• 13 أيلول 2017
  • نبض إيلياء

 

 

  امضيت الايام القليلة الماضية بلقاء الاصدقاء والاحبة في رام الله والذين لم نعد نلتقى بهم بسبب الانشغال وسوء الحال ، واختلاف المسار وتشتت المشارب ، بعد ان اعتزلنا الكتابة الصحفية الاقتصادية ردهة من الزمن من اجل الكتابة للقدس ، وعن القدس ، ومن اجل القدس ، وحبا بالقدس وشوقا لكل حجر فيها، وتقديرا لصغيرها قبل كبيرها ! 

 غالبية الاصدقاء ومن التقيت بهم من غير الاصدقاء ، كانوا ذات يوم مصادر للاخبار والكتابات الصحفية الاقتصادية التي هزت كراسي البعض وخلعت البعض من كراسيهم ، ولكنها خلقت الاعداء اكثر من الاصدقاء من راس الهرم الي حارس العمارة ، ومدير البنك ، ورئيس الشركة ، ففي فلسطين  لا احد يحب الانتقاد ، وخاصة رجال الاعمال والعاملين بالقطاع المصرفي ، فهو لا يفضل ان يذكر اسمه الا في اطار المدح ومسح الجوخ، فتملق الصحفيين لهم وبهم  ساهم بهذا الشعور ، فكم من زميل كان!! اصبح ناطق باسم شخص ما!!  وكم زميل اصبح عدوا بسبب همس  شخصية ما  وقبول هؤلاء بان يوجهوا  سهام اقلامهم لكل من ينال اسم هذه الشخصية حتى لو بالهمس 

ما علينا

 المهم ان هذا حديث الذكريات المغموس بالحاضر الاسوء من الماضي ،  تمحور حول البنوك الفلسطينية بشكل خاص ، وهذا مجال لا يجرئ احد من الزملاء وغير الزملاء الحديث عنه او حتى التفكير بفتحه ولو من باب عتاب الحبيب للحبيب !

 وخلص الحديث مع من يشغل ومن كان يشغل قمة الهرم الاقتصادي في الكثير من المؤسسات المصرفية المحلية ، وكل من كان له علاقة بترسيم سياسات اقتصادية ،  إلى أن القدس غائبة او مغيبة عن قصد من أي مخطط لاي بنك فلسطيني، وإن حاولت بعض البنوك الاقتراب من هذا الملف المقدسي فإنه يكون بخجل وبعد الحصول على ارباح  ثلاث اضعاف قيمة القروض من قبل مؤسسات دولية تحاول اقناع من لا يريد الاقتناع بضرورة العمل مع ابناء القدس  للمساعدة ، فأبناء هذه المدينة ليسوا متسولين على الابواب الفخمة لهذه البنوك التي يطبق عليها المثل الشعبي القائل ” من برا هالله هالله من جوا يعلم الله “او المثل الاخر ” من برا رخام ومن جوا سخام“.  

فلقد اثبت الاصدقاء ومن التقيتهم الكثير من الامثلة التي لا يمكن للمواطن العادي ان يعرفها حول كيفية تهرب البنوك من خدمة قطاع كبير من الشعب الفلسطيني الا وهو سكان القدس ، وان اضطروا الى فعل ذلك، فان هذا يكون بعد طلوع روح المقدسي ،والذي يتم التعامل معه ، كأنه خارج عن القانون او انه سوف يسرق البنك ويهرب .

 وخاص الحديث إلى ان اوضاع البنوك ليس بافضل حال ، فلولا تشديد الرقابة من قبل سلطة النقد وتعليماتها المكثفه والمشددة والمتلاحقة لشهدنا انهيار بعض البنوك، التي وصلت الى ما دون  الخط الاحمر فكيف يمكن لبنك ان يقرض اكثر من ثمانين بالمئة من ودائع عملاءه ، أو أن بنك يدار من قبل عائلة بعينها وهي التي تعمل به ما تريد بعيد عن اي معايير مهنية ، وكأنه مزرعتها الخاصة ،  مما يعرض هذ البنك لخطر الانهيار الذي لن يحدث ، طالما ان سلطة النقد الفلسطينية تراقب عن كثب وطالما ان عينها ساهرة، ولهذا نراها تتدخل بكل صغيرة وكبيرة في عمل مجالس ادارات بعض البنوك وتنصح بالاندماج هنا، وبالاتحاد هناك ، ناصحة بمدير عام مهني ،  محاولة فض خلاف بين رئيس مجلس ادارة متسلط وبين مدير عام يحاول ادارة البنك بمهنية عالية ، ولكن تعود حليمه لعادتها القديمة وتجد رئيس مجلس الادارة هو الحاكم الامر الناهي  في كل صغيرة وكبيرة ، ويجد المدير العام نفسه عاطل عن العمل !!! بسبب رئيس مجلس الادارة وعيونه المنتشرة في كل مكتب في الادارة والفروع   !!  بعض هذه البنوك ترفع راية  شعار ما لجذب الزبائن  ومجلس ادارتها ابعد ما يكون عن هذا الشعار ، وهناك مجالس ادارات بعض البنوك تدار بطريقة حياكة المؤامرات ، لا بطريقة مهنية وحياكة الخطط الايجابية بما يخدم مصلحة المساهمين ومصلحة الموديعين ومصلحة الزبون البسيط والذي هو اخر هم هذه البنوك التي تتحول في كثير من الاحيان الى دكان صرافة فقط!! وتجدها تركض لاهثة وراء راتب موظف السلطة او القطاع الخاص  حيث تعتبر هذه الاداراة ذلك بالنجاح الذي ينعكس ارقام ليست واقعية بعين المتفحص  الخبير وارقام حقيقة بعين من لا يعرف اساليب العمل المصرفي . 

بعد ان سمعت هذا الحوار الذي كان قديما اي قبل سنوات يعتبر حديثا استثنائيا اصبح هذه الايام حديثا عاما شائعا والاستثناء هو ان يكون البنك بنك مهنيا يقدم افضل خدمة وفق المقايس الدولية، لتسهيل اقبال المواطن عليه،  

بعد هذا الحوار شكرت ربي اني بعيدا عن الكتابة الاقتصادية  وبعيدا عن البنوك المحلية والدولية  ، وشكرت ربي انني اكتب من اجل القدس ومن القدس 

 وللحديث بقية  

 

                                                                       خليل العسلي