• 22 تشرين أول 2020
  • مقابلة خاصة

 

 ويستمر الأديب الكبير والروائي المقدسي "محمود شقير" بنشر قصصه القصيرة حصريا في شبكة "أخبار البلد" ونحن نقدر له هذا الدعم للشبكة التي اخذت على عاقتها نشر حكاية القدس الأخرى، والحكاية الحضارية الثقافية للمدينة وأهلها.... فكل الشكر لكاتبنا الكبير

 

 بقلم : الأديب الكبير  محمود شقير

 

طائرات

كانت الطائرات تحتلّ السماء، وكنّا نمشي على الرصيف.

قالت ليلى وهي خائفة: ستقصفنا إحدى الطائرات.

قلت لها وأنا أتظاهر بالهدوء: لا تخافي، إنّه مجرّد استعراض.

قالت: من أين لك هذا اليقين؟

بقيت حائرًا وأنا أبحث عن جواب، ثمّ أدخلتها تحت جناحي، ومشينا في حلمنا فوق رصيف بلا انتهاء.

 

رغبة

ليلى التي تبيع في حلمي وحلمها ورق الدوالي عند باب العمود

ألحّت عليها رغبة لم تفصح عنها لزميلتها المقرفصة إلى جوارها: أن تستلقي على البلاط العتيق

لعشر دقائق أو عشرين.

لكنّها لم تفعل، كما قالت لي، بسبب عيون المارّة وأقدام الجنود.

 

أشجار

قالت ليلى ونحن نتمشّى في المدينة: حين امتلأ قلبي بالحبّ

انحنت نحوي كلّ أشجار الطريق وحبّات المطر.

قلت لها: حين امتلأ قلبي بالحبّ، كنتِ وحدك فيه.

نظرت إليّ بعينين من شغف وخَفَر. ثمّ رحنا نركض معًا تحت المطر.


عريُ الساق

كنّا نجلس بالقرب من سور المدينة مثل شحّاذَيْن. وكنت أرى طفلاً ينام في حضنها. سألتها: هذا الطفل من أين؟

قالت: كان يركض في حلم سابق لي. ناديته فَلبّى النداء.

نظرتُ إلى الطفل مستعينًا بالضوء الشحيح لمصباح مضاء، وكان له وجه ملاك. قلت لها وأنا أشعر بالخشية عليه: غطّي وجهه بطرف فستانك.

- لماذا أغطّيه؟

- كي لا يخطفه الجنود الغرباء ويحرقوه، ألا ترينهم واقفين هناك؟

نظرتْ نحوهم، ثمّ رفعت طرف الفستان عن الساق.

داهمنا الجنود مثل كلاب مسعورة، وهي ظلّت حائرة: هل تغطّي وجه الطفل الملاك، 

أم تخفي عن عيونهم عُري الساق؟!

 

ثوب طويل

منذ أيّام، وأنت يا ليلى لا تبدّلين هذا الثوب الطويل. 

أبدو وأنا أرتديه يا قيس مثل إحدى الممثّلات. 

في مملكة الأحلام يا ليلى يمكن تبديل الثياب من دون محظورات، ويمكننا الاستغناء عن الثياب مثل أبينا آدم وأمّنا حوّاء. 

أدري يا قيس، لكنّني مرتاحة كما أنا الآن.

تأمّلنا معًا انسياب الثوب على جسدها ثمّ مضينا إلى صالة للأفراح. 

هناك، كنّا نوزّع الحلوى على الجالسين ونغنّي حين جاءنا المستوطنون وأطلقوا علينا النار. 

جاء الجنود. 

قلنا ونحن نطلق فكاهة سوداء: هم في العادة لايطلقون النار بتاتًا، حتّى إنّ البنادق تصدأ 

في أيديهم!

ظلّوا يطلقون علينا النار، ونحن نغنّي وننزف الدماء، ولا نموت، نعم لا نموت.