• 22 حزيران 2020
  • مقابلة خاصة

 

" يشرفنا في شبكة أخبار البلد أن ننشر مقالة سمو الأمير الحسن بن طلال حفظه الله والتي وصلتنا من مكتبه مباشرة، فهي تحمل الكثير من العبر والمعاني وفيها الحكمة التي يمتاز بها سمو الأمير الهاشمي "

 

بقلم : سمو الأمير الحسن بن  طلال

 

يستند الموقف الأردني الفلسطيني خصوصا والعربي عموما في ما يتعلق بما يسمّى بـ”صفقة القرن” على موجبات المنطق والضمير ومقاييس النزاهة والشرعية الدولية، وليس إلى تأويلات أحادية ضيقة، كما هو الحال لدى الجناح الإسرائيلي المتنفذ.

يقوم الموقف الإسرائيلي على نقد معاني المحتوى السياسي المُعلن لهذه الصفقة، كما عبَّر عن ذلك خطابا رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو في واشنطن بتاريخ 28 يناير 2020، واللذان يُستبان منهما – رغم الاختلافات اللغوية بين الخطابين – أن الصفقة تنقض الأسس التي يقوم عليها مبدأ السلام الشامل والعادل والدائم.

وهذا ما يُفرِغ العملية السلمية من مضامينها، ويجعلها مجردة من أي أسانيد في الاتفاقات السابقة والقانون الدولي، وبالتالي نقض مشروع السلام الذي تقدّمت به إدارة الرئيس جورج بوش الأب عام 1991، وتحييد مبادرة السلام العربية التي أقرّتها قمة بيروت في عام 2002، وذلك بدلا من الدعوة لاستكمالها والبناء عليها.

إن حصار السلام في زوايا من القلق، وانتفاء القدرة على إبقائه واستمراريته بالحيلولة دون حلّ الدولتين، وعدم حصول الشعب الفلسطيني على حقوقه في أرضه وفي دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وفرض الأحادية في تقرير الحلول، كل ذلك سينقل المنطقة والعالم إلى المزيد من التوتر، ومحاذير ضرب الاستقرار في اتجاهات تخدم أجندات التطرف والإرهاب، وضياع الفرص الحقيقية لإقامة مجتمعات مدنية في الإقليم تُصان حقوقها في التنمية والكرامة الإنسانية.

لقد ظل الأردن بقياداته المتعاقبة يسعى إلى إحقاق السلام منذ الخمسينات من القرن الماضي، وفي الوقت نفسه بقي محافظا على نهج الوضوح الذي لا لَبْس فيه نحو السلام المبني على فكرة حل الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية، وتعايشهما من خلال مفاوضات ثنائية تستند إلى قراري مجلس الأمن (242) و(338)، والاعتراف بكرامة الشعب الفلسطيني وممارسته لحقوقه المشروعة في تقرير مصيره على أرضه وترابه المستقل.

وفي ما يتعلق بمستقبل العلاقات بين المملكة الأردنية الهاشمية ودولة فلسطين الفتية، فإن هذا يتم تحقيقه ضمن مسار تفاوضي بين دولتين شقيقتين تجمعهما علاقات وطيدة وثوابت ومصالح استراتيجية مشتركة. فوفقا لقواعد القانون الدستوري، فإنه يشترط عند ترتيب أي علاقات ثنائية تتعلق بالإدارة والحكم أن تكون الدولتان المعنيتان قائمتين وتتوافر فيهما عناصر قيام الدولة المتمثلة بالشعب، والإقليم الواضح المعالم، والسلطة السياسية العليا التي تتمتع بالشخصية المعنوية المستقلة، وبالسيادة الكاملة على جميع أنحاء الإقليم وعلى الأفراد على قدم المساواة.

بعد توقيع اتفاقية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين في أوسلو، والتي تبعها اتفاق الأردن وإسرائيل في عام 1994، أرسل شقيقي الملك الحسين بن طلال – رحمه الله – رسالة إلى حكومته أكد فيها على حق الشعب الفلسطيني في أن يتمتع بكامل السيادة على أراضيه ومقدراته. ولما كانت

بنود رسالة الدعوة التي وُجِّهت إلى الدول العربية وإسرائيل للمشاركة في مؤتمر مدريد للسلام في عام 1991 تشير إلى أن قيام الدولة الفلسطينية كان سيحصل خلال خمس سنوات، فقد نبّه جلالة الحسين – رحمه الله – حينئذ إلى أنّ منظمة التحرير الفلسطينية هي التي ستتولى التفاوض من أجل تحقيق هدف إنشاء الدولة الفلسطينية المستقلة.

إلا أن هذا الترتيب لم يكن يعني عدم قيام الأردن بالتنسيق الكامل مع السلطة الفلسطينية وإسرائيل لضمان أن تكون نتائج ذلك السلام متناسقة ومُعتَبِرة للمصالح الأردنية العليا تجاه إحلال السلام نفسه، مبنية على استشراف المستقبل حيث الاستقلال المتكافئ بين المملكة الأردنية الهاشمية الدولة الناجزة ودولة فلسطين المستقبلية، إلى جانب التأكيد على المسؤولية الأردنية التاريخية تجاه القدس الشريف ورعاية الهاشميين للأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية فيها، وترسيم الحدود بين الأردن وفلسطين، ومسألة اللاجئين، والترتيبات الأمنية، والمياه الجوفية، والتبادل التجاري مع دولة فلسطين.

عندما التأم مجلس النواب الأردني بعد إعلان وحدة الضفتين بممثلين عن الضفة الغربية في أبريل عام 1950، اشترط هذا المجلس ألّا يخل قرار الوحدة بحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني. فالوحدة بين الضفتين كما صوّت عليها نواب الشعب الأردني والممثلون الشرعيون عن عرب فلسطين، لا تخرج عن كونها إجراء وقتيا لمواجهة التهديدات التوسعية الصهيونية. فالوحدة كما وصفها أخي الحسين – رحمه الله – كانت مؤقتة ومشروطة، وتهدف إلى تمكين الأشقاء الفلسطينيين من إدارة شؤونهم الداخلية. فهي لم تكن بديلا عن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة التي وافق عليها المجتمع الدولي، وعززها بقرار قبول عضوية دولة فلسطين كعضو مراقب في الأمم المتحدة.

إن الأردن بقبوله هذه القرارات الأممية منذ صدورها حتى يومنا هذا، أرسل رسالة دولية مفادها أن وحدته مع الضفة الغربية كانت لمصلحة الجانب الفلسطيني. فهو اعتبر الضفة الغربية وديعة لديه يجب أن تُحتَرَم، وتُعزَّز بالمعنى القانوني الذي يُفرّق بين الوديعة والحق في الملكيّة، وذلك من منطلق المسؤولية التاريخية التي حرص حكام الأردن عليها، وتناقلوها في ما بينهم للحفاظ على الحق الفلسطيني، وتوفير الشروط الملائمة لضمان السلم والاستقرار والأمن الحقيقي في المنطقة على أساس التنمية المتكاملة للإقليم.

وما كان قرار الأردن في شهر آب – أغسطس من عام 1988 بفك الارتباط القانوني والإداري مع الضفة الغربية إلّا توطئة لإحلال السلام الفلسطيني الإسرائيلي المقبول من كليهما، وإفساح المجال أمام الجانب الفلسطيني لممارسة مسؤولياته نيابة عن الشعب الفلسطيني، وذلك حسب مقررات القمة العربية في الرباط عام 1974.

الشعب الأردني كما قررته المادة الأولى من الدستور يعتبر جزءا من الأمة العربية، وهذا الحكم يستتبع بالضرورة أن تحترم كل من القيادة والشعب القرارات التي تصدر عن القمم العربية، والتي من ضمنها الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب الفلسطيني.

ومع أنّ البعض قد وصف الموقف الأردني حينذاك بأنه كان مترددا في قبول ذلك القرار، إلا أن ذلك لا ينفي اعتقاد الأردن بأنّ الخلاف مع إسرائيل هو خلاف عميق عربي قومي صهيوني قومي، وليس فلسطينيا إسرائيليا فحسب. ومع هذا، فقد قَبِل الأردن بذلك القرار مع أن الضفة الغربية قد أصبحت جزءا لا يتجزأ من الأراضي الأردنية في عام 1950، حيث اعتُبِرَت في قراري مجلس الأمن 242 و338 أراضي أردنية محتلة. فالقانون الأردني قد ملأ الفراغ التشريعي في الضفة الغربية في فترة ما بعد وقف العمل بالقوانين العثمانية والبريطانية، إلى أن بدأ تطبيق النظام القانوني والإداري الإسرائيلي في الضفة الغربية، وذلك على المستوطنين الإسرائيليين الذين تم توطينهم فيها.

لا يملك الأردن إلّا أن يظلَّ وفيّا تجاه الحقوق الفلسطينية المشروعة، يدافع عنها، ويتصدر خطابه في ذلك كافة المحافل الدولية والإقليمية، والاجتماعات الرسمية الثنائية ومتعددة الأطراف.

لقد استثمر الأردن معاهدة السلام مع إسرائيل لكي يحافظ على الأماكن المقدسة ويحفظ هويتها، وليدافع عن الفلسطينيين الذين كانوا مواطنين أردنيين، وعن كرامة الفلسطينيين التي كانت تتعرض باستمرار للانتهاك من قبل المحتل الإسرائيلي.

الوصاية الهاشمية على الأماكن المقدسة في القدس مثبتة من ناحية تاريخية ودينية وعقائدية، فهي تعود في أصولها إلى عام 1921، عندما بويع الشريف حسين بن علي – رحمه الله – وصيا على مدينة القدس، واستمرت المبايعة في عهد الملوك الذين تعاقبوا على الحكم في الأردن، مرورا بقرار الوحدة بين الضفتين التي تم فك ارتباطها القانوني والإداري في عام 1988. إلا أن الأردن لم يتخل عن المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس حماية لها من عبث المستعمر، وتأكيدا على أن القدس الشرقية هي عاصمة دولة فلسطين كما تقرر ذلك في القرارات والمواثيق الأممية.

وعندما اقتضى الأمر أن يقوم الأردن بالاتصال بكافة الجهات الفاعلة منعا لانتشار المستعمرات الاستيطانية بتسمينها تمهيدا لإلحاقها بالضم الذي يتحدثون عنه اليوم، وحفاظا على الشعب الفلسطيني وكرامته ودعم صموده وبقائه على ترابه الوطني، فقد قام الأردن بدور المدافع الأول عن هذه الحقوق والساعي لوقف التجاوزات والانتهاكات الإسرائيلية. فالموقف الأردني في هذا الإطار كما هو منذ عقود، ثابت راسخ لا يتغير، قائم على أساس وجوب تمكين الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني ضمن مفهوم حل الدولتين، وذلك على الرغم من الضغوطات الكبرى التي يتعرض لها الأردن في شتى المجالات الاقتصادية والسياسية.

وخلال السنوات الأربع الأخيرة، فقد تشكَّلت تحديات كبرى للأردن وفلسطين على السواء متمثلة بنمو التطرف الاستعماري والعقائدي الصهيوني، مدعوما بحالة من أعاصير الأحداث سادت في الوطن العربي، حيث عملت تداعياتها على تفتيت عضده، وتفريق صفوفه، وأثقلت كاهل اقتصاداته، وشتتت كثيرا من أهله، وهمشت دوره على الساحة الإقليمية والدولية. وهكذا تضافرت الظروف الإقليمية والدولية لكي تزيد في الضغوط الاقتصادية والسياسية والأمنية على الأردن، والذي يُعدّ أهم عناصر الاستقرار الإقليمي في منطقة غرب آسيا وشمال أفريقيا.

وفي ظل العزم على تحقيق النجاح أردنيا في السيطرة على وباء كورونا وتجاوز تداعيات هذه الجائحة، جاءت تبعات “صفقة القرن” لتقول إنّ السـلام يُفْرضَ فرضا ولا يُتَفق عليه عبر مفاوضات بين الأطراف المعنية. هذا على الرغم من أن ميثاق الأمم المتحدة يؤكد على وجوب حل المنازعات بطريقة سلمية من خلال سعي أطراف النزاع أنفسهم وبشكل مباشر لحله بادئ ذي بدء عن طريق المفاوضة والتحقيق والوساطة والتوفيق والتحكيم والتسوية القضائية. وهذا ما لم يتحقق في المقترح الأميركي الأخير الذي تم بغياب التمثيل الفلسطيني رغم كونه الطرف الأساسي في النزاع، والذي قدم حلولا وخرائط تلغي عمليا قيام دولة فلسطينية مستقرة ودائمة. فالموضوع الفلسطيني وحتمية إقامة دولة مستقلة لم يكونا مدار بحث في “صفقة القرن”.

ومع ثقتنا التامّة بأن الشعب الفلسطيني لن يقبل بهذه الصفقة، وبأن الظروف الراهنة للعرب لن تبقى على حالها، وأن أصواتا كثيرة ووازِنة في العالم لا تزال تطالب بحل سلمي عادل وقيام دولتين قابلتين للحياة والاعتراف بالحقوق الثابتة والمشروعة للشعب الفلسطيني؛ فإنه يجب التأكيد على أن الأردن وفلسطين وسائر المشرق العربي الذي يشكل عمقا تكامليا متكافئا ومتكافلا مع أشقائنا في مجلس التعاون الخليجي ومصر الشقيقة قد تعرضوا لكثير من الضغوطات منذ عامي 1948 و1967. فهذا العمق يشكل حاجزا جيوسياسيا بين أقطاب الصراع القومي العربي والقومي الصهيوني، وبذلك فإن الأردن هو النافذة الشرقية لفلسطين ومركز الأحداث السياسية التي تجري من حوله.

إن القضية الفلسطينية كما عبّر عنها الرئيس الأميركي هنري ترومان بأنها ليست أوروبية أو فلسطينية فحسب، بل أميركية أيضا. وهذا ما يظهر جليا اليوم، حيث إنه وبعد مرور 75 عاما على الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، فقد غدت الحقوق الفلسطينية غير القابلة للتصرف في دولة مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على قائمة أولويات الناخب الأميركي والأوروبي على حد سواء.

كما أن قضية اللاسامية التي ولدت في دولة غربية مسيحية في العصر الحديث قد ألقت بظلالها على مجلس الأمن، الذي يعجز عن تحقيق حل سلمي وعادل وشامل للقضية الفلسطينية، على الرغم من أنه يملك الآليات والوسائل القانونية لاتخاذ ما يراه مناسبا من إجراءات لتسوية المنازعات الدولية بالاستناد إلى ميثاق الأمم المتحدة.

الدول أصبحت اليوم تتردد في استخدام مصطلح “نزاع” عند تقديم أي شكوى إلى مجلس الأمن، ذلك لكون ميثاق الأمم المتحدة يحظر صراحة على الدولة الطرف في النزاع أن تشترك في التصويت على أي مقترح لحله أو تسويته، فيتم استخدام مصطلحات أخرى لهذه الغاية بهدف تجنب تطبيق هذا الحكم القانوني. وهذا الواقع الأممي يبرر غياب التفكير في إنشاء مركز دولي أو إقليمي لفض النزاعات قبل وقوعها، أو الحيلولة دون تفاقمها في حال حدوثها. فالجهد الذي بذل في صنع الحروب ليس هو كالجهد الذي يبذل في صنع السلام.

لقد تعرض المشرق العربي في الآونة الأخيرة إلى أزمات لا يعلم إلا الله وحده كيف تنتهي، لأن النزعة للاقتتال الخارجي والداخلي لا تأخذ بعين الاعتبار كيف تنتهي الحروب. وتذكرني مرة أخرى بالقرارين الدوليين 242 و338 اللذين أشارا إلى الانسحاب مقابل السلام، والقرارات الأممية اللاحقة لها والتي أكدت على وجوب تمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقوقه المشروعة على أرضه غير القابلة للتصرف، وذلك على أسس واضحة بأن هذا الشعب المناضل سيحقق مراده، ليس فقط في ممارسة حقوقه الأساسية، وإنما في إقامة دولته المستقلة ومؤسساته الوطنية ومجتمعه المدني في ظروف من الحرية والاستقلال.

إنّ الأردن الذي أسهم بسماحة وسموّ في التخفيف من آثار الحروب الإقليمية، وفي تحمّل أعباء اللجوء القسري التي أفرزتها صراعات الربيع العربي، قد كان وعلى الدوام حلقة وصل ثقافية وحضارية بين الإسلام والغرب، وبين العرب والعجم والترك والفُرس، والمبادر إلى دعوات السلام والوئام. فلا يجوز أن يظل عُرضة للتهديد انصياعا للتطرف العقائدي في إسرائيل من جهة، وصراع الثقافات والحضارات المجانبة للفكر التحريري من جهة أخرى، والتي لا تفضل الحوار وتستبدله بلغة الأمر الواقع، حاملة شعار أن القوة هي الحقيقة. هذا كله في سبيل تحقيق نبوءات عن نهاية العالم وخرافات ورؤى متعصبة لا يقبلها العقل ولا الواقع التاريخي.

فأي دين سماوي يسمح بانتهاك أرض الأنبياء والرسل، ومهد الدعوة للسلام والتآخي، وموئل المستضعفين والمشردين، في أن يكون كبش فداء تلبية لنزوات من ينادون بالاستيطان والعنصرية والحروب؟

إن المجتمع الدولي مدعو إلى أن يصنع السلام والاستقرار ويواجه هذا الاختبار بمشروعية البدايات في 1948 بإقامة دولتين، إسرائيلية كما انفرد في تكوينها ديفيد بن غوريون الذي فرض الاعتراف في مبادرة أحادية الجانب للاستقلال، والتي تسعى إلى إلغاء عقل الجانب الآخر من الانتداب البريطاني، أي الجانب الفلسطيني ليقبل بسياسة الأمر الواقع الذي لا يُنهي الصراع والمسألة الفلسطينية وأزمة الشرق الأوسط بقدر ما يجعلها تتجذر في المنطقة والعالم.

لقد كان بن غوريون يرى في الدول العربية فضاء رحبا يجب استغلاله لبناء دولة إسرائيل القوية وتوسيع حدودها على حساب هذه الدول، فهي دول ضعيفة ومنقسمة على نفسها ولا يمكن أن تشكل تهديدا حقيقيا لإسرائيل. في المقابل، فإن الرؤى التي نادى بها كل من الملك فيصل الأول وحاييم وايزمان كانت مختلفة، فقد اتفقا في مؤتمر باريس للسلام عام 1919 في فرساي على وجوب اتخاذ أقصى ما يمكن من سبل التعاون لإقامة الدولة المتنوعة، التي تمتد لتشمل كافة القوميات والمعتقدات، بما فيها مهد الحضارات فلسطين وبلاد الشام وجزيرة العرب وبلاد ما بين النهرين.

إن من يسعى إلى السلام يجب أن يُقدَّر وليس أن يتعرض لضغوطات، وكما قال المثل العربي، صديقُك من صدَقَك لا من صدَّقك.