• 13 آب 2018
  • ثقافيات

 

 

لندن- أخبار البلد-  يترك الروائي البريطاني الهندي الأصل ف.س. نايبول الحائز جائزة نوبل للآداب عام 2001 الذي توفي عن 85 عاما، إرثا أدبيا غنياً، يتمحور خصوصا حول الأزمات الاجتماعية التي عصفت ببلدان كثيرة بعد انتهاء الاستعمار البريطاني.
قالت زوجته نادرة نايبول في بيان «كان عملاقاً في كل شيء فعله، وقد مات محاطاً بمن أحبهم بعد أن عاش حياة مليئة بالإبداع الرائع والمبادرة». ألّف فيديادار سوراجبراساد نايبول أكثر من 30 كتاباً مزج فيها بين الخيال والواقعية والسيرة الذاتية.
وُلد نايبول في 17 أغسطس/آب 1932 في جزر الهند الغربية البريطانية، في بورت أوف سبين، عاصمة ترينيداد، لأسرة من المهاجرين الهنود. وحصل على منحة ليدرس الأدب الإنكليزي في جامعة أكسفورد قبل أن يستقر في إنكلترا في 1953. أمضى الكاتب الراحل جزءاً كبيراً من حياته في السفر والترحال وأصبح رمزا للتفلّت من الجذور في المجتمع المعاصر. ولدى منحه جائزة نوبل للآداب في 2001، وصفت الأكاديمية السويدية أسلوب نايبول الأدبي بأنه «عصي على التقليد». ومن أبرز أعماله كتاب السيرة الذاتية «ايه هاوس فور مستر بيسواس» (منزل للسيد بيسواس) في 1964 الذي يحمل بطله سمات من والد الكاتب. وحصل على لقب فارس من الملكة اليزابيث عام 1989. ومن خلال هذا العمل، وصّف نايبول الصعوبة التي كان يواجهها المهاجرون الهنود في بلدان الكاريبي في الاندماج في المجتمع، مع الحفاظ على جذورهم.
كذلك لخصت الأكاديمية السويدية معاناة نايبول مشيرة إلى أن «الفقر الثقافي والروحي في ترينيداد كان يدمي قلبه، فيما باتت الهند غريبة عنه، واستعصى عليه اعتناق القيم التقليدية للقوة الاستعمارية الإنكليزية السابقة». وبعدما كرّس أول أعماله لجزر الأنتيل، وسّع نايبول آفاقه إلى العالم أجمع، وركّز خصوصا على الأزمات التي عاشتها المستعمرات البريطانية السابقة بعد انجلاء الاستعمار. وقد دفع السعي إلى سبر أغوار النفس البشرية ومن خلالها فهم مكنونات الذات، بالكاتب والفيلسوف إلى زيارة الهند وإفريقيا والأمريكتين والبلدان المسلمة في آسيا.

ووصف نايبول المستعمرات البريطانية السابقة بأنها مجتمعات «غير مكتملة»، وحاز الروائي الراحل مكافآت أدبية عدة بينها جائزة بوكر العريقة (1971) عن رواية «قل لي من أقتل». كما نال وساما من الملكة اليزابيث الثانية في 1990.
التقى في أكسفورد زوجته الأولى بات، التي دعمته في مسيرته الأدبية. وبعد وفاتها في 1996، كشف نايبول عن انطباع تكوّن لديه بأنه عجّل موتها بسبب معاشرته مومسات، فيما كانت تكافح جراء إصابتها بالسرطان. وخلال السنة عينها لوفاة بات، تزوج نايبول الصحافية الباكستانية نادرة ألفي. وقد عرف الروائي بأسلوبه المباشر كما بتخليه سريعا عن معارفه. وقال في أحد تصريحاته «حياتي قصيرة. لا أستطيع سماع تفاهات».
وكان يحمل بشدة على مواضيع مختلفة من فساد الطبقة السياسية الهندية إلى السلوك المنافق في رأيه من الغرب مع المستعمرات السابقة. ولم يتوان عن تشبيه رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير بقرصان يقود ثورة اشتراكية، كما كان ينتقد الأديبات اللواتي وصفهن بأنهن «وجدانيات». وأكد في مقابلة مع صحيفة «لندن إيفننغ ستاندرد» أن «النساء الروائيات مختلفات للغاية. عندما أقرأ جزءا من رواية في مقطع أو اثنين، أعرف ما إذا كان مؤلفه امرأة أو رجلا. أظن أن (عملهن) لا يوازي عملي». وعزا نايبول هذا الأمر إلى الأسلوب الوجداني للنساء ونظرتهن الضيقة للعالم.
وكانت الآثار المدمرة للاستعمار تمثل مصدر قلق كبير في أعماله، ولكن في روايته شبه الذاتية الشهيرة «إنجما أوف آريفال» التي نشرت عام1987، يحكي نيبول عن كاتب من أصل كاريبي يشعر بالسعادة لدى عودته إلى وطنه إنكلترا بعد سنوات طويلة من التيه. ووصف رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي وفاة نيبول بأنها «خسارة كبيرة». وكتب مودي على موقع التواصل الاجتماعي (تويتر) «سنتذكر السيد نيبول لما له من أعمال واسعة، التي غطت مواضيع متنوعة، تتراوح بين التاريخ والثقافة والاستعمار والسياسة، وغيرها، رحيله خسارة كبيرة لعالم الأدب».