• 5 كانون أول 2017
  • نبض إيلياء

 

 

 تسآل الكثير من الاصدقاء  المتابعين الغيورين على القدس واهلها وهم اهلها بعيدين قريبين ، عن  هذا الغياب الذي طال ، وعند هذا القحط الذي اصاب القلم الذي كتب فاوجع واسعد وحكى حكاية المدينة التي لا مثيل لها بالعالم اجمع ، بل ان البعض قال : إن هذا الغياب مرجعه لحالة اليأس التي يعيشها كاتب هذه السطور، ويعيشها المقدسيون من كل شئ، وقال البعض  الاخر : إ ن هذا القحط الاعلامي وجفاف القلم  نتيجة الكسل والانشغال بامور الدنيا ورغم ان امور الدنيا هي القدس  !! 

ولكن الحقيقة  هي أن من الصعب شرح ذلك ، فالوضع في القدس يدفع الانسان  إلى حالة من الهروب والانطواء، فوضع في الاقصى تجاوز مرحلة الخطر بكثير، والجميع يكتفى بالبيانات  الجوفاء  التي لا تحدث   الا تلوثا بيئيا !! حتى ان المقدسي ضاعت بوصلته من زمن ، وتاه في الصحراء القاحلة الجرداء، كل واحد يسير باتجاه مختلف ومتقاطع ، وكأن البرق قد اصاب روحهم فاقدهم عقولهم من شدة الهم والغم والكرب الذي يعيشونه بشكل يومي.

 هذه الحالة  تضاعفت عندما اصبح ما يجري في الاقصى مجرد خبر اعلامي يكتفى بالتعليق والتعقيب عليه وزير الاعلام ،  ولم يعد الموضوع مسالة قضية دينية عقائدية تتناولها وزارة الاوقاف ، كما لم يعد الحديث  عن قضية سياسية سيادية لا تستوقف رئاسة الحكومة، ولا هي مسالة مرجعية ورعاية تاريخية متواصلة ….. 

 لقد اصبحنا خبرا اعلاميا عن حدث او احداث في بيت المقدس او اكناف بيت المقدس او حتى مقدسات المدينة ، فصاحب الخبر ومصدر الاعلام والاعلان، كان ولا يزال المحتل  الغاصب بخطاب عصري يشويه فيه الحقائق ويزيف الاحداث ، وتنقل عنه وكالات الانباء ، وبعدها يصبح خبرهم خبرنا واعلامهم اعلامنا، وخطابهم خطابنا ، وتغيب الحقيقة  ويسكت المسؤول ويشكو صاحب الحق  بلواه ومصيبته لرب العالمين. 

 فهذا  المقدسي الذي لا يزال تحت حراب خمسين عاما من الاحتلال العسكري والاسرلهوالتهويد، يقول : لا تخف ولا تحزن ان الله معنا

 اما انا كاتب هذه السطور، فلا ادرى إلى أين تتجه الامور فالمفروض أن أكون مرآة تعكس الواقع على الارض، وحراك الناس مع هذا وضد ذاك او حتى في حالة اشتباك مع الذات او مع الاخر، فهذه المرآة يرى من خلال المقدسي نفسه ويرى العالم من خلالها القدس واهلها وحكايتها! 

 ولكني اليوم من كثرة ” الضباب“ لا املك القدرة  والارادة على عكس صورة الحالة التي وصلنا اليها ، لا ادرى هل هذا ”الضباب“ سيستمر طويلا، او انه يذكرنا ب” ضباب“  الرئيس انور السادات في سبعينات القرن الماضي ، في غياب القرار يومها .. إلى أن شاهدنا إختراقه لكل الاخبار وكل الاحداث بحضوره  الى القدس، وخطابه في الكنيست 

 بالرغم  من أن الحضور بكرامة والخطاب بالثوابت ، إلا أنه لم يتغير شئ فهذا الاخر المحتل  لم يتغير قيد انمله عن احتلاله وإستيطانه

 هل سنرى هذا ” الضباب“ مرة اخرى ، وهذه المرة من عرباننا وقادتنا ومرجعياتنا يخترقون الاخبار والاحداث ونراهم في القدس مع هذا الاخر وايضا بخطاب عن الثوابت وقامات وطنية تقف بكرامة وكبرياء لتؤكد انها لم تتنازل ولكن تتعامل بواقعية عصرية للبقاء على الكراسي .

 فخطاب الثوابت يعنى  كما قال صلاح الدين الايوبي للملك رتشارد قلب الاسد بعد الانتهاء حروب الافرنجة  ” القدس لنا ولكم ولكن لن نتنازل ”  مضيفا  في رد ه على سؤال القائد الصليبي في القدس قبل رحيله عن المدينة واستقبالها للقائد صلاح الدين” ماذا تعنى لكم القدس ؟ فاجاب صلاح الدين الايوبي  :لا يعنى الكثير ولكنها كل شئ“

 هل المقصود بكل شئ العقل والقلب والروح ؟!! وهل توقف عندنا القلب وشوه العقل  وغابت الروح 

 وللحديث بقية

        خليل العسلي