• 12 نيسان 2020
  • مقابلة خاصة

 

 إسطنبول – أخبار البلد-  في الوقت الذي تعيش فيه تركيا عامة ، إسطنبول بشكل خاص أجواء غير مسبوقة في مواجهة فيروس كورونا الذي ادخل المدينة الجميلة بحالة حظر تجول وحولها بين ليلة وضحاها أي مدينة اشباح، خلت من البشر وبقيت الطبيعة تسيطر ، في هذا الوقت بالذات انضم جامعة إسطنبول الى الموجة التي تنتشر هذه الأيام  من اجل التخفيف من وطأة الجلوس في المنازل لفترات طويلة  في اطار شعار خليلك بالبيت من اجل منع انتشار الكورونا ،

 ولهذ فلقد اطلقت رئاسة جامعة إسطنبول، برعاية رئاسة الجمهورية التركية، وبالتعاون مع الأمانة العامة للبرلمان التركي، واتحاد القصور الوطنية، مشروعًا للحفاظ على مجموعات الصور الخاصة بالسلطان عبد الحميد الثاني في مكتبة الأعمال النادرة. بحيث تتيح جامعة إسطنبول الآثار الموجودة من صور وألبومات للسلطان عبد الحميد، الوصول إليها عبر الإنترنت ليستفيد منها الباحثون.

 ويذكر ان العمل بهذا المشروع قد بدا قبل سنوات بحيث تم  ترقيم قرابة الأربعين الف صورة في 918 ألبوم، بهدف الحفاظ عليها كتراث ثقافي وحمايتها من التلف ونقلها إلى الأجيال القادمة.

تعتبر هذه المجموعة بأنها أكبر أرشيف مرئي في القرن التاسع عشر، وهي صور التقطت في عهد السلطان عبد الحميد الثاني. وتوفر للمهتمين والباحثين والمؤرخين فرصة التعرف على التاريخ الاجتماعي والثقافي والاقتصادي والسياسي لتلك الفترة الهامة في تاريخ الشعوب .

وفي حديثه لوكالة الانباء الاناضول  أشار الدكتور محمود أك الأستاذ في جامعة إسطنبول إلى أن مجموعة صور السلطان عبد الحميد الثاني مشروع مهم بالنسبة للميراث الثقافي لتركيا، وذلك في اتصال مرئي مع وكالة الأناضول أجاب فيه عن أسئلة عن المشروع.

تطرق أك في حديثه إلى المفهوم الرئيسي لفلسفة كتاب "سياحة نامة" الذي كتبه الرحالة أوليا جلبي في القرن السابع عشر، وقال إنه لم يشتمل على معلومات جغرافية أو تتعلق بالسفر فقط، بل على عدة جوانب تتعلق ببنية الدولة، من اللغة إلى الفن، ومن الأنثروبولوجيا إلى الجغرافيا، لذلك كان كنزا ثقافيا نقل إلى المستقبل.

شبه الدكتور أك مجموعة السلطان عبد الحميد الثاني بكتاب "سياحة نامة"، إذ إن السلطان خطّط لتسجيل الأحوال داخل الحدود العظيمة للدولة العثمانية بمجموعة من الصور، وقال أك: "المشروع فريد من نوعه وكبير الحجم من حيث التاريخ الإداري العالمي والأنشطة الفنية، إنه ثروة من أمتنا وبلدنا".

وأشار إلى أن مجموعات الصور "وضعت تحت الحماية بأمان في جميع المناخات منذ 100 عام، وحفظت كلها من الأغلفة الجلدية إلى الصور بداخلها. هناك 36585 صورة في 918 ألبوما، تكشف تفوق الدولة في العلاقات الدولية كونها مؤسسة حضارة"، مضيفا أنه قد تم إرسال  ما يقرب من 1700 صورة في 51 ألبوما إلى المتحف البريطاني ثم إلى واشنطن.

وذكر أك أنه "بالتركيز على تفاصيل مئات الصور يمكننا مشاهدة كل شيء تقريبا ونستطيع أن نرى ما لا يرى بالعين المجردة، نظرا للتطور التكنولوجي الذي يوفر خاصية تصغير وتكبير الصور. ويمكن كذلك تعقب نسب العوائل لكل من كان تحت الحكم العثماني في ذلك الوقت ليس  في تركيا فقط، وملاحظة عادات الأشخاص بالضبط من الملابس والأحذية التي يرتدونها إلى نوع القماش في ذلك الوقت، وما يسمى اليوم بالموضة".

كما أعرب عن سهولة الوصول إلى المشروع عبر التكنولوجيا الرقمية، وقال في هذا الصدد: "الترقيم ليس شيئا سحريا، ولإدراج الصور دون أن يتضرر الجلد، تم تنظيفها بفرش خاصة، وتصويرها رقميا بأجهزة خاصة عالية الدقة، ثم تخزينها في نظام مكتبة الأعمال النادرة"، مشيرا إلى أن المشروع نُفّذ من قبل موظفين متخصصين من اتحاد القصور الوطنية بالتعاون مع مرممين وخبراء فنيين، وأن النظام يستخدم طريقة لتحديد الشخصية البصرية تسهل تصفح المجموعة.

التقطت الصور بثلاث أشكال مختلفة خلال التحضير الأولي  و فهرسة الصور ، وصلت إلى حوالي 75 ألف صورة ، نقلت الصور من نظام الشبكة إلى وحدات النسخ الإحتياطي و تقنية السحب ، استمرت هذه المرحلة عاما كاملا ، يعد المشروع في مرحلته الأخيرة لم ينتهي إعداده ، تجري إعادة صياغة الألبومات التي هي مصدر للأفكار للباحث من وجهة نظر فلسفية 

تولى تنفيذ الجانب الفني من المشروع قسم الترقيم التابع لوزارة دائرة المكاتب والتوثيق، الذي خطط للتحضيرات الأولية في عام 2013، وشكّل فريقا لتحديد المعدات التقنية المناسبة ووضع توصيف وظيفي لكل مرحلة، ولتنفيذ هذه المهام تم تدريب الموظفين الذين شرعوا بالعمل لاحقا.

وكان السلطان عبد الحميد الثاني قد اعتبر هذه الصور وسيلة للتعرف على أمريكا وأوروبا وبعض دول الشرق الأقصى بالكشف على مواضيع تتناول الجمال الطبيعي للمدن، والقصور، والمصانع، والسفن، والأسلحة، ومختلف المنتجات الصناعية، والمتاحف، والأعمال الفنية، وكبار الدولة ورجال الدين.

وتعرض أغلب الصور مدنًا، وجُزُرًا، وقلاعًا، وجسورًا، ومراكز شرطة، ونوافير، ومساجد، ومقابر، ومدارس، ومستشفيات، وقصورًا عثمانية، ومناظر بانورامية للمدن، وعروضًا رياضية، واحتفالات وزيارات رؤساء أجانب لإسطنبول والقدس.

كما تشتمل الصور على عدة مواضيع أخرى مثل المصانع، والسفن، والسكك الحديدية، والمحطات، والمعارض، والمزارع، ومجوهرات القصر، ومسارح القصر، والأمراء، والسلاطين، والضباط، والمساعدين وصورا جماعية من مختلف القطاعات.