• 5 أيلول 2019
  • نبض إيلياء

 

على تلة مرتفعة مشرفة على القدس وفي منطقة واد الجواز ظهرت فجأة بناية ضخمة لها ملامح إسرائيلية من حيث الشكل واللون وبعد ذلك جاءت اللافتة والتي تقوم انها مدرسة تابعة لبلدية القدس ، لنعلم بعد ذلك انها مدرسة متخصصة للمتفوقين  من الذكور والاناث، ولنعلم أيضا انه فور افتتاحها  تم تسجيل المئات من الطلبة من القدس فيها ، في إشارة واضحة الى  الجهود المبذولة إسرائيليا والاقبال العربي  على هذا النوع من المدارس التي تنتشر في جميع احياء المدينة مثل انتشار النار في الهشيم، كما انتشرت قبلها ولا زالت مراكز التعليم والتي تأخذ أسماء وصفات مختلفة ولكنها جميعا تصب في واد المناهج الإسرائيلي .

 ما علينا

 المهم ،  انه  مع بداية العام الدراسي  الجديد في مدارس القدس على اختلاف انواعها واشكالها والجهات التي تتبع لها. ارتفع الحديث مرة أخرى عن اسرلة التعليم ، والجهود الإسرائيلية لفرض المناهج الإسرائيلي في القدس . ( رغم انها لم تعد بحاجة لذلك لان هناك تقبل متزايد بهذا النوع من التعليم ) .

هذا  العام خفت حدة الحديث لان الجميع وصل الى قناعة ان المنظومة التعليمية غير الإسرائيلية متهالكة، وان قيادة التعليم في القدس قد اثبتت فشلها، وخير دليل على ذلك  الأرقام  والتي تشير جميعها الى  النجاحات التي حققتها المدارس الإسرائيلية والتي يروج لها أبناء القدس وأبناء الوسط العربي في إسرائيل ، وهم من يقومون بالدعاية الخفية  والعلانية للمنهاج الإسرائيلي، وهم الذين يتولون مراكز قيادية في المؤسسات الإسرائيلية المختصة بالتعليم في القدس ، وجميعهم يعملون بإخلاص  من اجل تحقيق اهداف اسيادهم .

قبل أيام  جمعتنا مناسبة اجتماعية بأحد الأصدقاء القدامى الذين تقاعدوا من سلك التعليم  في القدس ، حيث كان يعمل في مدارس السلطة او ما يعرف علانية مدارس الأوقاف وكانت تعرف في السابق باسم مدارس حسني الاشهب  الذي حارب بكل ما اوتيه من قوة لإبقاء المدارس العربية في القدس شعلة تعليمية برؤية عربية في مواجهة التعليم الإسرائيلي المسخ.

 هذا الصديق  قال ان بعض المدارس المعروفة جدا والتي كانت تضم المئات من الطلبة باتت اليوم تحتضن العشرات، وان قسما كبيرا من غرف المدرسة التي تم ترميمها خاوية على عروشها ، وعلل السبب رغبة الكثير من الاهل تحويل ابناءهم للتعليم الإسرائيلي، لاعتقادهم ان هذا من شانه ان يسهل عليهم أمور حياتهم امام المؤسسات الإسرائيلية مثل البلدية والتأمين الوطني والداخلية الإسرائيلية ، كما ان من أسباب العزوف الكبير هو نوعية المعلمين  والذين يقضون وقتا في الصفوف وغير قادرين على العطاء او لا يرغبون بالعطاء، والعنصر الاخر هو الطالب الذي فقد الاهتمام بالتعليم، وبات كما قال الأستاذ المتقاعد اكثر وقاحة

ناهيك عن سوء إدارة قطاع التعليم ، تلك الإدارة التي  لا تبذل  أي جهد من اجل إعادة الحيوية لقطاع التعليم  العربي في مدارسها، فالقائمون على تلك المدارس اما  انهم ينتظرون التقاعد بهدوء ، او انهم يتلقون تعليمات  من جهات لا علاقة لها بالتعليم على الاطلاق .

 المبكى في موضوع التعليم هو تلك المؤسسات التي أقيمت من اجل رفع مستوى التعليم في القدس  والتي تحصل على مبالغ كبيرة من اجل هذا الهدف السامي ، ولكن على ارض الواقع لا نتائج ايجابية مطلقة،  بعض هذه المؤسسات التي ترفع شعار الوطنية والتعليم العلمي تسرع في الخفاء لعقد تفاهمات مع المؤسسة الإسرائيلية مما يصب في مصلحة الجانب الأقوى في المدينة .

هذه المؤسسات التي باتت مرجعا تعليما لم تتمكن من إيجاد مكان عمل لطفل مقدسي واحد  من العشرين الف طفل والذين لا مكان لهم في المنظومة التعليمية ، كما انها لم تعمل على ما يسمى تعليم لا منهجي بعد المدارس والنتيجة ان القدس تتربع على عرش اعلى نسبة تسرب من المدارس من بين مدارس الفلسطينية وحتى في إسرائيل . تلك المؤسسات تكتفى بنشر اخبارها  الهزيلة في صحيفة  "القدس " عن تقديم مساعدة لمختبر ما او ترميم صف ما ، او دورة  تعليمية هنا، وكما يعرف الجميع ان الكثير من الغرف الصفية يتم ترميمها كل عام بسبب سوء الترميم ، وسوء الإدارة ، واشياء أخرى ، حتى ان مؤسسة كبيرة تحمل اسما اكبر منها له علاقة بالقدس  باتت  تتخصص بترميم الغرف  الصفية بدل ان تقوم ببناء مدرسة كبيرة حديثة، فهناك ترخيص لبناء مدارس ولكن هذه المؤسسة ترغب بصرف القليل مقابل الكثير من الدعاية الفارغة من المحتوى، وكما قال احد الخبراء التربويين ان هذه المؤسسات لا تساهم الا بصرف أموال التمويل فقط ولكن التعليم فهو موضوع اخر.

اما التعليم الجامعي فهو ليس اكثر اشعاعا من التعليم المدرسي فالجامعة العبرية باتت وجهة الكثير من أبناء القدس  حيث تستقبل ما لا يقل عن اربعمائة طالب كما تستقبل بقية المؤسسات الجامعية عدد كبير من المقدسيين ، اما جامعة القدس والتي  تحمل اسم المدينة فان عدد الطلبة المقدسيين يقل كل عام حيث  انها لم تتمكن حتى الان من فهم واقع القدس بالشكل الذي يمكنها من ان تكون القبلة الأولى للطلبة المقدسيين ، لاسباب مختلفة لا مجال لشرحها بهذه العجالة  وكذلك حال الجامعات الاخرى