• 26 شباط 2019
  • ثقافيات

 

عمّان – أخبار البلد - ألقى العين حسين هزاع المجالي وزير الداخلية الأسبق محاضرة في منتدى الفكر العربي، حول "الثقافة الإيجابية والإشاعة الهدّامة"، تناول فيها الإنجازات الوطنية الأردنية على مختلف الصعد، وسمات الإيجابية لدى الإنسان الأردني حتى أصبح الأردن اليوم، قيادةً ووطناً وإنساناً مثالاً وقدوة لكثير من شعوب المنطقة بصدق الوطنية والإصرار والسعي الحثيث في ركاب التقدم والعلم والمعرفة. كما تناول خطر الإشاعة الهدامة على منجزات الوطن ودور أبنائه وقيادته، من خلال التركيز على سلبيات الواقع دون النظر إلى الإيجابيات، ومحاولة إضعاف الأمل وتفكيك البنى الاجتماعية والاقتصادية.

أدار اللقاء وشارك فيه الأمين العام لمنتدى الفكر العربي والوزير الأسبق د. محمد أبوحمور، الذي قال في كلمته التقديمية: إن الإشاعة لم تكن يوماً إلا حرباً ضد الحقيقة؛ مشيراً إلى أن انفجار الثورة المعلوماتية والمعرفية، وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي، وانفتاح الفضاء الإعلامي، وظهور مفاهيم جديدة كالمجتمع المدني والتنمية المستدامة والمشاركة في صنع القرار، جعل في المقابل الإشاعة تتطور في وسائلها وطرق تغلغلها لهدم هذه المفاهيم وإفشال تطبيقها، وبالتالي إضعاف المجتمعات وسلب قدرتها على التطور والنماء، وبث الفوضى والانقسامات، وإحداث انهيارات في البنى النفسية والاجتماعية، وشل القدرات السياسية والاقتصادية، وإيجاد بيئة هشة تسهل السيطرة عليها من قبل الطامعين.

وأشار د. أبوحمور إلى أن مبادرة جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين في مخاطبة شعبه بشكل مباشر، والتحاور مع مختلف أطيافه ومكوناته، من خلال الأوراق النقاشية الملكية، تعد نموذجاً لأقصى درجات الحكمة والوعي في مواجهة تحديات المرحلة الحساسة التي مرت بها المنطقة العربية خلال الربيع العربي وما بعده، موضحاً أن مضامين هذه الأوراق كانت موضوع جلسات حوارية عديدة نظمها منتدى الفكر العربي خلال الأعوام الستة الماضية برعاية رئيسه وراعيه سمو الأمير الحسن بن طلال، وتعد هذه المضامين بمجملها منطلقات قوية لثقافة إيجابية في بناء مستقبل الأردن الذي نريده جميعاً.

وفي محاضرته أوضح العين حسين المجالي أن من أجمل تجليات الإيجابية في حياة الإنسان الواعي تعظيم المنجزات التي تحققت في وطنه على مدار عقود زاهرة على أيدي القيادة الهاشمية الواعدة في فكرها، والرائدة في تفكيرها، وبأيدي الآباء الذين تسلحوا بالعزيمة التي لا تكل والصبر الذي لا ينفد، والتضحية التي لا تعرف الحدود. وكان الرهان في كل ما سبق على الإنسان الأردني المبدع، فهذه المنجزات تتمثل في الدولة الدستورية كأنموذج يحتذى، والمؤسسات العسكرية والأمنية المحترفة تحمي حياض الوطن، وتسهم في تحقيق السلم والأمن العالمي، وتقدم العون الطبي والإغاثي للدول المتضررة والمنكوبة، وهذه مؤسساتنا الطبية الرائدة في مجال البحث الطبي، والتصنيع الدوائي، والخدمات العلاجية المتميزة، وتلك جامعاتنا صروح علم ينهل الواردون من أبناء الأردن، والوافدون إليها من بقاع الدنيا شتى العلوم والمعارف التراثية والمعاصرة، لقد أضحت مؤسساتنا التعليمية والتربوية منارات هدى تضيء طرق الحق والقدوة والرفعة.

وأضاف المجالي: إن الإيجابية تستمر في هذا الوطن الأجمل وارث رسالة الثورة العربية، ومشروعها العروبي، ويبادر أبناؤه إلى ريادة ميادين الابتكار والإبداع، ينافسون أقرانهم على المستوى الإقليمي والدولي في مختلف مجالات: العلوم والمعرفة والتقنية، والاقتصاد وريادة الأعمال والرياضة، ليعلو اسم الوطن ورايته في المحافل الدولية قولا وعملاً، ولا يرضون إلا أن يكونوا في المقدمة مبدعين ومتميزين لرفعة وطنهم، وخدمة أمتهم حتى أضحى اسم الأردني النشمي في العالم أجمع رديف معاني الصدق والإخلاص والوفاء والنبل.

وقال المجالي: إن من أخطر السلبيات التي تسللت إلى مجتمعنا في أيامنا هذه الإشاعة الهدامة، التي لا تعظم منجزات الوطن، وإن القائمين على ترويج تلك الإشاعات يرون أن الأذى الذي يلحقونه بالوطن وأبنائه غنيمة، وأن من يقع في تصديق تلك الإشاعات الهدامة، ويسهم في نشرها في وسائل التواصل الاجتماعي صيداً ثميناً، حتى أمست وسائل التواصل الاجتماعي وسائل تناحر اجتماعي كما أشار جلالة الملك في كلمة له.

وأضاف أن الإشاعات أثرت سلباً في البنية الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، وأساءت إلى رموز وطنية هي مثال الوطنية والصدق والنزاهة، وسعت عن قصد إلى تحميل كلامهم ما لا يحتمل، وتحويله عن سياقه الذي جاء فيه إلى أمور لم يقصدها المتكلم لتحقيق سبق صحفي، أو تكثير عدد المتابعين للموقع الإعلامي، أو للإساءة الى ذلك المتتحدث الغيور حتى يستنكف عن الحديث أو الكتابة؛ مشيراً إلى أن الإشاعات الهدامة تهدف إلى نزع الثقة بين القيادة والشعب، وبين الشعب وأجهزة الدولة ومؤسساتها، وزرع التشكيكك والعداوة والضغينة والشحناء والاقتتال، واستبدال فكر البناء والإنجاز بفكر الفوضى والخصام، واشغال الساحة الوطنية بأمور جانبية وهامشية على حساب الانشغال بالمهم والأهم، واستبدال فكر الحوارات والنقاشات بالمناكفات والاتهامات.

ودعا المجالي إلى وقفة من كل نبيل غيور على وطنه إنساناً وقيادة وتراباً وإنجازاً أن يقوم بدوره في مقاومة الإشاعات الهدامة بعدم الالتفات لها، وتحذير الناس من تصديقها ونشرها، كل في موقعة وبأقصى طاقته، وقد تبنت مديرية الأمن العام هذا النهج بمبادرة:( فتبينوا)، المقتبسة من قوله تعالى:" يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا". وقال: إن مقاومة الإشاعة الهدامة واجب وطني، وتعبير عن رقي حضاري، وثقافة ناضجة راشدة، فوطننا وشعبنا وقيادتنا يستحقون منا الكثير.