• 18 تموز 2015
  • نبض إيلياء

 خليل العسلي

 ها قد انتهت حالة العشق والمحبة الخاصة التي تربطنا بشهر رمضان المبارك، تلك العلاقة الروحانية الاجتماعية التي نفتقدها
طيلة اشهر السنة ، تنتعش  وتزدهر في كل مرة يزورنا هذا الضيف الغالي العزيز فهذه العلاقة المميزة مرتبطة بالقدس  فهي اقرب نقطة الى السماء ، كما ان هذه العلاقة مرتبطة ايضا بقدسية الشهر الفضيل ، كل هذه الصفات الربانية اجتمع بمكان واحد وفي شهر واحد فحلت البركة !!

 وهذا العام كان رمضان كما يقال بالعامية "غير شكل" من حيث الاجواء المريحة غير المتوترة ، ومن حيث الاندماج
الروحاني بالزمن والمكان ،  حيث الاقبال كبيرعلى الاقصى ، هذا الاقبال لم يتقصر على الاهل في الضفة الغربية وقطاع غزة بل شمل جنسيات اسلامية مختلفة فاللمرة الاولى اصبح بالامكان رؤية مسلمين من عدة دول
مجتمعين  في الاقصى  في ان وحد ، مما يثلج الصدر ويشعر المقدسي انه ليس لوحده،  ففي الوقت الذي تخلى عنه  اهله وعشيرته العرب وجد عزاءه في المسلمين من اتراك واندونيسيين وفرنسين مغاربة وجزائرين  واوزباكستانين وهنود وغيرهم من جنسيات مختلفة جاءت لتشارك المقدسي هذا الشهر الفضيل لتضفي على المدينة رونقا اخر بنكهة اسلامية عالمية غابت عن القدس لعشرات السنين !

 وكالعادة فان المسجد الاقصى كان  هو المحور  وكان هو الاهتمام  ومحط الانظار ومكان الالتقاء ، هذا المكان الذي
لا زال يعانى من قله الاحترام من قبل الضيوف المحليين القربين ،  ويحظى باحترام وتقدير كبير من قبل الضيوف
المسلمين غير العرب ، فتجد هذه الفئة  تسير فيه بوقار ويجلسون فيه بسكينة ، يتحدثون فيه بخشوع ، ويتصرفون بادب فائق ، على عكس اهل البلد والذين يحتاجون الى اعادة تثقيف حقيقي باهمية المسجد الاقصى ، وفي بجديات اداب الدخول الى الاقصى والاماكن المقدسة والتعامل مع تلك الاماكن ، فالمشاكل والمظاهر غير الحضارية وغير الدينية نراها ونعانى منها ككل عام في المسجد الاقصى بسبب قلة الاحترام او جهل الاهل باهمية هذا المكان الخاص الذي لا مثيل له !!

 وهنا ياتى دور التربية والتعليم اضافة  الى رجال الدين والوعظ الذين يفضلون اما السكوت خوفا من بطش الجهلة ، فلا قانون يحكم ولا وزاع ديني يردع ، او ان الشيوخ يفضلون ان يعطوا دروسا مكرره كل عام ، ان اجتهد هذا الشيخ او ذلك الواعظ فان دروسه الجديدة لا تحمل في مضامينها الكثير عن تكوين الشخصية الاسلامية الحضارية  بل هي قصص وحديث فوقي !!!   

 ما علينا

 المهم ، اننا في هذه العجالة نتناول دور دائرة الاوقاف الاسلامية المسوؤلة عن المسجد الاقصى والاماكن الاسلامية ، هذه الدائرة التي تجتهد كل عام  في ادارة المكان بهذا الشهربالذات هذا الشهر الذي يحتاج الى حكومة كاملة لادارته ، وهذا العام وبشهادة الكثيرين الذين التقيناهم على انفراد او التقت بهم "اخبار البلد"  اجمعوا على ان الاوقاف قامت بجهد كبير من اجل
الحفاظ على نظافة المكان المقدس ، ومن اجل خلق اجواء دينية ايجابية روحانية، وتنظيم استقبال الضيوف والذين وصلوا بمئات الالاف اليه  وخاصة في ليلة القدر، فالاوقاف الاسلامية تمكنت من تنفيذ القسم الاكبر من مهمتها على احسن وجه ،  رغم ان بعض السلبيات لا تزال موجوده ، ولكن هذه السلبيات تحتاج الى امكانيات مادية وبشرية كبيرة لا اعتقد ان الاوقاف لديها هذا او ذاك وقد لاحظ الكثيرون وجود اعداد كبيرة من الاعلامين والصحفيين  والمصورين في الاقصى ،  وكل منه يقوم بنقل رسالته اعلامية او بثه التلفزيوني او اجراء مقابلته من داخل الاقصى وهذا عمل جيد، ولكن كان حريا
بالقائمين على الاوقاف ان يقوموا  بتنظيم دخول الصحفيين من خلال تسخير كل امكانياتها بهذا الخصوص ، حتى تتاكد ان رسالتها قد وصلت جميع وسائل الاعلام العربية والاجنبية وان يسمع صوت الاوقاف في تلك الوسائل خاصة !!!

ان الشيخ عزام الخطيب مدير عام الاوقاف والذي قد نختلف معه بالكثير من النقاط ، الا اننا لا نختلف جميعا على الجهد الكبير الذي بذله هذا العام من اجل انجاح مهمة الاوقاف التي لا تزال بحاجة الى تطوير في السنوات القادمة ! وفي الايام الاخيرة من شهر رمضان شاهدنا الشيخ عزام الخطيب وقد بدت على محياه علامات الارهاق والتعب ، فهو يعمل على مبدأ مسك العصا من الوسط  في محاولة  منه لارضاء جميع الاطراف في القدس ، وهذا ما لن يحدث على الاطلاق " فرضى الناس غاية لا تدرك " ،  وذات مساء قال لي : والله تعبت وارهقت ! ولم اعد اتحمل ! ودائما تجد من ينتقدك ! ودائما تجد من يحاول عرقلت مسيرتك ! ويضيف وهو ينظر ذات اليمين وذات الشمال في ساحة الصخرة المشرفة  يتفقد احوال الرعية ، لم يعد بالامكان التحمل اكثر .... وكان الله بعوننا على انهاء هذا الشهر الفضيل ..."

 وها قد انتهى الشهر الفضيل ، و كان النجاح بصورة عامة عنوان المرحلة القادمة ، ولكن هذا لا يكفى بل على الاوقاف العمل بصورة اكبر وبشكل ممنهج بدل الاجتهاد حتى تكتمل الجهود لتحقيق الهدف الاسمى الحفاظ على الاقصى وتسهيل الزيارات اليه !!

 وكل عام وانتم بخير

 وللحديث بقية