• 22 آب 2018
  • ثقافيات

 

 القدس . أخبار البلد -  قال  الكاتب إبراهيم جوهر في رثاءه للكاتب السوري المعروف حنا مينا والذي  رحل عن العالم غاضبا مقهورا ، رحل عن عمر تجاوز التسعين بقليل،  وكتب  جوهر في موقعه على الفيسبوك  عن هدا الكاتب الذي لا يكاد مثقف  فلسطيني أو أي شخص عادي  إلا وتعرف عليه بصورة أو باخرى.

...رحل محزونا منسيّا مهموما مكتئبا مكتفيا بما عاش وما قدّم وأنجز.

 في وصيته التي كتبها قبل ثماني سنوات من رحيله يلحظ القارئ مدى قسوة الأصدقاء والهيئات التي يجب أن ترعى قامة بطول قامته.

في القول الآتي ما يشير إلى وحدته ولومه ورغبته بألّا "يتاجر" أحد بسيرته أو إبداعه. يقول: " ... آمل، وأشدد على هذه الكلمة، ألا يُذاع خبر موتي في أية وسيلةٍ إعلامية، مقروءة أو مسموعة أو مرئية، فقد كنت بسيطاً في حياتي، وأرغب أن أكون بسيطاً في مماتي، وليس لي أهلٌ، لأن أهلي، جميعاً، لم يعرفوا من أنا في حياتي، وهذا أفضل، لذلك ليس من الإنصاف في شيء، أن يتحسروا علي عندما يعرفونني، بعد مغادرة هذه الفانية."

ويبلغ اللوم الخفي و"نفض اليد" ممن عرفوه بسبب تخلّيهم عنه حين يقول - ولا أراه قاصدا المعنى الحقيقي للقول بقدر قصده اللوم والعتب ، ومن المعروف أن وصيته قد كتبت وهو يدري أنها ستنشر:

"أعتذر للجميع، أقرباء، أصدقاء، رفاق، قُرّاء، إذا طلبت منهم أن يدعوا نعشي، محمولاً من بيتي إلى عربة الموت، على أكتاف أربعة أشخاصٍ مأجورين من دائرة دفن الموتى، وبعد إهالة التراب علي، في أي قبر مُتاح، ينفض الجميع أيديهم، ويعودون إلى بيوتهم، فقد انتهى الحفل، وأغلقت الدائرة.

لا حزنٌ، لا بكاءٌ، لا لباسٌ أسود، لا للتعزيات، بأي شكلٍ، ومن أي نوع، في البيت أو خارجه، ثمّ، وهذا هو الأهم، وأشدد: لا حفلة تأبين، فالذي سيقال بعد موتي، سمعته في حياتي، وهذه التأبين، وكما جرت العادات، منكرة، منفّرة، مسيئة إلي، استغيث بكم جميعاً، أن تريحوا عظامي منها."

السّؤال هنا: لماذا يصل الحال بمبدعينا إلى هذا الحدّ من البؤس والعذاب والوحدة في وقت تتغنّى به شعوب الأمم الأخرى بمبدعيها وتفاخر بهم؟!

"حنّا مينة" الذي نقل البحر إلى صفحات الورق وثقافة قارئه وغنّى للفقراء المسحوقين يهزمه الموت ليبقي لنا لغته وبحره وسيرته المتحدّية بعيدا عن الاستسلام.

"كيف حملتُ القلم؟"

على الأكياس...بدأ رسم عالمه على أكياس العتالة في الميناء وانتهى وحيدا بجسده الواهن لكنه يسكن قلوب محبّي أدبه وشخصياته.