• 10 نيسان 2017
  • نبض إيلياء

 

 

قال لي اسمع يا صديقي انت سألتني عن حالة القدس هذه الايام ؟! وهنا تذكرت هذه الحكاية التي يعرفها اهل المدينة، إنها حكاية رجل وهب نفسه لعمل الخير بدون البحث عن منصب او مآرب شخصية من وراء ذلك .!

 لم  اعلق على هذا الكلام ، بل طلبت من الصديق الاسترسال بحكايته ، فهي بالتأكيد حكاية مقدسية غير محكيه…  واضاف قائلا وهو الابن البار :

 لقد شعر الحاج فخري بغصة في قلبه، عندما كان يرى طريق دفن الموتى في القدس  في ذلك الوقت في خمسينات القرن الماضي ،  فلقد كانت الطريقه تتم بشكل  لا تليق بالمقدسيين ، ولا بالميت ولا بالمدينة ، مهبط الديانات السماوية . فقام الحاج مع بعض من اصدقاءه المخلصين بتآسيس لجنة دفن الموتى ، وجمع التبرعات من العائلات المقدسية ، كل حسب قدرته الاقتصادية،  بهدف احترام الموتى من خلال دفنهم بطريقه لائقة ، وبعد فترة وجيزة قامت اللجنة بشراء سيارة لنقل الموتى ودفنهم .

 وبعد ذلك  وجد الحاج فخري ان هناك الكثير من العائلات المستورة ، التي تعيش في القدس وفي محيطها ، فجلس  مع الاصدقاء وتقرر تشكيل لجنة العائلات المستورة ، فكان يقوم هو بعض المخلصين للقدس  من اهلها ، بجمع التبرعات صباحا ، ويقوموا بتوزيعها مساءا على العائلات المستوردة، بصورة تحترم كرامتهم الانسانية وبعيدا عن اعين الناس ..!

 واستمر هذا الصديق المقدسي الاصيل بحكايته قائلا : لقد حول  الحاج فخري حانوته والذي كان بقالة معروفة في البلدة القديمة ، ليكون مقرا لتوزيع التبرعات على المحتاجين الذين يقصدون هذا الحانوت ، تلك المساعدات التي كانت عبارة عن تبرعات من اهل الخير وهم كثر ، وصلت حتى قطاع غزة، 

هذا الحانوت الذي كان يخلو من اية بضائع ، لانشغال صاحبه بعمل الخير . 

 وذات يوم اكتشف انه في الصندوق الخشبي القديم المخصص للتبرعات  لم يبقى اي شئ، من النقود!!  فنام وهو مهموم ، فعليه ان يجد الوسيلة في اليوم التالي لجمع التبرعات قبل وصول المحتاجين لحانوته ، نام وكله امل ان يجد حلا ، نام وهو على قناعة ان الله كريم . نام ولم يفكر بحانوته الفارغ الذي ورثه عن العائلة منذ عشرات السنين.

 وفي صباح اليوم التالي  خرج من منزله باتجاه  حانوته في البلدة القديمة ، والافكار تتسارع في راسه بحثا عن مخرجا، وفجأة اوقفته سيارة كان يقودها صديق لم يراه منذ زمن ، قال الصديق الغائب : انا كنت  في طريقي الى حانوتك ، فلقد عدت من الكويت بالامس ولدى امانة لك ، وهي عبارة عن الفي دينار كويتي ، ارسلت من اهل الخير هناك اليك حتى تقوم بتوزيعها على المحتاجين من اهل القدس اولا، واي محتاج اخر في ارض فلسطين ، فالجميع في الكويت  سمعوا بعملك الخيري المبارك ، فرفع الحاج فخرى بنظره الى السماء وقال شاكرا ربه  : يا الله كم انت كريم،  ففي الليل لم يكن في الصندوق قرش واحد ، وفي الصباح اصبح هناك الفي دينار!!! اشكرك يا رب واحمدك على نعمك !

ما علينا 

 المهم ، ان صديقنا المقدسي  انهى حكايته  عن الحاج فخرى بقوله : ان هذه القصة تدل على حب العمل الخيري الذي كان يسود القدس  في تلك الايام 

 هذا العمل الخيري، يا صديقي  لم يعد قائما في المدينة الان !!!!  فالعمل الخيري  المخلص ، اختفى ليحل محله نوع مختلف من اعمال ذات المصالح الشخصية  التي تآخذ غطاء العمل الخيري ، فكيف يمكن ان تفسر ان مؤسسة رفعت شعار العمل الخيري  اصبح القائمون عليها من اصحاب الاملاك والسيارات والشقق وهم كانوا حافة عراه !؟! كيف يمكن ان تفسر ان مؤسسة خيرية تحولت لتكون حكرا على مديرها وعائلته ؟!

 قلت له يا صديقي . بالتاكيد ان هناك الكثير من امثال الحاج فخري في القدس هذه الايام ، وان لم يكن بالتاكيد سيظهر قريبا ،  لان القدس مباركة ولا يبقى فيها الا المبارك ، اما اصحاب المصالح الشخصية الذين يستغلون القدس لاهدافهم الانانية ، ويتاجرون باسم القدس في العالم العربي والاسلامي والدولية فان المدينة سوف تلفظهم للخارج فهم عراة امام القدس واهلها ويحسبون انفسهم مكسون باغلى الملابس ، فصيرهم معروف ، والامثلة كثيرة على ذلك !!! صمت الصديق وقال :  اتمنى انك على حق….!!

 

وللحديث بقية

                                                                                                                               خليل العسلي