• 20 شباط 2020
  • نبض إيلياء

 

 بقلم : خليل العسلي

 

 جلست معه وكان وضعه يدل على أنه في حالة يرثى لها ، فسارعته إلى السؤال عن صحته ، وهي  أي الصحة بالنسبة لمن دخل العقد الخامس من العمر هي الأهم ، وبالتالي فإن هذا السؤال  هو الأكثر واقعية والحاحا ،  ولكنه لم يجب على السؤال وبدل ذلك قال : اسمع يا صديقي وأنا أعرف انك ستكتب عن ذلك ذات يوم،  ولهذا يجب ان اخبرك به بالأمس تلقيت دعوة من مؤسسة مقدسية لحضور ندوة لمناقشة خطة استراتيجية حول القدس الغالية الحنونة معشوقة أهلها فقط ،لان العرب والمسلمين باعوها بأبخس الأثمان ، وأصبح اسم القدس يسبب لهم حساسية زائدة، فهذا الاسم اصبح  موضة قديمة ، وحل محله مصطلح إسرائيل دولة ليست عدوا ، بل حليفا ، أما القدس فلتذهب إلى الجحيم !

 قلت له: على رسلك يا صديقي وأنت تعتبر من القلائل  في المدينة الذين يوصفون  بالحكماء ومن الذين يتحلون بالصبر ، ما بالك اختنقت من الغضب ؟ وما بال الدعوة التي اثارتك وجعلتها محور حوارنا؟

فرد : إطلاق لم اختنق من الغضب بل من القهر، فنحن نسمع ليل نهار تصريحات من قادة العرب الاقزام ومن قادة العالم الإسلامي غير المبالي،  يقولون لنا : القدس خط احمر ، ولا يمكن  التنازل عنها، ولكن على ارض الواقع لا أحد ،وانا اقصد لا احد يعمل من اجل القدس ... مستطردا : هناك مشاريع جاهزة ويمكن تطبيقها فورا سوف تحدث تغير واقع القدس وأهلها، هذه المشاريع تم عرضها على قادة بعض الدول العربية والإسلامية وبعد الاندفاع الآني منهم ، بقيت المشاريع في ادراج مكاتب مساعديهم ، بل واعتقد جازما انه تم إلقاء المشاريع في سلة المهملات فور إنتهاء الاجتماع ، فهذه الدول العربية لها اجندتها  البعيدة كل البعد عن القدس، كما ان رؤساء الدول الإسلامية الباحثين عن الرضى الأمريكي ، يكتفون  بان تسمح إسرائيل لرعاياهم بزيارة الأقصى للصلاة ، أما الحديث عن مشاريع لتعزيز القدس فهي خارج قدراتهم  الرسمية وضد رغباتهم الحقيقية، فالقدس في اسفل اجندتهم ان وجدت !!

 قلت له : صبرا يا استاذنا، انت تؤدى بنفسك في التهلكة بسبب ما تقوله ، فهذا الكلام يعتبر خطيرا، وغير دقيق...!!

 فقاطعني متحديا : اعطيني مثالا واحدا فقط يثبت عكس ما أقول ..

فنظرتي حولي عسى ان اجد مخرجا من هذا التحدي الصعب.

 فقلت له : ما علينا

 لنعد الى موضوع المؤتمر الذي أخرجك عن طورك وأدخلني في احراج مع القادة الدول العربية والإسلامية ، لماذا انت غاضب؟

فقال لي : انظر يا صديقي  وساقولها من الأخر كما يقال بالعامية ، ان ملايين الدولارات تنفق على حبر وعلى  الورق ، وهذا الورق لا يقرأه احد ، بل يستخدم هذا الورق لتبرير التمويل وليس من اجل  رفع مستوى الأداء الإداري والمهني للمؤسسات المقدسية ، ولا حتى لتغير واقع لو كان التغير بسيطا في حياة إنسان مقدسي واحد  ، مثلا إيجاد مقعد مدرسي لطفل مقدسي من الالاف الذين لا مكان لهم في المدارس الحالية ، والغريب أن الجميع يتحدث عن خطط ذات طابع استراتيجي للقدس ، وكأن المدينة لم تصاب بعد بتخمة الخطط الاستراتيجية التي بقيت  تعاني الوحدة في ادراج المؤسسات والجهات المحلية والدولية، بينما فاضت جيوب واضعي الخطط بالدولارات الامريكية

 فسألته : الا تبالغ قليلا يا صديقي؟

 فأجاب: انظر  الى هذه القائمة

 وعرض على قائمة تضم ما يزيد عن أسماء عشر جهات ومؤسسات ما بين رسمية ودولية ومحلية ، اعدت خطط استراتيجية  بخصوص القدس ، من الخطة الاستراتيجية والخطة القطاعية وخطة التنمية الاقتصادية العنقودية والخطة  العربية التنموية الاقتصادية ، واطار التنمية المكانية الاستراتيجية للقدس  وغيرها من خطط يصعب ذكرها جميعا، ناهيك عن  الدراسة القطاعية التي أعدتها مؤسسة التعاون على مدار السنوات الماضية وتعمل على تحديثها كل عام  ....

 صمت قليلا قبل ان يقول :  يا صديقي لا اسرار في القدس فهي ارض مقدسة ... وهل اكمل الحديث

 فقلت له : بالله عليك لا تكمل الحديث  المؤلم هذا، ويثبت ما يؤمن به الصغير قبل الكبير ان القدس كانت ولا زالت وستبقى مشروعا استثماريا ناجحا للبعض الجاهل ، وستبقى شعارا مستهلكا يستخدمه القادة العالم العربي والإسلامي لتبرير تصرفاتهم غير المبررة

 وقد تناسى الجميع ان القدس هي قطعة من الجنة وان  كل مستغل لها سوف تلعنه القدس وأهله الى يوم الدين

 وفرد علي بقوله لننهى  حديثنا بعبارة حماك الله يا قدس

 وللحديث بقية .....