• 16 تموز 2017
  • نبض إيلياء

 

 

 سؤال راود الكثير من المقدسيين هذه الايام الصعبة: حتى ان البعض منهم يشعر ان الاقصى لم يعد كما كان ، وأن الأقصى الذي نعرف قد انتهى !! وفي هذه الايام ايضا تذكر الجميع في القدس  اقوال الشيخ سعد الدين العلمي وكان المفتي ، عندما طلب الحاكم العسكري حضوره فور احتلال القدس عام سبعة وستين ، وسأله :  لماذا لا تصلون في الاقصى؟!  فأجاب الشيخ المقدسي  الاصيل القيادي : لا ندخله قبل أن يخرج كل جنودك منه ،  وهذا ما حدث وانسحب الجنود دون قيد او شرط، وعاد الاقصى كما كان اسلاميا عربيا نقيا بدون اي تلوث !

 وتذكرون ذلك وهم يرون حالة الهوان التي تعيشها القدس هذه الايام ،  بل حالة الإذلال وسط غياب  واضح ومخجل لقيادة وطنية، وترك الساحة لإشباه قيادة تتقن الحديث امام الكاميرات  فقط ، ولكنهم اجبن من اتخاذ موقف وطني قيادي يوحد الشارع ويقوده لبر الامان ، من اجل الاجيال القادمة ، وكما قال احدهم معلق على ذلك : كان زمان هناك قيادة مخلصة ….!! فلقد اقتحمت السلطات الاسرائيلية اولى القبلتين، وعاثت فسادا بكل جزء من اجزاء الحرم الشريف / المسجد الاقصى ، بدون اي وازع ، او تردد او احترام لهيبة المكان الذي جمع فيه كل الانبياء حتى تلك التي يؤمن بها نتياهيو وقائد شرطته ووزراءه ،  فهي اغلقت الاقصى  وطردت كل موظفي الاوقاف شر طرده !! ” وخلا الميدان لحمدان ” حيث كان امام السلطات الاسرائيلية ثمانية واربعين ساعة هي الاخطر في تاريج القدس الحديث ، واسرائيل استغلت هذه الثمانية والاربعين ساعة احسن استغلال ، وجرى ما جرى في الأقصى بعيدا عن كل العيون وعن كل الكاميرات ، فلدى السلطات الاسرائيلية مخطط جاهزا  ومتكاملا وواضحا ، اعد بهدوء وتأني بانتظار اللحظظة المناسبة ، وها هي اللحظة قد حانت باسرع وقت بعد مقتل اثنين من افراد الشرطة الاسرائيلية في تطور لم نرى مثله في القدس  منذ عهد الاحتلال ! إنها اللحظة التي  كانت تستعد لها اسرائيل لانهاء مهمة كانت قد بدات عام سبعة وستين ولكنها تصاعدت منذ تولى نتياهيو دفة الحكم وخضوعه المطلق لليمين المتطرف ، ففي عهد نتياهيو المبارك اصبح اقتحام الاقصى شيئا عاديا، وفي زمانه انتهت السيطرة الاردنية الكاملة عبر الاوقاف الاسلامية على الحرم ، ولم تعد الاوقاف قادرة حتى على اصلاح ماسورة مياة ،  وفي زمانه سيكتب التاريخ أنه غير الستاتيكو راسا على عقب ، ولكن هل هذا سيشفع لنتياهيو اليميني عند اليمين المتطرف الجشع الذي لا  يقف عن حد معين ، فهو لن يقبل باقل من اقامة الهيكل على انقاض المسجد الاقصى ، ولن يقبل بأقل  من أن يختفى العرب  من المشهد المقدسي كليا !!  وهنا تذكرت ذات الصديق الحكيم ذو الخبرة الطويلة عندما قال ك لا يريدونك في المكان ، يريدون اقصاءك من كل شئ يعملون على التشويه والتزييف واسرلة وتهويد ، يريدون ان نتعبد تحت حراب السلاح. مضيفا يا بني ان القدس تسقط الان بعد خمسين عاما من الاحتلال بسيطرة اسرائيل على الاقصى 

 ما علينا 

 المهم ، ان الثمانية والاربعين  ساعة التي مضت على احتلال الاقصى بالكاملة من صباح الجمعه وحتى ظهر الاحد ،  كانت كافية لتغير الواقع ، فلقد شاهد اهل البلد القديمة الابطال ( الذين تركوا لوحدهم لمواجهة الطوفان  في المسجد ، فلم يجدوا الا الدموع لتشفع لهم) السيارات الاسرائيلية الضخمة تدخل وتخرج من الاقصى تحت جنح الظلام كخفافيش الليل !! بالتالي لا احد يعرف ماذا اخذوا من كنوز تاريخية وقفية ووثائق  واثار وغير ذلك من اوراق يمكن ان تستخدم في معركة اسرائيل للسيطرة على البشر وعلى الحجر وعلى الارض في القدس،  فالمكتبات تم تفتشها كتابا كتاب ، على ذمة الرواي !!  ووثيقة وثيقة ، حنى الابار الاثرية في الاقصى تم النزول اليها ، وتفتيشها والله وحده يعلم ماذا اخذوا ؟ وماذا اخفوا ؟ وماذا غيروا ؟! فالمعركة هي معركة الشبر بالشبر ، كما انه لا احد يستطيع ان يجزم ماذا وضع خفافيش الليل في  مساحة 144 دونم وهي مساحة المسجد الاقصى !! رغم ان من تمسك بهذا الشعار قد سقط في الامتحان  ، فالاقصى هو القدس برمتها وليست هذه المساحة ، الاقصى هو البشر والحجر ، هي قبة الصخرة كما هي حارة باب حطة، كما هو مكتب قاضي القضاة  كما هو حي واد الحوز ، ان الاصرار على تحديد الاقصى بمساحة ضيقة افقدت القدس قوتها وعزمها وعمقها!!  فحتى الصلاة على الاسفلت في شوارع القدس كما هي الصلاة في الاقصى على ذمة الصديق الحكيم !!!

 انتهت الثمانية والاربعين ساعة الاخطر في تاريخ القدس الحديث ،  وانتهى معها ” ادارة المكان“ لتبدا بعدها ” ادارة الاحتلال ”  ولا احد يعلم ماذا جرى فيها ، والجميع بانتظار أن يحن علينا نتياهيو وقائد شرطة القدس يورام هليفي الذي يتغنى بانجازته في قهر المقدسيين واذلال الاقصى ، بان يسمحوا لنا بالعودة الى مسرى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، حتى العودة لن تكون سهلة بعد الثمانية والاربعين ساعة ، فاسرائيل غير الستاتيكو فعلا ، ونصبت ابواب الالكترونية بحجة الكشف عن المعادن ، وسمعت تصريحات غاية في الخطورة ، كآن يقول وزير القدس الاكثر تطرفا عندما ان هناك ابواب تخص المسلمين!!! او عندما نسمع نتياهيو يقول اننا سنوفر الحماية للسياح اليهود والمسيحين والمسلمين !!!! نحن سياح وترتيبنا الثالث من حيث الاهمية عند نتياهيو !

عندما قلت لصديقي الحكيم معلقا على اعلان الكثير من المقدسيين انهم لن يصلون في الاقصى لانهم لن يمروا عبر البوابات الاسرائيلية  : هل ودعت الاقصى ؟!! رفض التعليق وتهرب بكل الوسائل مستغلا حنكته وحكمته ، فشعرت ان الضغط عليه سوف يحدث في قلبه غصه قد تؤثر على حياته 

 فليس سهلا ان تقول لمقدسي هل ودعت الاقصى فحتى في مماته يدفع بالقرب من الاقصى فلا المقدسي يستطيع ان يودع الاقصى ولا الاقصى يستطع ان يودع المقدسي العاشق 

 وفعلا حماك الله يا اقصى 

 

                                                                 خليل العسلي