• 11 حزيران 2018
  • نبض إيلياء

 

 

 

  إمتازت الافطارات الرسمية في شهر رمضان المبارك الذي يستعد لمغادرتنا ، تاركا في نفوسنا شوق مستمر له ،  بخلق حالة من البلبلة  احدثتها تلك الإفطارات في الساحة المقدسية التي هي بغنى عن هذه البلبلة ، فهذا الساحة تعيش حالة فقدان التوازن منذ زمن . 

 هذه الإفطارات الرسمية ،هي بالنسبة للبعض فرصة لترتيب بعض الصفقات وكما يقال بالعامية (كولسات من كلمة كواليس)  بين بعضهم البعض، كما حدث مع رجل الاعمال الذي أقام مأدبة إفطار لعدد قليل من الاصدقاء وغير الاصدقاء  واصحاب المصالح المشتركة ( على غير عادته فكل سنة يدعو العشرات من الاشخاص بحثا عن مكانة ما )  بعد هذا الإفطار باقل من اربع وعشرين ساعة ، كنا شهودا على الترتيب الذي حدث في ذلك الإفطار ، حيث شاهدنا ان بعض من تواجد في الإفطار اصبح جزءا من إدارة مؤسسة مقدسية بالشراكة مع رجل الاعمال الباحث عن بقعة ضوء في السماء السياسي الاجتماعي المقدسي. 

 هذه الإفطارات الرسمية أثارت  الكثير من الاحاديث الجانبية ، والهمس والقال والقيل،  وتكثف التراشق بالإتهامات والكثير من الاقاويل ، لدرجة أن بعض من تعود على حضور جميع الإفطارات ( فجميع المؤسسات الدولية الرسمية في القدس تقوم بدعوة  نفس الاشخاص وكأن القدس لا يوجد بها الإ هذا النفر من الاشخاص والذين لا يمثلون الإ انفسهم، وبعضهم لا يعرف للصيام طريقا )  التفكير مليان بالصوم العام القادم عن هذه الإفطارات التي جلبت له وجع راس هذا العام .

والقصة بدأت بإفطار المطران سهيل دواني رئيس الكنيسة الاسقفية في القدس  والشرق الاوسط والذي حرص كما هو الحال كل عام على دعوة نفس الاشخاص ، والذين يجلسون على نفس الطاولات ويلتقون نفس الوجوه ، لدرجة أن احاديثهم تدور حول نفس المواضيع،  ولكن الجديد هذا العام  هي الحملة المعارضة وبشدة للبطريرك ثيوفيوس الثالث بطريرك الكنيسية الارثوذكسية في الاراضي المقدسية والاردن وسوريا  ، والذي يمثل اكبر طائفة مسيحية هنا، فما أن انتهى الإفطار حتى صعد المعارضون له  من حملتهم  والتي طالت حتى من اقترب منه في ذلك الإفطار الرسمي.

 وتلى ذلك إفطار الاب ابراهيم فلتس  مستشار حراسة الاراضي المقدسة، والقصة ذاتها تكررت وصدرت البيانات التي تندد بدعوة البطريريك اليوناني ، واضطر بعض الحضور إلى التهرب من الرد على هذه الحملة، بل إن البعض اختبأ بعيدا خشية ان يتهم بالاقتراب من الضيف المتهم ، رغم أن الإفطار رسمي والبطريريك يمثل جهة مهمة في القدس .

 ووصلت حملة البيانات  في الإفطار الذي دعا له نائب القنصل التركي ( بعد ان قامت اسرائيل بابعاد القنصل العام  في اطار تدهور العلاقات التركية الاسرائيلية) وفي هذا الإفطار ايضا تمت دعوة نفس الوجوه ونفس الشخصيات التي تدع عادة لإفطارات الرسمية ، ما حدث هو أن أحد المدعوين قام بإلتقاط صورة عفوية له سلفي ولابنته ( فهو يحب تصوير ذاته ) ونشرنا على صفحته الشخصية في الفيسبوك،  ويظهر في خلفية الصورة بعض المرجعيات الدينية الاسلامية في القدس يتناولون الشوبة  على نفس الطاولة مع البطريريك ثيوفيلوس ،ليتلقف المعارضون هذه الصورة الشخصية  الخاصة، ويتم تداولها على اوسع مستوى، مع حملة ضد المرجعيات الدينية  التي وجدت نفسها في حقل الغام متفجر واضطرت إلى إصدار البيانات منفردة  وجماعية ، يؤكدون فيه أن المسؤولية تقع على عاتق صاحب الدعوة وليس على الضيوف ، ويتهمون بطرف خفي صاحب الدعوة بان عليه ان يعرف حساسية الوضع في القدس …!!!

 ولكن لم نسمع ولا صوتا واحد في جميع الإفطارات الرسمية  يقف مدافعا على  موقفه بقوة ، بل فضلت هذه الشخصيات ( ان كان بعضها لا تمثل إلا نفسه )  التبرير والتهرب ، والتأكد من عدم وجود صور بالجرم المشهود ، حتى تستطيع ان تنفى لاحقا ان تمكنت من ذلك.

  فالقصة بسيطة، وهو أن المعارضين للبطريرك اليوناني  لهم الحق بإصدار البيانات وملاحقته، رغم أن خلف الاكنة ما خلفها ، فإذا ما عرفنا من يقف وراء هذه الحملة ضد البطريرك ثيوفيلوس، وعرفنا تاريخهم ومواقفهم ، يمكننا ان نبنى لأنفسنا تصورا عن طبيعة الحملة التي اخذت ابعاد وتشعبت بصورة باتت تهدد النسيج الاجتماعي ، وصلت الى حدد اطلاق احكام مطلقة ، فكل من يقترب من البطريرك هو محروق وخائن، وكل من يهاجمه هو وطني من الدرجة الاولى  ، رغم أن واقعنا في المدينة المقدسة يقول أننا نعيش في المنطقة الرمادية،  التي اختلط فيها الحابل بالنابل، وانقلبت موازين البشر ، فلم يعد الصادق صادق ، واصبح الكاذب نبي، والازعر رجل ، وصاحب الذراع واللسان الطويل هو صاحب الحق !!! والفاجر داعية، السارق مؤتمن!!!

 وعودة الى الحملة ، فإن ما انضم لهذه الحملة التي تمارس العنف اللفظى وبقوة انساق انسياقا وراء الشعارات ووثائق تحتمل الصدق والتكذيب ، فنحن في المنطقة الرمادية ، ولكن هناك  بعض الحقائق النسبية في الزمن الاصفر الذي نعيشه في القدس ، ومنها إن اول من بدا الحملة ضد البطريرك هو اسرائيل ووسائل إعلامها ، بعد ان تفجرت قضية انتهاء فترة الايجار للاحياء الراقية في القدس الغربية والتي تعود ملكيتها للكنيسة الارثوذكسية،  ونحن كعادتنا  متلقين وناشرين لما نشرته اسرائيل، لأن بعضا من هذا  تتمشي مع مواقف المعارضين من داخل معسكر الخصم ، الحقيقة الثانية أن السلطة الفلسطينية والاردن يقفان إلى جانب البطريرك ويدعمانه بصورة كبيرة وتكاد تكون مطلقة، هذا الدعم بالتأكيد مبني على ارضية صلبة وليس مبنيا على اسس عاطفية، فلا أعتقد أن البطريرك استطاع خداع السلطة والاردن في ان واحد . 

 ما علينا

 المهم ان ظاهرة الافطارات  الرسمية  هذه التي تعتبر مادة دسمة لهمس الشارع وعقد الصفقات والتريبات خرج عن اطارها العام واصبحت عبئا على المدينة، واهلها ، فهذه المدينة المقدسة المكنوبة ليست بحاجة إلى مثل هذه الإفطارات التي لا تساهم بقيد انمله في التقارب بين اقطاب المجتمع المقدسي، ولا تساهم في احداث اي تحرك أيجابي في القدس، فهى عبارة عن خطابات جوفاء فارغة وتمثيل مبتذل من قبل المشاركين فيها 

 وكما قال صديقي وهو شخصية مهمة في القدس انه ابلغ جميع الجهات الرسمية والدولية التي تحرص على إقامة هذه الإفطارات ان لا تتعب نفسها وتدعوة لإنه يفضل ان يقضى شهر العبادة في العبادة وان يحافظ على صيامه بعيد هذه الاجواء التي تقلل من الحسنات في الشهر الفضيل

 وللحديث بقية 

                                  خليل العسلي