• 6 آيار 2020
  • مقابلة خاصة

 

بقلم : الباحث  مازن أهرام

 

أنَاخَ طائر الفينيق الأُسطوري على سور القدس الأكثر فخامة بين أبواب القدس من ناحية الزخارف والارتفاع ،فهو باب العامود بات اليوم من النفائس التاريخية الأثرية في مدينة القدس، وصرح تاريخي مميز،

خفض طائر الفينيق جناحيه من الرحمة  أحدهما على حارة  سوقية الزيت  وجناحه  الآخر على حارة الواد مُنخفضاً قليلآ وكأنه  أراد  أن يوسد رأسه  بجناحه نحو الوادي المنحدر

أسطورة الفينيق بعض الذين يعرفون هذه الأسطورة لا يعلمونها على حقيقتها المرتبطة بأرض كنعان والمتميزة عن باقي الأساطير المنتشرة في أمصار العالم القديم كافة، أسطورة الفينيق كنعانية المنشأ بلا ريب، أي أنها نبتت في طائر الفينيق يمثل الخلود والحياة الأبدية، ويمثل السلام والمحبة، ويحس بآلام البشر على الأرض. وميزة طائر الفينيق أنه يُحيي من رماده ويشفي من دمعه. إذا بكى على أيِّ جرح يبرأ. وإذا مرَّ، ترك وراءه رائحة المر واللبان. وحدهم الحكماء والكهان وأصحاب البصيرة المفتوحة يبصرونه؛ لكن عند موته يمكن أن يشاهده الجميع

بداية الدرب  نحو الإنحداااار

 نُشاهد بدايةً سبيل الثوربجي

حوض لطيف  لوضع الماء  مبنيا بالرخام  وأحجاره الملونة , يطل على الشارع ألأعظم  من الجهة الشمالية  بشباكين  من الحديد  بها شمعة  لطيفة  فارقة بينهما  وجعل  له  طاستان  بساعدين  لطيفين  نحاسا  بهما زنجيران  حديد معقودان  بالشباكين  المذكورين  بكل شباك , بناء  تعلوه قبة  وواجهة عليها شدروان

كــي يستقى منه عطاشى الواردين  ويشرب الشارد والوارد، والبادي والحاضر، والكبير والصغير، والقوي والضعيف، والذكر والانثى، من سائر عباد الله تعالى من الانام  بلا تحريج على احد وفي هذا نظرة شمولية وانسانية في فعل الخير

 نفقد  طاسة الثوربجي التي كانت معقودة بزنجير كما فقدنا صواع الملك ؟ ولما فقد الأمل  بالعثور على طاسته

 رحل  الجوربجي   كان يروي  العطاشى  الواردين  وأضحى مكانه  مُصلى لطيف

عبد الكريم الجوربجــي انشا السبيل        كــي يستقى منه عطاشى الواردين

يـرجـو بـه الـزلــفــى من الله الجلــيـل     والمن والاحـسان من مولـى معين

يـــا فـــاضـلا بــــادر الـــى تاريــخــه     وقل شرابا من سلسبيل أو مــعين

 وفي الجهة المقابلة يوجد المقهى العتيق .

 إرتقى الحكواتي على كرسيه  فوق المنضدة في زاوية المقهى صوته يملأالمكان  وسط الجموع   ليخبر القوم ويقص  عليهم أحسن القصص

 قصة الهلالي   وشجاعة  عنترة العبسي وعبله  وحفاظه  على عرضه  ونخوة المعتصم يلتف حوله جموع من عشق   الحكايات  وإستأنس الروايات  يحتسون القهوة  الممزوجة بالبهارات يروي تاريخ الأمجاد   فتارةً يُدغدغُ  مشاعر الحضور  وتارةً  يُلهب  الحمية

 يا قارئ التاريخ  هل بقي لنا نخوة؟

 وينحدر المسير   نحو القنطرة الأولى  لم نجد سوق  الطواحين  ونسمع جعجعة  ولانرى  طحين  فهو سوق  الغلال والحبوب وقد أصبح أثراً بعد عين .

 لنواصل  سيرنا  وينحدر الدرب  وقد إختفى   عن الأنظار  سوق الجبانة  وباعة  الأجبان  كانوا يتوافدون عليه   يحملون أزقة  الزبدة  ومواعين  الألبان  والجميد  تفوح منها رائحة  السمن البلدي و مِمَّا تُنبِتُ الْأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا) لعلهم يرتزقون

 وينحدر الدرب  نحو القنطرة  الثانية

 وقد نزف  جرح  غائر  فوقها  في ليلة  ظلماء  بيعت بثمن  بخس  دراهم معدودة  وأضحى  الغريب يجثوا عليها وفوق نوافذه  المطلة على الطريق  إنتصب الشمعدان السباعي مُعلنا أن الدار ليست تلك الدار وأن السكان ليسوا هم السكان

أي جرح في فــــــؤاد المجد غائر                

أي موج فـــــــــي بحار الذل هادر                                  أي حــــــــــــزنٍ أمتـــــــــــــــي

أي أشجـــــــــــــــــان تشاطـــــر                                  أمتـــــي ياويــح قلبي ما دهاك

دارك الميمون أضحى كالمقابر                                       كــــل جزء منك بحر من دماء

كل جزء منك مهدوم المنابـــــر                                      تغرس الرمح الدنيئة في سطور

العـز والأمجاد ترمقها البصائر                                          كـم هوت منا حصون غير أنا 

نفـــــــتح الأفواه في وجه التآمر                                      ذلك الــوجه الذي يلقى قضايانا

كما يلقــــــى الطــرائف والنوادر                                       أيها التأريــــــــخ لا تعتب علينا

مجدنــا الموؤود مبحوح الحناجر                                        أي موج فـــــــــي بحار الذل هادر

دارك الميمون أضحى كالمقابر                                           كــــل جزء منك بحر من دماء

كل جزء منك مهدوم المنابـــــر                                           تغرس الرمح الدنيئة في سطور

نفـــــــتح الأفواه في وجه التآمر                                           ذلك الــوجه الذي يلقى قضايانا

كما يلقــــــى الطــرائف والنوادر                                         أيها التأريــــــــخ لا تعتب علينا

مجدنــا الموؤود مبحوح الحناجر                                          كيف أشكو والمسامــــع مغلقا

و الرجــــــال اليوم همهم المتاجر                                         ثلة منـــــــــــهم تبيع الدين جهرا

إنمـــــــــــــا العيش الذي نحياه ذل                                        نرتضي حتى وإن دنت الكــــــواسر

أيهـــــــــــا التأريخ حدث عن رجال                                     عن زمــــــــان لم تمت فيه الضمائر

هـــــــــــــل ترى يا أمتي ألقاك يوم                                       تكتبين لنا مــــــــــــن النصر المفاخر

ذلك الحـــــــــــــلم الذي ارجوه دوماً                                     أن أراك عـــــــــــــــــــزيزة والله قادر

وينحدرالدرب  نحو

مسجد درغث آغا الذي وقف عقارات وربعة شريفة في قبة الصخرة المشرفة.  وأن أوقافه تشمل  العمائر فهو طورغود أغا  بن محمود  بك الزعيم وكانت أهم  وظائفه  عندما  تولى مشيخة العمارة  العامرة أنشأ وأوقف  جملة  من العقارات  في حارة  قناطر خضير   وبالقرب  من قلعة  القدس كان  أبرزها  مكتب لتأديب  الأولاد  ومصبنة  عُرفت  باسمه  امتلك  الرقيق  والجواري وأعتقهم  في حياته .وأورثها للإجيال  جيلاً بعد جيل  لصونها والحفاظ عليها .

 وفي الجهة المقابلة  نجد النزل النمساوي (مستشفى الهوسبيس )بني  عام  (1756م)

دشن هذا البناء الفاخر عام 1858 كنزل فاخر لحجاج الاراضي المقدسة بدعم من حكومته و قد استضاف النزل امبراطور النمسا فرانس جوزيف عام 1869 خلال رحلته واغلق المستشفى وارجع الى مالكه الاصلي حكومة النمسا واعيد افتتاحه كنزل للحجاج ومعلماً يؤمه الزوار .

جديرا بالذكر ان الملك عبد الله الاول قد لفظ انفاسه الاخيرة في هذا المشفى بعد اصابته بأعيرة ناريه في باحات المسجد الاقصى .، تم اغلاق مستشفى الهوسبيس في  10/5/1985 الذي عالج الفلسطينيين دهراً من الزمن  في القدس

يفصل الدرب المؤدي لحارة الغوانمه لنشاهد أثراً( لحمام السلطان) الذي رحل عنه السلطان فلم  يحلوا  له طِيب العيش بحارة الألآم  أضحى البناء  كنيسة أوجاع العذراء أو بطريركية الأرمن الكاثوليك هي دير وكنيسة للأرمن الكاثوليك اُنشئت عام 1872 داخل أسوار البلدة القديمة لمدينة القدس، في حارة الواد على قطعة الأرض المعروفة بـ "حمام السلطان"  نبي الله عيسى بن مريم عليه السلام  لم ينهكه التعب   بل لمن أحدث الشغب  فما زالت  مراحل  الألم تنهش بنا .

 وفي الجهة المقابلة وعلى قارعة الطريق  يقبع مقهى الباسطي  العريق   جلس  ذاك الكهل  معتمراً كوفيته  وفوقها  العقال  الأسود  حُزناً  على  ما  ضاع  حِداداً , يحتسي  كأًساً  من الشاي  ( الزنجيل) وأمامه طربيزة عمودية  سيقانها  الثلاثة  إلتفت كالضفيرة  وفوقها  صُنية  نُحاسيةً مهذب ُأطرافها  تنعكس عليها  أشعة  الشمس  في ساعة الظهيرة  وكأن الشمس  سطعت بها, يرتشفُ  الكهل  رشفةً  من كأسه  ويُضيف مرةً ثانية  قليلآ من السكر  ليحلوا  زمانه  بعد أن  ذاق مُر الحياة  ُيسدل  أطراف قُمبازه على ساقيه العاريتين  ويشدُ مئزره  عليه  وفي عنقه  جدلة  من صوف نسجتها  زوجته  بألوانها الأخضر والأحمر والأسود  يعقد  بها مفتاح  بيته  لعله يعود  إلى يافا  ولسان  حاله   يقول (ماأحلى العودة إلى يافا)

وينحدر الدرب  نحو المسير، أتنفس الصعداء أرفع رأسي  نحو السماء  أجهش بالبكاء  أجد رايات يتوسطها  خطان  متوازيان  أزرقان  وعلى جهة المقابلة   عقبة المفتي  الحاج أمين  أسأله لعله  يجيب أين  البوارق  يا شيخنا  وأين  الدفوف وقرعات الطبول  ولسان الحال يقول:

 لقد أسمعت لو ناديت حيا         ولكن لا حياة لمن تنادي

أين أنت صلاح الدين  وأين القدس التي حرصت عليها و عرفتها وصليت بها أين المنبر  الذي  إرتقيت عليه  يوم الفتح ؟

وينحدر الدرب  نحو الطريق  نحو المعماري  بيرم  جاويش

وبيرام جاويش بن زين الدين مصطفى السباهي جاء إلى القدس من دمشق في العام 1528 م

 وتولى عدة مناصب، وقد أشرف على جلب مهندس سور مدينة القدس محمد جلبي النقاش، والإشراف على بناء وترميم سور المدينة. قدّم بيرام كل هذه الخدمات وترك خلفه المباني ليختار أن يحيا و يموت في القدس.

 وعلى خطوات من الدرب نجد مقام مريم الزنارية  صاحبة ألف ليلة وليلة  وقد نسجت أساطير  وحكايات أحبت السُكنى في عاصمة السماء .

 ثم  بضع خطوات من باب سوق القطانين؛ إذ لا تبعد عن بضعة أمتار في اتجاه الشمال الغربي نلقي التحية على  الأمير الطنبغا المعلم السيفي الملكي الظاهري، المتوفي في سنة (798هـ/1395م فهو أمير مملوكي يحمل رتبةً عسكرية

تتصف التربة بالبساطة والضيق.شكلها أقرب إلى الاستطالة في امتداده من الشرق إلى الغرب.وهي مسقوفة على مستويات مختلفة، فالجزء القائم فوق القبر اعلى من الجزء الغربي منه، وفيه محراب بسيط في الجدار الجنوبي. أما مدخلها فهو ضيق ومنخفض ينتهي بعقد حجريمدبب. ولعل ضيق التربة بسبب زحف المجاورين عليها

فلاحول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

 وفي الجهة المقابلة :

سوق القطانين الشرقي من أجمل أبواب مدينة القدس قاطبة، وتعلوه زخارف مملوكية فريدة، كالمقرنصات والأقواس ونظام الأبلق. سمي سوق القطانين بهذا الاسم في الفترة العثمانية، لأن حوانيته اختصت بتجارة القطن القادم من مصر، فقد كان يصنع في القدس ويصدر للعالم

ويُطلق على السوق أيضا اسم سوق العتم بسبب إضاءته الضعيفة، إذ تدخله أشعة الشمس عبر ست فتحات (فضّايات) في السقف المكون من أقواس عالية وضخمة فيها متعة بصرية لناظريه     والنظر  إلى نهاية السوق  نسمع الآذان يصدع على مآذن المسجد الأقصى المبارك  فنرى  من خلال الباب المؤدي للمسجد قبة الصخرة المشرفة ذلك البناء الذي يغطيه قبة ذهبية اللون روعة في الجمال وإبداع في الاتقان وراحة للنفوس  وملاذ  المؤمنين المرابطين  الصابرين نستذكرالحديث لعلنا  نحن

: قال صلى الله عليه وسلم: "لا تزال طائفة من أمتي على الدين ظاهرين، لعدوهم قاهرين، لا يضرهم من خالفهم إلا ما أصابهم من لأواء، حتى يأتيهم أمر الله. فالحمد لله لم يغلق باب مدينتنا   تعاودني الهمة   وأنشط من جديد  وينتهي  بنا الدرب   في نهاية المطاف   إلى حائط البراق  ولعله  يأتينا  البراق  ويرقى  عليه  صاحب  الزمان  ليحكم بالقسط  والميزان    وبالعدل والإحسان

ألم يأن آوان التغير  ألم ننفض عنا أمراض النفوس  ألم نتكلم  لغة الضاض وديننا واحد (﴿إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾