• 5 تموز 2019
  • ثقافيات

 

بقلم : د على قليبو

 

التهالك للاستحواذ على  المعالم  التاريخية وجغرافيا  فلسطين محتدم على الجانب الإسرائيلي  و يحاصرنا ويضيق علينا الخناق  في كل مكان !

في تغييب سافر للتاريخ الفلسطيني و للهوية الفلسطينية وجذورها في اعماق جغرافية الارض الفلسطينية وتاريخها، تصبح الرواية الإسرائيلية  أمرا واقعا .

في اطار هذا الواقع الافتراضي  نتذكر جميع طنطور فرعون  ومجموعة المقابر الهيلينيستيه  الرومانية في الواد المقدس والتي استعملها الفلسطينيون  منذ أيام اليبوسيين في القدس وذلك لدفن الموتى... وتوالت الأديان لتصبح مقابر على الطراز اليوناني والروماني و اليهودي لتصبح بعدها مقبرة لنصارى كلا من الروم واللاتين...

تبعا لذلك كان لا بد للبابا في زيارته القديمة التأكيد على الوجود الكاثوليكي بإقامة القداس اثناء زيارته  الاخيرة  في  مقبرة القدس التاريخية في الركن التابع لطائفة اللاتين!

طنطور فرعون في الاسم العربي الذي أوشك على الاندثار عند العامة ... دلالة على امتداد  نفوذ البطالمة المصريين الى  القدس، حيث نجد اثارهم جلية في العمارة المنحوتة في الصخر  و التي تعلو قبتها زهرة اللوتس المصرية و كما نحتت واجتها بالكثير من فنون العمارة المصرية، كما تمتزج مع فن  الأعمدة اليونانية و التي نرى أثرها   في العامود الأيوني!

إن البناء الاول بطليمي وهو يمزج بين الحضارة المصرية والاغريقية، و يعتبر آية في الاناقة تذكرنا بجمال  وروعة التربة المصرية  التي بلغت أوجها في العصر المملوكي!

و يوجد خلف طنطور فرعون  مدافن رومانية ويونانية كما هو الحال في بقية فلسطين إلا انها تختلف عن غيرها في القدس وفي سلفيت شمالا و الريحية جنوبا  و ذلك في أن واجهتها  تكون مزدانة بالأعمدة المنقوشة حسب الطراز المصري الهيلينيستي!

على الواجهة وبخط ركيك نقش  بصورة بدائية لا تتناسب  وجودة النقش في العمارة نجد اسم يهودي   يتخذه الإسرائيليون ليشيروا الى جذورهم التاريخية  على ثرى فلسطين.

الاسم المنقوش  هو إضافة لاحقة للمبنى واستعمال ثانوي  هدفه  اضفاء الهوية اليهودية  على المكان...

حيث تجد علماء الاثار الصهاينة يدعون أن التربة  المصرية من زمن البطالمة هي يهودية الأصل!

وتبعا  لذلك تنسج رواية دينية يهودية ويجدون تأكيدا لها في التوراة  ويسقط تفسير ديني يهودي على رموز العمارة وأقسامها ولنشر المعلومة تصبح مزارا يقصده طلاب المدارس اليهودية ويتم تلقين الرواية للادلاء السياحيين.

 وبتزوير تاريخ المعالم المرتبطة بالشعوب والديانات الاخرى يصبح كل موقع في فلسطين مرتبط حصريا بالوجود اليهودي في فلسطين، ليخلق ويرسخ  العقيدة اليهودية الصهيونية....

هذه الاجراءات  ليست  مجرد وجهة نظر  بل  استراتيجية مدروسة عن قصد وسابق تدبير، تهدف الى خلق هوية إسرائيلية تمتد شرعيتها ومصداقيتها عبر التاريخ ويتردد صداها في فلسطين.

 وهكذا وبقدرة قادر يصلح كل معلم وكل بقعة جغرافية دلالة على جذور هويتهم المزيفة.

و في غياب التاريخ وعلم الآثار الفلسطينية تضمحل  وتتلاشى الهوية الفلسطينية ويغيب عن الذاكرة طنطور فرعون بدلالات ورموزه الحضارية المرتبطة بالهوية الفلسطينية ليحل محله قبر ابشالوم  اليهودي الهوية!

 سؤال برسم الإجابة على طاولة الخبراء والأساتذة والمسؤولين الفلسطينيين : اين هي الرواية الفلسطينية؟! وماذا فعلنا كمثقفين وخبراء من اجل  الحفاظ على الرواية الفلسطينية حية ، في وجه الرواية الإسرائيلية المسيطرة ؟!