• 31 كانون أول 2020
  • مقابلة خاصة

 

القدس – أخبار البلد – لا يوجد اجمل من أن تكون القصة الأخيرة التي نتختم فيها العام الحالي  في شبكة " أخبار البلد" هي قصة النساء الفلسطينيات الرائدات واللواتي اثبتن للعالم اجمع ان النساء في القدس وغيرها من مدن وقرى وبلدات فلسطينية ، انهن اهل للثقة ولهن القدرة  على الكفاح بنفس قدرة الرجال في الصراع الذي فرض على الشعب الفلسطيني رغما عن انفه  بفضل الانتداب البريطاني وخذلان العرب لهذا الشعب العربي الذي بقى وحيدا في الساحة .

 هذه المقالة  للصديق عاصم الشهابي والتي هي تلخيص لندوة حضرها في مؤسسة شومان في عمان  بمناسبة اشهار كتاب " المرأة الفلسطينية في الانتداب البريطاني " للكاتبة ابنة القدس حنان العسلي الشهابي ، ويسعدنا ان نعيد نشر ما كتبه الصديق في صفحته الشخصية في الفيس بوك تقدير للمرأة المقدسية أولا والفلسطينية ثانيا والعربية ثالثا :

كنت قد كتبت في ١٦ نوفمبر 2016  مقال عن حفل اشهار كتاب عن المرأة الفلسطينية ، واعود له مرة ثانية، بعد ان سمعت من ان سفيرة الكيان المحتل الصهيوني، صرحت منذ اسابيع في لندن لاحد التلفزيونات بانه لا يوجد شعب فلسطيني كباقي شعوب العالم ، وبان سكان فلسطين كانوا بغالبيتهم عشائر عربية بدوية، ويتنقلون من مكان الى آخر، وأضافت المزيد من الاكاذيب بأن المرأة عندهم ليس لها احترام او نشاط حضاري. 

*****

حضرت مساء  14 نوفمبر حفل إشهار كتاب" المرأة الفلسطينية  في عهد الانتداب البريطاني " للسيدة الفاضلة حنان العسلي زوجة أبن العم المرحوم المهندس حسن الشهابي في مؤسسة شومان بعمان . أشترك بالحوار كل من أ.د. أمين محمود والأستاذة الدكتورة حنان محمود إبراهيم وأ. د. أبراهيم عثمان. وقد أبدعت الكاتبة حنان بتقديم صورة مشرقة عن نضالات ونشاطات ومعاناة المرأة الفلسطينية أثناء الإنتداب البريطاني الغاشم الذي كان يكرس إحتلاله لفلسطين من أجل مساعدة اليهود على إقامة دولة لهم على أرض العرب الفلسطينيين. وقدم الأساتذة الأفاضل ملخصا معبرا ودقيقا عن أهمية الكتاب في توثيق تاريخ نشاطات المرأة الفلسطينية في كافة مجالات الحياة من إقامة الجمعيات الخيرية والتعليمية والفنية والثقافية والرياضية، ودعوا أهل العلم بمتابعة توثيق دقيق لباقي نشاطات وكفاح المرأة الفلسطينية في الريف الفلسطيني والتي كانت لا تقل عن نشاطات ونضال المرأة الفلسطينية في المدن. ومجمل القول، يمثل الكتاب إضافة للمراجع المتوفرة حول حقيقة نضال وتضحية الشعب الفلسطيني وفي مقدمتهم النساء أثناء الاحتلال البريطاني لفلسطين، كما أن هذا الكتاب يظهر بوضوح  حيوية  ورقي المجتمع النسائي الفلسطيني العربي، وبعكس ما يدعى الأعداء كذبا من أهل فلسطين كانوا بدو رحل وبعدين عن العلم والحضارة. 

 

ولا شك بأن الكاتبة حنان بذلت مجهودا كبيرا وأياما كثيرة لجمع أهم المعلومات من المراجع  ومن الأهل والأصدقاء الذين عاصروا  نشاطات السيدات الفلسطينيات الرائدات بالعمل الوطني في خدمة الشعب الفلسطيني الصابر والمقاوم ضد ظلم وبطش المحتل البريطاني وعصابات المستوطنين الغزاة. وهنا، أريد أن أضيف بعض الأحداث التي أعرفها عن كل من السيدة زليخة الشهابي والسيدة هند الحسيني والتي لم تذكرا بالتفصيل في الكتاب، خاصة وأنني كنت على أتصال معهما لسنوات طويلة قبل وفاتهما. 

 

فالسيدة الفاضلة زليخة الشهابي أصرت على تسمية الإتحاد النسائي بالعربي في القدس أثناء التأسيس عام 1938، ورفضت بإصرار أن يسمى بالبداية الاتحاد النسائي الفلسطيني، لأيمانها الراسخ بأن كلمة عربي أهم من كلمة فلسطيني ولها دلاله هامة باعتبار أن فلسطين جزء من أرض العرب، وعلى العرب مسؤولية حماية فلسطين العربية من أطماع الأعداء ( مرفق صورة بيت بنت العم زليخة الشهابي بالقدس -شارع الزهراء، تم بناءه عام ١٨٨٥) .  وقامت ثانيا عام 1958، بإهداء قطعة أرض ثلاثة دونمات تخص عائلة الشهابي في قرية العيزرية من ضواحي القدس للسيدة كاترين سكسك  حتى تسطيع أن تقيم عليها الملجأ الخيري الأرثوذكسي للعجزة. علما بأن الكنيسة الأرثوذكسية في القدس التي يسيطر عليها الرهبان اليونانيين رفضت أن تقدم قطعة أرض لغرض إقامة الملجأ بالرغم من أنها كانت تملك عدة قطع أراضي في ضواحي القدس. والحقيقة أن والدي أول الأمر رفض تصرف بنت العم زليخة لكون أن قطعة الأرض المذكورة جزء من أرض كبيرة مشاع بين أفراد العائلة ولا يحق لأي فرد أن يتصرف بجزء منها، ولكنه بعد ذلك وافق لكون الهدف خيري ويفيد أهل القدس. وهذا التصرف يدل عن مدى العلاقات الطيبة والمودة التي كانت تجمع المسلمين والمسيحيين في القدس. وَمِمَّا يذكر ان السيدة  زليخة  قضت سبعون عاما  بالتمام والكمال، وهي ناشطة  في العمل التطوعي والخيري وخدمة الحركة النسائية العربية وبلدها فلسطين. 

 

وأما بالنسبة للسيدة الفاضلة هند الحسيني، فقد حضرت الى هامبورغ بعد إحتلال إسرائيل للقدس عام 1967. واتصلت بي لمساعدتها في اجتماع مع أحد المنظمات الألمانية الخيرية من أجل الحصول على منح دراسية في الجامعات الالمانية  لطالبات مدرسة دار الطفل العربية بالقدس. وقد  استطاعت السيدة هند بلباقتها ومهارتها من الحصول على 6 منح دراسية، وارسال معلمة ألمانية الى القدس لتعليم اللغة الألمانية. وحسب ما أعلم تخرجت أربعة من الطالبات من الجامعة وعادوا للتدريس والعمل في المدرسة.  ورافقت السيدة هند بزيارة الى احد المدراس الألمانية، حيث تحدثت لهم عن نشاطات المدرسة، وكيف أنها جمعت الفتيات الصغار من أبناء شهداء مذبحة دير ياسين عام 1948 التي قامت بها المنظمات الارهابية  اليهودية ووضعتهم في منزل قبل أن تحصل على عمارة كاملة من أحد أقرابها من آل الحسيني لمشروعها الخيري بإقامة مركز لبنات الشهداء، وبعد إنتهاء حديثها وقف جميع الحضور لمدة دقائق يصفقون لها والدموع في أعينهم. 

اذكر هنا فقط وباختصار سيرة سيدتين، و لكن كان هناك المئات والآلاف من الرائدات والمجاهدات والمبدعات من نساء فلسطين، وأتمنى على الجيل الجديد من أبناء فلسطين والأردن وباقي العرب أن يقرؤوا كتاب السيدة حنان العسلي- الشهابي ليتعرفوا على تاريخ المرأة الفلسطينية المشرف لكل عربي.