• 5 شباط 2014
  • نبض إيلياء

لقد قمت بإرجاء كتابة هذه المقالة عدة مرات ،  وفي كل مرة كنت أجبر نفسي  الاستماع لأكبر عدد من الاذاعات المحلية  وفي اوقات مختلفة ، حتى لا يكون كلامي جزافا ، او مبالغ فيه ، وحتى لا يكون نقدي عبارة عن معركة شخصيه ،  وفي كل مرة كنت استمع الى عدة اذاعات في ان واحد وفي نفس الوقت في الصباح والمساء والظهيرة اصل الى نفس النتيجة !!

ان ما تشهده  فلسطين من هجوم اذاعي ( بالمعنى الايجابي للكلمة ) ، فاق كل تصور وتوقع ،  رغم انه وفق اخر احصائية فان الاذاعة تعتبر المصدر الرابع  للمعلومات بنسبة 8 % وقبلها الاشاعة نسبة 9 %  ولا زال التلفزيون يعتبر المصدر الاول للمعلومات .

 واعتقد جازما او أكاد !  انه لا مثيل لهذا الواقع في العالم العربي ، هناك من يقول ان  لبنان تشبهنا بهذه الموضة ، ولكن ليس بهذه الفوضى ،  فمن لم يستطع افتتاح اذاعة " اف ام  " والحصول  على التراخيص اللازمة من الجهات الرسمية ، ويدفع الرسوم  المطلوبة ، نجده يتجه الى  المخرج الاسهل والأقل تكلفة  ألا وهو اذاعة " إنترنت "،( فهناك مؤسسات محلية بدعم اجنبي تقدم الفي دولار لإقامة مثل هذه الاذاعات )  مع العلم ان قرابة 40 % من المنازل في الضفة الغربية مشتركة بخدمة الانترنت وفق احدث احصائية  ،  فهذه الموضة الحديثة والتي يشجع عليها من يطلقون على أنفسهم منظمات العمل المجتمعي بدعم ( كالعادة) من الجهات المانحة التي تكتب لنا كيف سيكون عليه أعلامنا في السنوات القادمة ، ولهذا نجد ان الطلب على اشده ، والدورات اكثر من الهم على القلب ، ومؤسسات إعلامية تغيرت وتبدلت وأصبحت بقدرة المانحين متخصص بإقامة  الإذاعات الانترنتيه  ( ورغم انه ينطبق عليهم مبدأ فاقد الشئ لا تعطيه ) وهكذا اصبحنا قرب قوسين او ادنى من تحقيق هدف " إذاعة لكل مواطن " بكل ما في الامر من إيجابيات ان كانت تلك الإذاعات مهنية وتعرف ماذا تفعل! وبكل السلبيات التي ترافق هذه الظاهرة من الاستهتار في الجمهور وغياب المهنية التامة كما يحدث حاليا
ما علينا
المهم، ان  إذاعات "آلاف ام " التي أصبحت تملئ السهل والوعر والجبل قبل ان تملئ السماء والأثير ، وتحمل اسماء غريبة عجيبة ،  ويعتقد البعض ممن يعملون بهذا المجال انها الفرج لإعلام المتحجر المتشنج والفوقي ، ولكن وبنظرة موضوعية جافة بعيدا عن الشخصنة  ومن منطلق الانتقاد البناء  ، يمكن القول  ان هذا السوق الإذاعي يعاني من نفس المشاكل التي يعاني منها الاعلام الفلسطيني عامة  ومن هذه المشاكل المستعصية التي لم تتمكن اموال المانحين من حلها هي التقليد ، فان المتتبع  للإذاعات يجد ان الغالبية منها تقلد بعضها البعض تقريبا في كل شئ ، ففي ساعات الصباح جميع الاذاعات تقرا الصحف التي لا تحتوى عادة على أي شئ ، بعد ذلك تأتى فترة الاخبار ونجد التشابه بالمواضيع والأشخاص الذين تتم مقابلتهم ، وبعدها تأتى فترة حل مشاكل المواطن  المسكين ، وهناك نجد الاختلاف فبعض الاذاعات تفضل استخدام الكلام الوقح وبعضها تستخدم الكلام العام وبعضها تستخدم اسلوب الهجوم على الحكومة الفلسطينية ولكن تلك الاذاعات جميعها لا تحل مشاكل المواطن ، اما  اللغة المستخدمة بالاذاعات بصورة عامة ليست لغة عربية بالتأكيد  وليست لغة محكية عربية مبسطة ، هي مخلوق مسخ لا يمت الى العربية بصلة ، هي تشويه للعربية !! فالأخطاء اللغوية التي يرتكبها المذيعون والمذيعات تجبر المستمع البسيط وليس استاذ اللغة العربية على الشعور بالقرف  وإغلاق الاذاعات او البحث عن موجه اخرى يعرف المذيعون  والمذيعات فيها تكلم العربية بأبسط  حالاتها  !

اما الموسيقى فحدث لا حرج  فهناك جهل تام بطبيعة المستمع ونوعه ،  فمستمع الصباح ليس نفسه مستمع المساء وليس نفسه مستمع الظهيرة والموسيقى يجب ان تكون وفق ذلك، ان كانت الاذاعات تحترم مستمعها وتريد الاحتفاظ ، فلا اسهل من اضاعة المستمع الذي يتجه الى الاذاعات المخترقة للحدود، ناهيك عن الفوقية التي تتعامل فيها الاذاعات مع المستمع وكانها  هي التي تعرف حقوقه وواجباته وعليه تحمل هذه الاذاعات ليتعلم منها  ..!!!

 وما يهمنا بهذه العجالة هو القدس في الاذاعات الفلسطينية المحلية ، هي باختصار غير موجودة على الاطلاق ، رغم وجود اذاعات تطلق على نفسها اذاعات من القدس الا انه لا علاقة ها بالقدس فهي هنا وهناك ، الصوت المقدسي غير مسموع الا اذا كان في اطار الحرب والضرب، والهموم المقدسية غير مسموعة على الاطلاق ، فحتى في الفضاء الاذاعي القدس غير موجودة ، وان وجدت فهي باستحياء فقط من قبل رفع العتب ، وحجم ما يبث من القدس وعن القدس في الاذاعات المحلية لا يتجاوز الواحد بالمئة مما يبث يوميا

ان الحديث عن الاذاعات الفلسطينية بشقيها الاف ام والانترنت بحاجة الى سلسلة طويلة من المقالات والمعالجات ، ان اردنا حقا رفع مستوى الاعلام الاذاعي ، وان نجعله  مصدر معلومات  وتوعية يعتمد عليه ، اما القدس فهي لها الله حتى في الاعلام

 وللحديث بقية