• 6 آذار 2019
  • ثقافيات

القدس – أخبار البلد – خصص الكاتب "محمد عبد الرحيم" مقالة في صحيفة " القدس العربي " عن هذ الشخص الذي يعتبر نفسه عبقريا وهو ليس كذلك ، الا وهو يوسف زيدان الساعي للشهرة باي ثمن ، الهابط بكل  المستويات إرضاء للحاكم والغريب ،  ونحن في "اخبار البلد " إعادة نشر المقالة لما فيها من معلومات قد تفيد بعض المنجرين وراء هذه الشخصية التي اقل ما يقال عنها انها تخدم اهداف غريبة عن المجتمع .

«شرب النبيذ حلال في المذهب الحنفي ولا ضرر فيه. صلاح الدين من أحقر الشخصيات في التاريخ. أحمد عرابي خرّب مصر وجاء بالإنكليز إليها. المسجد الموجود في مدينة القدس ليس هو المسجد الأقصى، والقدس ليست مكاناً مقدساً. اليهود كانوا مستقرين في فلسطين لأنه وطنهم قبل وعد بلفور. لا بد من تفعيل التطبيع مع إسرائيل. توجه الرئيس عبد الفتاح السيسي للسلام الدافئ مع إسرائيل صحيح وسليم». (يوسف زيدان).

«أسعدنا سماع أقوال الكاتب والمؤرخ يوسف زيدان، ووصفه للعلاقات الحميدة بين اليهود والمسلمين حتى قبل ظهور النبي محمد، وحتى أيامنا هذه، مشيراً إلى أن جذور الحروب بين الطرفين تعود إلى المتطرفين». (سفارة إسرائيل في القاهرة).
أصبح ليس بالمستغرب أن يظهر يوسف زيدان بين الحين والآخر ليسرد ويحكي عن مغالطات وتهويمات، وآراء تتسم بالمراهقة وزيف الوعي. وفقط يستشعر الرجل بأن الأضواء خبت عنه ولو قليلاً، فيقوم فوراً بتكرار مقولات أو التصريح بآراء منفلتة ــ يعلم زيفها ــ لكنه يصر عليها ويكسوها بالتواتر. ولم يفوّت «الفيلسوف الفلتة» مناسبة معرض القاهرة للكتاب حتى يكرر تصريحه عن صلاح الدين، بمناسبة توقيع روايته الجديدة عن ابن سينا، والمعنونة بـ (فردقان)، ساعد على الهوجة معارضة أحد الحضور له، ووصفه زيدان بأنه يلفق حديثاً غير موثوق. ومن سوء حظ الرجل أنه ملتح، فتم وصفه في الصحف بالسلفي أو المتأخون ــ نسبة إلى الإخوان ــ وبالتالي صرف النظر عن زيدان ومقولاته، وتصوير الأمر بأنه حوار بين كاتب كبير وأحد العامة، الذين يصفهم دوماً زيدان بالجهل. وسنحاول تفنيد بعض مقولات زيدان الذي لا يسمع ولا يرى، فقط يتكلم.

البداية سرقة

لا تقتصر مشكلات زيدان على التصريحات المثيرة والمستفزة، بل تمتد وتتماس مع إنتاجه الأدبي، وهو ما يتمثل في الاتهامات العديدة بسرقة روايته «عزازيل» عن رواية إنكليزية كتبها تشارلز كينغسلي عام 1853 بعنوان «أعداء جدد بوجه قديم»، والمعروفة أكثر باسم «هيباتيا»، التي ترجمها عزت زكي إلى العربية بعنوان «هايبيشيا» ونشرتها دار الشرق والغرب في الستينيات. فكل من الروايتين متشابهتان في كل شيء، الشخوص أنفسهم، الإطار المكاني والزماني نفسه الأحداث نفسها، كل شيء في رواية «عزازيل» يطابق رواية «هيباتيا»، لم يزد عنه إلا المخطوط السرياني الذي أضافه عليها. (راجع تفصيلاً آراء كل من كمال العيادي ورؤوف مسعد وعلاء حمودة في عدد «القدس العربي» بتاريخ 28 فبراير/شباط 2017). إلا أن زيدان رد على هذا الاتهام قائلاً بأنه لم يقرأ رواية كينغسلي ولا يعرف عنها شيئاً، ولكن كذّبه حوار قام بتسجيله بنفسه في وقت سابق، أقر فيه بقراءة الرواية وانتقدها كذلك نقداً لاذعاً، في مجلة «روزاليوسف»، عدد السبت 21 مارس/آذار 2009!

صلاح الدين

ذكر زيدان أن صلاح الدين الأيوبي قتل نحو مليون إنسان، وأعاد القدس إلى المسلمين بالتصالح، ومحررها الحقيقي هو السلطان نور الدين محمود، كما أنه مَن أدخل اليهود إلى القدس، مخالفاً العهدة العمرية للمسيحيين بعدم إدخال اليهود إلى القدس، فـ»البطل المغوار بتاعكم هو اللي دخل اليهود للقدس في القرن السادس الميلادي». ففي عهد عمر بن الخطاب لم يكن هناك ما يسمي بالقدس، وكانت مدينة مسيحية خالصة. وصلاح الدين ــ رغم إعدامه شهاب الدين السهروردي ــ لم يكن شريراً شراً مطلقاً، ولا خيّراً خيراً مطلقاً، لكنه تعامل ومنطق عصره، فلا هو مجرم حرب ــ بمفهومنا الحالي ــ كما يراه الشيعة والإيزيديون والمندائيون، وليس أحقر شخصية فى التاريخ الإنساني، كما يراه يوسف زيدان، الذي يبتعد تماماً عن أي منطق علمي، وليست هناك أحكام قطعية ممكن أن تصدر في حق شخصية تاريخية، زيدان هنا يقتطع الشخصية من سياقها، وينسب بعض الأحداث المغلوطة، كحرقه للمكتبة، وقد أغلقها وباع كتبها، كذلك حكاية قطع النسل الفاطمي بتفريق الرجال عن النساء، هو أمر مشكوك فيه، بدون أن يُجمع عليه المؤرخون.

اليهود

يذكر زيدان أن (اليهود كانوا مستقرين في فلسطين لأنها وطنهم قبل وعد بلفور)، متناسياً انعقاد مؤتمر الصهيونية في بازل السويسرية عام 1897، الذي دعا فيه ثيودور هيرتزل لإقامة وطن قومي لليهود، وبالفعل هجَّرت الوكالات اليهودية بناء على توصيات هذا المؤتمر، اليهود من أوطانهم الحقيقية في أوروبا لاحتلال فلسطين. وقال إن «العصابات اليهودية المسلحة (الهاجاناه) أنشئت بغرض مقاومة الاحتلال البريطاني». وهو ما يكذّبه التاريخ، فقد تم الاتفاق وقت الحرب العالمية الثانية بين بريطانيا واليهود عام 1945 على إمداد البريطانيين بفيلق يهودي يحارب معهم في الحرب، على أن تقوم بريطانيا بتسليحه الدائم حتى بعد انتهاء الحرب، وتكوَن هذا الفيلق من 500 مجند يهودي أمريكي، و500 مجند يهودي بريطاني، و500 مجند يهودي مصري وفلسطيني، هؤلاء شكَّلوا في ما بعد عصابات الهاجاناه التي قتلت أبناء الشعب الفلسطيني الأعزل. من ناحية أخرى أكد على الوجود اليهودي في المنطقة بأسرها من النيل للفرات، بذكره الوعد التوراتي لإبراهيم باعتبار وريثيه إسحاق وإسماعيل، قائلاً «بالرجوع للتوراة، نلاقي إن ربنا وعد إبراهيم بأن يعطي نسله الأرض من النهر إلى النهر الكبير ــ نهر مصر ــ وإبراهيم أنجب إسحاق وإسماعيل، وأن إسحاق جد العبرانيين، وإسماعيل جد العرب، ومن هنا هل يوجد في هذه المنطقة غير العرب والعبرانيين، يبقى بتتخانقوا على إيه؟ هي لعبة سياسية لعبوها، حكامنا وحكامهم، ورجال الدين عندنا وعندهم»، ولكن أول دخول كان بعد قرون على يد يوشع بن نون، كما أن التوراة نفسها لا تعترف بالإرث المشترك ــ الذي يدّعيه زيدان ــ لأنها تنحي منه إسماعيل جانباً باعتباره وريثاً غير شرعي، لأن أمه جارية. (راجع إيمان الطيب، أستاذة التلمود والعهد القديم في كلية الآداب جامعة أسيوط).

القدس والمسجد الأقصى

بداية من عدم وجود لمدينة تسمى (القدس) ــ حسب زعم زيدان ــ فإنه بالتالي لا وجود لمسجد أقصى تمت زيارته في رحلة الإسراء، فهذا المسجد موجود في الطائف وليس فلسطين. فاعتبار وجود المسجد الأقصى مفتعلاً وطارئاً، ومجرد بناء اقتضته ظروف سياسية صراعية، خلاصتها هي محاولة الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان صرف الناس عن الحج إلى مكة، التي سيطر عليها عبد الله بن الزبير من خلال بنائه لقبة الصخرة، ولكن هذه الادعاءات مردود عليها بأن الخليفة الأموي بنى مسجد قبة الصخرة، والقبة ذاتها، تأكيداً لدخول الإسلام إلى المدينة. أما تسمية القدس بـ(أورشاليم) فأصلها يعود لليبوسيين العرب، فهم مَن أطلقوا عليها اسم (أورسالم) أي مدينة السلام، وبالتالي لا علاقة لليهود بهذا الاسم وهذه المدينة. ثم خلاصة الأمر التي تتجلى في ترويج ومباركة يوسف زيدان لتفكير رئيسه الراجح ونواياه، قائلاً إن «توجه الرئيس عبد الفتاح السيسي للسلام الدافئ مع إسرائيل صحيح وسليم، ولا بد من تفعيل التطبيع مع إسرائيل». فهل يجرؤ السيد زيدان نقد السلطة الحاكمة وممثلها؟ أم تظهر الشجاعة والبطولة الخائبة في نقد الأموات فقط؟

في صحة البروفيسور

ولا نختتم إلا بأحد التصريحات والآراء العجيبة التي أفرزتها قريحة المفكر الكبير، ويأتي ذلك في قوله إن «شرب النبيذ حلال في المذهب الحنفي ولا ضرر فيه، لكنه محرم في المذهب الشافعي، فمسألة الحلال والحرام تختلف باختلاف المذاهب، والأزهر يتبع المذاهب الأربعة، وهي الحنفي، المالكي، الشافعي، والحنبلي، أما مصر فتتبع رسمياً المذهب الحنفي، بينما تتبع عملياً المذهب الشافعي»!