعوب وليس مجرد ناقل للحدث وفق التعليمات . وكانت به غص من التراجع عن اتفاق التجارة الحرة بين تركيا والأردن، فلقد كان يعتبر هذه الاتفاق هو لصالح الأردن والاقتصاد المحلي أولا .

 ومر عام كنت اتابعه عبر وسائل التواصل الاجتماعي فهو من انشط  الدبلوماسيين في هذه الوسائل لايمانه بأهميتها وفي إيصال رسالته  باسم تركيا ، التقيت به بعد عام  وايضا في عمان في أمسية تركية وفق الأصول والنكهات والأجواء  في اطار الاستعداد لإطلاق عام الثقافة التركي الأردني في العام القادم .  فلقد كان السفير مراد كراقوز في هذه الأمسية بكامل الاناقة غير الرسمية وبكامل نشاطه رغم انه قضى يومه ما بين افتتاح معرض رسم تركي ، وما بين محاضرة عن اثار تركية ، وما بين استقبال وفد رسمي تركي ، وتوقيع اتفاقية .

 اقتربت من السفير حيث كان قد حللنا ضيوفا على طاولته الخاصة مع عدد من السفراء ، وقلت له هامسا : لقد اتفق السفراء الأجانب في عمان على انك السفير الأكثر اناقة بينهم ، والأكثر نشاط ،  فابتسم وقال: هذا من ذوقك ! رغم انني كنت انقل له فعلا ما اخبرني به عدد من السفراء التقيتهم ذاك الأسبوع في عمان .

 ومع اقتراب انتهاء فترة عمله في عمان التي احب ، والتي عشق والتي عمل فيها من اجل التقارب بينها وبين انقرة  ، لا بد من كلمة حق تقال بحق هذا الدبلوماسي التركي كلمة لا نبغى من وراءها لا مدحا ولا مصلحة ، فهذا السفير مراد كراقوز يعتبر وبحق  خير سفير يمثل بلده ، وخير رسول للتفاهم والسلام والمحبة بين الشعوب، فلقد تمكن خلال فترة ترأسه للعمل الدبلوماسي  التركي في عمان من  تحقيق إنجازات كثيرة بادية للعيان ، ويعرفها المواطن قبل المسؤول، كما انه تمكن من زحزحة العلاقات  جموده الى الامام  وجعلها اكثر مرونة وتعاونا وتقاربا بل واكثر استراتيجية ، فبعد تقريب وجهات النظر بين المسؤولين في  البلدين ، اصبحت تركيا وجهة السياحة الأولى بلا منازع للأردنيين الذين يعتبرونها بيتهم الثاني .

انه ليس من السهولة بمكان ان تجد سفيرا يعيش بين الشعب ويمكن رؤيته والحديث معه، كالسفير مراد ، وليس سفيرا قابعا في برجه العاجي ، كما انه ليس من السهولة ان تجد سفيرا يعمل جاهدا لإحداث التقارب بين البلدين ، لإيمانه العميق بأهمية هذه العلاقات بين الشعوب أولا وبين الحكومات لاحقا ، وليس من السهولة ان تجد سفير لا يعاني من حالة الجمود والاكتفاء بالحد الأدنى من الظهور العام ، ليعمل وفق البرتوكول فقط .

 اما السفير مراد كراقوز فلقد كان النقيض من كل ما سبق ، هو جيل من الدبلوماسيين الاتراك الذين  يؤمن بضرورة  سد الهوة بين الشعوب في المنطقة اوما اسماه ارشد هورموزلو كبير مستشاري الرئيس السابق عبد الله غل ب" البرغماتية الأخلاقية" في كتاب يصدر قريب .

  ولهذا فان غياب السفير مراد كراقوز عن الساحة الدبلوماسية الأردنية التركية في هذا الوقت بالذات يعتبر خسارة للبلدين، وكما قال سفير احدى الدول في تلك الأمسية يجب ان نمنع نقلك من عمان ، فانت سفير ناجح وخلقت جوا غير معتاد في المجتمع الدبلوماسي  في العاصمة عمان .

 نقول للسفير الصديق مراد كراقوز لقد سعدنا بالتعرف اليك  والجلوس معك، وسعدت الأردن باستضافتك بين جنباتها ، نتمنى لك مزيدا من النجاحات الدبلوماسية في الساحات الدولية باسم تركيا ...فانت وبحق مثلا يجب ان يحتذى به في المدرسة الدبلوماسية التركية والعربية والعالمية أيضا

 نقول الى اللقاء يا صديقي  السفير مراد كراقوز ولا نقول وداعا