• 28 تموز 2020
  • مقابلة خاصة

 

بقلم الباحث المقدسي : حازم زكي البكري

 

تشير بعض المراجع التي اطلعنا عليهاعبر البحث الذي استمر لسنوت طويلة ، عن وجود داري عرض أنشأتا في مدينة القدس في الحقبة العثمانية , الاولى في الشطر الغربي لمدينة القدس وكان اسمها السينما الوطنية بعمارة فينجولد والتي استمرت بالعمل حتى احتراق المبني عام 1916 ، ام السينما الثانية فكانت بالقرب من باب العامود بجوار دار الحكومة اسمها سينما القدس والتي انتقلت ملكيتها في العشرينيات من القرن الماضي  الى عائلة برصخيان  الارمنية . واصبح اسمها سينما القدس الكبير. كما كانت بعض العروض السينمائية تقدم في فندق امبريال بالقدس وفي عقبة التوتة في البلدة القديمة . وفي عام 1912 تم أنشاء سينما زيون في القدس وبعد ذلك بعامين تم انشاء سينما عدن الصيفية في تل ابيب.

وبعدها انتشرت دور السينما في مختلف المدن الفلسطينية الرئيسية  وخاصة في فترة الانتداب البريطاني في كافة ارجاء المدن الفلسطينية الرئيسية كيافا وحيفا وعكا وتفيدنا المصادر المختلفة التي اطلعنا عليها  ان مدينة نابلس كانت من المدن المتقدمة في  أنشاء  دور عرض سينمائي. حيث بدأ بها العروض السينمائية من خلال (سينما الجديدة عام 1926 ) وكانت دور العرض فيها صيفية واغلبها على الاسطح مثل سينما تاج محل وسينما الخضراء والتي اصبح اسمها سينما الزهراء وكان موقعها مكان مكتبة بلدية نابلس اليوم.

الجمهور

رغم ان الجمهور الذي كان يتردد على دور السينما كان يُمثل جميع شرائح الشعب  ومستوياته الطبقية والثقافية كان يحرص ان يُشاهد العروض السينمائية بمستوى عالي من الاناقة.

 الا انه كان من النوع المُحافظ والمُتشدد والمُتعلق بقيم المُجتمع فعلى سبيل المثال كانت تراخيص دور العرض في نابلس تشترط عدم دخول النساء المسلمات ولا في اي وقت من الاوقات. وكان الجمهور يرفض الدعايات التي يتم ترويجها للافلام والتي تخالف الحقيقة. ان وجد الجمهور انه  تعرض للخداع او وجد الفلم مخالف للقيم يقوم بإحداث فوضى او الاعتداء على ممتلكات دار العرض من كراسي وديكور والات عرض , وقد تصل الامور الى حرق السينما .

فردة فعل الجمهور تنتاسب طردياً من حجم الانتهاك من وجهة نظره .فعلى سبيل المثال عندما عرضت سينما زيون في ثلاثينيات القرن الماضي احد افلام مارلين ديتريش جيث ظهرت في احد المشاهد عارية الساقين فقام الجمهور بتحطيم السينما وعندما قام صاحب السينما الوطنية بخداع الجمهور حينما اعلن عن فلم وعرض آخر ثار الجمهور على اصحاب دار العرض .

 وتعرضت عدة دور عرض سينمائي للاعتداءات والحرق لمثل تلك الأسباب او لاسباب قومية قبل النكبة، ومنها الاعتداءات على سينما ركس العربية

 سينما ركس

ابتدأ السيد يوسف البينا بناء الصالة في عام 1935 , غربي مدينة القدس وكانت تتسع 1300 مقعد وتوج الافتتاح بتاريخ 16 حزيران 1938 بحضور القنصل المصري محمد حامد, ولم يستطع السيد يوسف سداد فاتورة مقاول البناء (يونا فريدمان ) فأضطر لادخاله شريكا معه , وكان معظم رواد السينما من العرب والبريطانيين , مما جعلها هدفاً لعدة اعمال عنف قامت بها مجموعات يهودية.  كان اول إعتداء على سينما ركس بعد نشر الكتاب الابيض , حيث وضعت متفجرات في الصالة اثناء عرض فلم (طرزان والقرد) سببت خسائر في المبنى تقدر بعشرين الف جنيه فلسطيني ,وسقوط خمسة قتلى وثمانية عشر جريحاً 

وقد وصفت موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية في المجلد السابع الاعتداء على سينما ركس  " أن من أبرز العمليات الارهابية التي شهدها العام الهجوم الذي دبرته إتسل على سينما ركس في القدس حيث جرى تخطيط متعدد المراحل لتحقيق أكبر عدد ممكن من الخسائر البشرية بواسطة المتفجرات التي تم تسريبها إلى المبنى إضافة إلى إلقاء القنابل داخله ثم فتح نيران الرشاشات على رواد السينما الذين خرجوا في حالة من الذعر والهلع، وقد تم تنفيذ هذه العملية الارهابية في 29 إيار 1939)

 وفي الثاني من كانون الاول 1947 اقتحم عد من افراد عصابة الارغون سينما ركس وقاموا بحرق السينما وكان آخر فلم عرضته قبل حرقها  فلم لعباس فارس (عدو المجتمع) ورحل السيد يوسف من فلسطين مهاجراً بحالة نفسية سيئة. وبعد النكبة استولى الصهاينة على السينما واطلقوا عليها اسم سينما استوديو.

 

 شركة السينما  الوطنية الفلسطينية المحدودة

 

في عام 1934 قام  مجموعة من الاقتصاديين العرب بتأسيس شركة السينما الوطنية الفلسطينية المحدودة برأس مال وقدره 30 الف جنيه فلسطيني  لإقامة دور عرض سينمائي بملكية عربية وخاصة ان معظم دور السينما التي أنشت منذ العهد العثماني وفي فترة  الانتداب البريطاني كانت أغلبها مملوكة لمستثمرين يهود واجانب.  وهنا لا بد من التنويه ان اليهود في فلسطين وكافة ولايات الدولة العثمانية  كانوا يعتبروا مواطنين عثمانيين يعاملون معاملة أي مواطن عُثماني عادي , وفي فترة الانتداب وقبل النكبة كانوا يحملون الوثائق الفلسطينية .

 

 السينما المتجولة- السينما المتنقلة

 

بعد انتشار دور العرض السينمائي في فلسطين وبسبب عدم امكانية انشاء دور عرض في كل المناطق وخاصة المناطق ذات التجمعات السكانية القليلة مثل القرى والريف كان البديل  السينما المتجولة او السينما المتنقلة والتي كانت تابعة الى مكتب المطبوعات في القدس وكان المشرفين عليها يتجولون  بين الريف والبادية الفلسطينية حتى انتقل نشاطها الى خارج حدود فلسطين فقد تحركت سيارات السينما المتجولة  الى مضارب البدو والقرى في العراق في 22 شباط 1942 وايضا الى امارة شرق الاردن ,وقدمت عروضا في عدة مدن وكان طاقم السينما ينتقلون بسيارتهم الى المشاهد مع معداتهم واشرطتهم  ,  وكانت عروضهم عبارة عن  اشرطة اخبارية واشرطة ثقافية وزراعية وصحية وتعليمية وارشادية وبعض الافلام الموجهة للطلاب والطالبات بالإضافة الى بعض الافلام الترفيهية التي اسهمت  في رفع وعي  الانسان البسيط في ذلك الزمان.

 

  ام كلثوم في فلسطين

ذكر احد الباحثين " ان ام كلثوم اقامت حفلة عام 1928 في القدس بدعوة  من شباب نادي الرابطة العربي في حيفا عام ١٩٢٨، ولبت أم كلثوم الدعوة بدايات العام 1929… وفى بداية الرحلة، غنت أم كلثوم على مسرح سينما عدن بشارع مأمن الله فى (القدس)."

وهذا مخالف للوقائع حيث ان سينما عدن كانت سينما صيفية وغير صالحة للعروض الفنية حتى انه تم إلغاء ترخيصها في شهر تموز 1928 وانتقلت للعمل في مكان اخر بعد شهر كسينما صيفية لا تصلح للعروض السينمائية او الغنائية في فصل الشتاء ولكنه تم انشاء بناء جديد مغلق في شهر نيسان 1931 يصلح لاقامة الحفلات طوال ايام السنة وفي مختلف الاوقات.

ومما يعزز بطلان اقامة ام كلثوم لتلك الحفلة انها لم تذكر باعلانات الصحف المحلية وحتى في التاريخ المكتوب عن سينما عدن. ولكن يبدو ان الامر قد اختلط على الباحث بسبب ان اعلان الحفلة لم يذكر به السنة  ولكن كتب فيه بان الحفلتين ستقامان في سينما عدن في 8 و9 نوفمبر ولكن في اعلان عن حفلات حيفا المنشورة في الصحف المحلية عام 1931 ذكرت عن موعد الحفلتين في 10 و 11 نوفمبر فالحفلة هي في عام 1931 وليس في عام 1928 .

حفلة عام 1931

كتبت  مجلة الصباح المصرية التي رافقت ام كلثوم برحلتها الاولى عام 1931 ورصدت تحركاتها " أبحرت أم كلثوم على متن الباخرة الأميركية “أكس كمبيون” يوم السبت 29 آب/أغسطس، ورافقها في رحلتها شقيقها خالد أفندي وأعضاء تختها الذي ضمّ الملحن والعواد محمد القصبجي، القانونجي محمد العقاد، والكمنجاتي كريم حلمي. وكان في وداعها جمع كبير من رجال الأدب والفن. تأثرت أم كلثوم عند إقلاع الباخرة، وبكت من شدة الانفعال، وفوجئ الجميع ببكائها، فالمعروف عنها انها “فتاة جبارة لا يهيجها ويحرك ساكنها الا أمر عظيم”.

استقبل العاملون في الباخرة الضيفة الكبيرة بحفاوة بالغة، ورفعوا صورها في غرف القبطان والعاملين، وساروا في جو هادئ، وبلغوا ميناء يافا يوم الأحد. رحّب جمع من أعيان يافا بالنجمة القادمة من مصر، وأقاموا حفلاً على شرفها، بعدها واصلت الباخرة رحلتها، وحطّت في حيفا حيث كان في انتظار أم كلثوم جمع آخر من الأعيان والوجهاء والأدباء. بعد هذه المحطة، تابعت أم كلثوم هذه الرحلة، ووصلت في نهاية الشهر إلى بيروت" ولم تأتي المجلة على ذكر مدينة القدس في رحلتها بالتاريخ المذكور . ولكن ما ورد من اعلانات بصحيفة فلسطين  تؤكد انها احيت حفلات في 10 و 11 تشرين الاول من عام 1931 .

أما الموسيقار والمؤرخ المقدسي واصف جوهرية:

«كان الإقبال عليها شديدا – والقلم يعجز عن وصفه – من جانب الأهلين، وكان الوقوف من الحضور يوازي الجالسين على المقاعد، وأصبح الجميع وكأنهم في غيبوبة من شدة الطرب، فقدروا حشمتها ورخامة صوتها كل التقدير، وكانت ليلة لأبناء مدينة القدس من ليالي العمر التي لم يسبق لها مثيل.. تجلت كروانة الشرق وأبدعت أيما ابداع لما شاهدته من اصطفاء وتقدير وحب الشعب لها، الأمر الذي أفقدها وعيها حتى مزّقت منديلها الذي كان بين يديها من شدة العواطف، وإني وغيري لن ننسى أغنيتها المحببة لها آنذاك ومطلعها: وحقك أنت المنى والطلب”.

  رواية تتداولها المصادر الصهيونية عن حفلة ام كلثوم عام 1931 م " أن ام كلثوم اقامة حفلتها بدعوة من عشر بحارين محليين قاموا بجمع الأموال ودفعوا لها 5000 جنيها. وكانت قيمة تذكرة ذلك الحفل التاريخي تبلغ 30 جنيهاً, وتم بيع 2000 تذكرة لكل حفل." وهذا ما لا يصح ولم يثبت.

حفلة ام كلثوم عام 1933

نشرت صحيفة فلسطين الصادرة في 4 تموز من نفس العام خبر انتهاء حفلات ام كلثوم في فلسطين وعودتها بالقطار الى مصر بعد ان الغت الحفلات التي اعلن عنها  في القدس وان حفلتها الاولى التي اقامتها في يافا كانت ناجحة لكثرة من حضرها من اهالي يافا واللد والرملة  ونابلس وغزة وغيرها وقد كانت اقامت حفلاتها في 1 و 2 تموز في بستان ومقهى الباريزيانا في يافا وهي نفس الصالة التي غنى بها عبد الوهاب في 31 ايار 1932.

حفلة عام 1935

في شهر ايار من عام 1935 قدمت حفلاتها الغنائية  في سينما اديسون في القدس  وسينما اوبرا مغربي في يافا وسينما عين دور في حيفا حفلتين في كل صالة حسب النشرات الدعائية  في جريدة الدفاع على مدى عشرة ايام.

 

زيارات المطربة فيروز عامي 1964-1963

 

قامت فيروز بزيارة الاماكن المقدسة في القدس مع فرقتها واحيت حفلة في المدرج الروماني وذلك في شهر ايلول 1963 وتحدثت لصحيفة الجهاد عن نيتها العودة للمدينة في اسبوع الالام العام القادم.

قامت بزيارة القدس عام 1964 بالتزامن مع زيارة البابا ورتلت في شوارعها ترانيم بالسريانية والعربية وزارة كنيسة القيامة وكنيسة المهد واقامة في الطابق الثاني في مبنى الهوسبيس.

 كما قام المطرب فريد الاطرش بعد زيارات الى فلسطين حيث احى عدة حفلات في عام 1943

  وكدلك فعل المطرب الكبير محمد عبد الوهاب والذي قدم العديد من الحفلات في فلسطين منها في الاعوام 30 و31 و32 و43 وكان يأتي احيانا الى فلسطين لاجراء لقاءات او مرور الى دول أخرى .

 

من الفرق المسرحية التي قدمت عروضاً في فلسطين

فرقة علي الكسّار التي تتكون من خمسين ممثل وممثلة ، فرقة منيرة المهدية  ، فرقة رمسيس المصرية برئاسة عميد المسرح العربي الفنان يوسف وهبي، فرقة جورج أبيض الذي وضع أسس المسرح العربي الحديث. فرقة فاطمة رشدي .

 كما حضر العديد من الفنانين الى فلسطين نذكر منهم :

نعيمة عاكف , فيروز الصغيرة , محرم فؤاد . جميل العاصي , دان فاديس , نجاح سلام , صباح , عمر الشريف وفاتن حمامة وغيرهم الكثير.

 

 إذاعة هنا القدس

 

استقطبت اذاعة هنا القدس التي أنشئت في عام 1936 م العديد من الادباء والمثقفين والشعراء العرب امثال بشار الخوري (الاخطل الصغير) والاستاذ محمود العقاد ومن الفنانين استضافت ام كلثوم وفريد الاطرش واخته المطربة والممثلة اسمهان والمطربة اللبنانية لور دكاش صاحبة اغنية أمنت بالله التي كتبها الشاعر التونسي مصطفى خريف ولحنها فريد غصن. دور العرض السينمائي كمراكز إعلامية وثقافية

 

عدا ان دور العرض السينمائي كانت مخصصة لعرض الافلام السينمائية ولكن دور العرض كانت تشارك بالنشاطات والفعاليات الوطنية والسياسية , ويُقدم بها عروض فنية ومسرحية واحتفالات ومهرجانات خطابية وسياسية .

ذكرت د. حنان عواد في كتاب ذاكرة الترف النرجسي زيارة السيد احمد الشقيري رئيس منظمة التحرير لمدينة القدس والقاءه خطاب سياسي مطول استمر اكثر من ساعتين على منصة مسرح دار سينما القدس في القدس.

وذكر الدكتور عمر صالح العُمري في كتابه الاردن والثورة الجزائرية (1954-1962) ان ادارة سينما القدس في القدس قدمت في شهر نيسان من عام 1959ى دارها لإحياء حفلة فنية وتمثيلية بعنوان (الجهاد الخالد) ورُصد رعيها لدعم نضال الشعب الجزائري.

كما عقد المؤتمر الاول والثاني لطلاب الاردن لواء القدس في سينما النزهة وكان يجري فيها انتخابات الهيئة الإدارية و بعد افتتاح سينما الحمراء انتقل المؤتمر اليها

ومن اهم المؤتمرات التي عقدت في سينما الحمراء هو مؤتمر الخريجين العرب عام 1955 .

اقامت شركة كهرباء محافظة القدس عدة مهرجانات إحتفالية في قاعات سينما القدس بمناسبة عيد العمال.

ومن المهرجانات المميزة في فترة ادارة (بكري وشركاهم) مهرجان  زهرة المدائن للمواهب الفنية , بإشراف غسان أيوب.

 

 اثر الحركة السينمائية وانشاء دور العرض على الصحافة

 

مع تزايد اعداد دور العرض السينمائي والاقبال عليها وبدايات ظهور صناعة سينمائية في فلسطين، حجمتها القوانين الانتدابية ظهرت صحافة متخصصة بالسينما فقد صدر في عكا جريدة "الحقيقة المصورة" في عام 1937، والتي صدرت في العام 1939 باسم "صوت الرأي العام".

كما صدرت مجلة "الأشرطة السينمائية" في القدس عام 1937، وكان يرأس تحريرها إبراهيم تلحمي، باللغتين العربية والإنجليزية، وتوقفت بسبب الأوضاع السياسية التي سادت ثورة 1939،

وفي 16 من آب 1938 أصدر جميل عبد الغني شلالي بمدينة يافا جريدة "الحياة الرياضية" الأسبوعية، وحررها علي حسين الأسعد، وعيسى أسعد عبود، وتخصصت في أخبار السينما والألعاب وسباق الخيل والنقد الهزلي.

وفي آب 1945 أصدر جبرائيل شكري ديب بالقدس جريدة "الرياضة والسينما" الأسبوعيـة، باللغتين العربية والإنجليزية، وكانت تعنى بأخبار الرياضة والمسرح والراديو والسينما.

محطات من أرشيف سينما القدس

كان  بالإضافة الى عرض الافلام السينمائية يُقام في صالات السينما نشاطات متنوعة كأحياء يوم المرأة العالمي وعيد العمال برعاية نقابة عمال شركة كهرباء محافظة القدس, وعقد المؤتمرات والاجتماعات , والحفلات الغنائية والمهرجانات الخطابية , والعروض المسرحية .

.

في وصف لمحمود شقير عن شغف العائلات ارتياد دور العرض كتب " ...كانت الأسر المقدسية تضع ارتباد هذه الدور و مُشاهدة هذه الأفلام  فيها من اهم المتع التي تنتظرها بشغف, ترى رب الأسرة يمشي في شارع صلاح الدين وإلى جواره زوجته  وهما معًا يرتديان أبهى الملابس، ومن حولهما ابناؤهما وبناتهما وهم ذاهبون معًا إلى السينما.... وكانت سينما القدس تتميز باتساع قاعاتها وبحداثة تجهيزاتها وفخامة مقاعدها ..".

وكتب ايضاً "....كانت الأسر المقدسية ترتاد دور السينما بانتظام، حيث يقبل الرجال والنساء على حضور الأفلام العربية والأجنبية دون تحفّظ. وكان شارع صلاح الدين يستقبل أفواج الذاهبين والذاهبات إلى السينما كلّ يوم تقريباً، ويزداد احتشاد هذه الأفواج في أيّام الجمع والآحاد، وفي الأعياد الإسلامية والمسيحية التي كانت تشهدها المدينة وتحتفي بها بكرم وسخاء."

وكان ابطال ونجوم الافلام يشاركون حضور افتتاح افلامهم وقد عرفنا منهم على وجه التحقيق (الممثل والمطرب محرم فؤاد) عندما جاء بصحبة صاحب دار (سينما الأردن) والموسيقار المقدسي جميل العاص في عام 1965  لعرض فلم (ولدت من جديد)

وكما شارك الممثل دان فاديس جمهور سينما القدس بطل افلام هرقل حضور جميع عروض فلمه (هرقل المنتصر) على الشاشة الذهبية لسينما القدس عام 1964.

عرض شرائط اخبارية وثقافية قبل عرض الافلام ومنها الشورت العربي (النهر الخالد) الذي يصور مأساة الشعب الفلسطيني وتحويل مجرى نهر الأردن.

عرض دعايات تجارية على شكل شرائح يصاحبها الموسيقى.

أثناء الاستراحة كان يتجول بين رواد السينما بائعو المرطبات والتسالي والسجائر.

كانت ادارة السينما تعتمد على الحجز المسبق لمقاعدها المُرقمة , وقد كانت تباع تذاكر السينما احياناً في السوق السوداء.

وتفيد سجلات عام 1960 ان عدد موظفي دار السينما المثبتين بلغ سبعة عشر موظفاً تراوحت رواتبهم ما بين 32 ديناراً اردنياً وسبعة دنانير .

وكان يتم الاعلان عن برامج العرض السينمائي من خلال الصحف اليومية ومن خلال النشرات اليدوية ومن خلال الصاق الافيشات على لوحات مخصصة في اماكن حيوية ومتفرقة في المدينة مثل محطة باصات باب العامود وبالقرب من بوابة المدرسة الرشيدية ومقابل مجمع المكاتب الحكومية وفي الشيخ جراح بجانب مستشفى العيون.

عملية العرض السينمائي

كان الفلم يتكون من عدة فصول - عجلات (طارات) -  مدة عرض العجلة يتراوح ما بين خمسة عشرة دقيقة الى عشرين دقيقة يتناوب على عرض الفلم التان مع الحرص على تزامن دقيق في عملية نقل التشغيل من الة الى آخرى وكانت يتم تشغيل الات العرض السينمائي ذات  الـ 35 مم بواسطة الانارة الصادرة عن اصابع فحمية مغلفة بالنحاس الاحمر ، من خلال توصيل  فحم “موجب وموجب” ليتنافرا فتتولد عنهم شرارة، ومن خلال توصيلهما يستمر توليد تلك الشرارة  الماكينة حتى انتهاء مدة عرض الفيلم ، وكان يتم استيرادها من أمريكا وإيطاليا وألمانيا،  وتم في ثمنينات القرن الماضي إدخال تعديلات للماكينات فتبدل الفحم بلمبات ال xenon تعمل بعدد ساعات معينة وبسبب تطور تقنيات التصوير وانتهاء عصر الطباعة والتحميض  في 2010 تم الانتقال الى إلى استخدام ماكينات التي تعتمد على تقنية  الـ DCP.

تنويه ! إعتمدنا في بحثنا ان كل دار عرض سينمائي أنشئت في العهد العُثماني او بترخيص من حكومة فلسطين أثناء الإنتداب البريطاني أو اثناء الإدارة الاردنية او المصرية للضفة الغربية وقطاع غزة وما بعد عودة الادارة للسلطة الفلسطينية  تُعتبر دار عرض سينمائي فلسطينية بإمتياز دون الإلتفات الى جنسية أو عقيدة المالك.