• 19 حزيران 2017
  • نبض إيلياء

 

 

 

 إن لقاء جلالة الملك عبد الله الثاني ، ليس بالشئ العادي بالنسبة للغالبية من الشخصيات التي دعت لتناول الافطار في القصر الهاشمي العامر، فهذا اللقاء يتطلب تحضيرات واستعدادات معينة ، حتى لو كنت  ضيف شاهدا وليست متحدثا او مقربا . 

 هذه التحضيرات بدات لحظة  وصول الدعوات عبر الهاتف من الديوان الملكي العامر، فمنهم من اخذ يكتب الجمل والعبارات التي سيلقيها امام جلالة الملك كما طلب منه ذلك، وإجتهاد في كلماته  وفي عباراته  على امل أن تصل الى عقل وقلب الملك ، والإ فإن عباراته لن تخرج عن كونها عبارات مكررة تتسم بالمديح والتملق ، وهذه  العبارات لن تصل إلى إي مكان فهي ستخرج من الاذن كما دخلت ، وبهذا يكون قد اضاع الأمانة التي حملها له سكان القدس !!! وهكذا كان في بعض الكلمات التي القيت، فجلالة الملك هذا عملي ويرغب بمتقضب الحديث وافيده !

وعندما حانت ساعة اللقاء ، التقى المقدسيون بمن فيهم المستقل والموظف والمسؤول في الحافلة التي ستصل به إلى الجسر ، وما أن اخذ  كل شخص موقعه في الحافلة ، حتى بدأ الهمس  والغمز والحديث والإستعداد لهذا اللقاء الملكي الذي بات سنويا ، تحضره بعض الشخصيات بعينها دائما بينما تحضره شخصيات لمرة واحدة فقط، وأستغل الوفد المسافة ما بين القدس والجسر بتبادل اطراف الحديث  مع اشخاص هم جيران لهم في المدينة ، ولكن لا يمكن التقاء معهم إلا في الحضرة الهاشمية التي اثبت أنها الاقدر على جمع كل الطيف المقدسي الفلسطيني الاسلامي المسيحي! 

 فمنهم من حاول تعزيز اواصل الصداقة مع بعضهم البعض ، ومنهم من حاول تسويق مشروع شخصي ما ، ومنهم من عمل على الترويج لنفسه ولمنصبه !! فهي فرصة قد لا تتكرر بأن تلتقى هذا العدد من المقدسيين ذوي المناصب الرفيعة والاماكن الحساسة، اصحاب التأثير هنا وهناك . 

وما أن وصل الوفد الى الجسر وبالتحديد في الجانب الاسرائيلي ، حتى عاد لهم الشعور بأنهم عبارة عن بشر يعيشون تحت الاحتلال حتى لو كانوا اصحاب مراكز ، وحتى لو كانوا بطريقهم لمقابلة ملك البلاد ، فموظفة امن اسرائيلية اجبرتهم جميعا على خلع احزمتهم واخراج ما في جيوبهم والمرور عبر جهار الفحص ، رغم ان مسؤول اسرائيلي  اخر سمح لهم بالدخول بدون اي تتفيش !! انه الاحتلال.. 

 

 

 

 

 

 

 ما علينا 

 المهم ، أنه وبعد طول إنتظار وصلت الحافلات الأردنية التي ستقلهم الى القصر الهاشمي الجميل، ولكن حتى هناك كان عليهم الانتظار حتى يتم فحص جوازاتهم وبطاقاتهم الخضراء الملعونة، تلك البطاقات التي حولت حياة المقدسيين الى جحيم وكابوس يومي !!   البعض استغل فترة الأنتظار الطويلة ايضا ، لشراء بعض علب السجائر فهي سلعة مطلوبه حتى لو تكن مدخنا !!! 

 ووصلوا  اخير قبل اذان المغرب بقليل رغم انه غادروا القدس الساعة قبل العصر ، وهناك في القصر غاب التعب والارهاق بعد مشاهدة الوجوه الهاشمية الطيبة  ، وكان الإستقبال حافلا، وكانت الوجوه مبتسمة معبره عن حبا للقدس وآهلها .

 وكان جلالة الملك عبد الله الثاني  اول المرحبين كعادته، حنون ، محبا للقدس، ولكل من يحمل رائحة اولى القبلتين ، فهناك يرقد جده الاول الشريف حسين،  سلم ورحب وتحديث فأوجز ، وابدع جلالته في وصف الحالة وفي شرح طريقه العمل،  تاركا الشرح التفصيلي لوزير خارجيته الشاب النشيط  ايمن الصفدي !

 وفي الافطار الذي كان اردنيا بإمتياز،  وجد البعض فيه فرصة لعرض افكارهم امام جلالة الملك ، فكانت  التسابق  بين بعضهم للحديث امام جلالته على آمل أن تجد بعض الآفكار موقعا في عقله ، والملك كانت مستمعا متفاعلا مع كل ما يقال من افكار صحيح أن محورها القدس ولكنها في الحقيقة هي تسويق للذات اولا !! 

 وانتهى الافطار الذي اظهر مقدار التعطش من قبل المقدسيين وبقية الوفد لمن يسمعهم ويخفف من الالم المدينة المقدسة التي تإن حتى وطأة احتلال لا يرحم ، احتلال يرغب باقتلاع البشر قبل الحجر وبتغير الواقع الى واقع افترضي مستغلا الظروف الدولية والاقليمية الحالية ،

 وكما قال احدهم في طريق العودة للقدس الحبيبة ، كان الله بعونك يا جلالة الملك فإن حمل امانة القدس ثقيل للغاية، في ظل غياب عربي بات  فيه الاقصى بعيدا وخارج العقيدة ، ولم بقى الا انت يا جلالة الملك يتوجه لك المقدسيين بالمناشدة والطلب والرجاء ، فهؤلاء المقدسيين هم معلقون ! فلا هم في السماء ولا هم في الارض ، فلا هم فلسطينيون وفق اتفاق اوسلوا،  ولا هم اردنيون وفق فك الارتباط الذي فكر رقبة المقدسيين،  وما بين هذا وذلك يعيشوا الجحيم على الارض ..

وفي طريق العودة  كان محور الحديث ما قاله جلالة الملك ،وماذا يجب العمل ؟! وكيف يمكن التخفيف عن المقدسيين ؟! ،وماذا سنقول للاصدقاء عن هذه الافطار الهاشمي الملوك ؟! بعضهم قال إن اللقاء لوحده انجاز كبير للقدس واهلها !!  بعضهم قال كان يجب أن نعرض على جلالته مصاعب المقدسيين  مثل الرسوم المبالغ فيها لأصدار جوازات السفر الاردنية، بعضهم قال هذه خطوات صغيرة يجب الحديث عن امور استراتيجية حول القدس!!! وبعضهم التزام الصمت حتى لا تسجل عليه المواقف فاللحيطان اذان !!!!

 وعندها وصلت الحافلة الى شارع صلاح الدين قبل الانتهاء من الحديث ،  وتفرق الجمع وكل يحمل في داخله ذكرى جميلة من لحظات قليلة معدودة من العزة والفخر بانتماءه للقدس بلقاء هاشمي محب للمدينة . 

 وللحديث بقية  

 

                                                                            خليل العسلي