• 7 تشرين أول 2020
  • نبض إيلياء

 

بقلم : خليل العسلي

 

القدس تسير نحو الهاوية ، ان لم تكن قد وصلتها أصلا،  "القدس لم تعد مكان يمكن العيش فيه "هذه العبارات بات سماعها اعتياديا في احاديث  محبي القدس وعاشقيها ومن يخشى على القدس ، ومن يحب المدينة، ام البقية التي ساهمت في وصول المدينة للهاوية فإنها لا ترى المدينة ولا اهلها ، وانما نرى نفسها الممسوخة. فهي التي تخرب، وهي التي تجثم على صدور الناس مستغلة القبلية الجاهلية ، والتي باتت صفة العصر في القدس ، فمن يملك اكثر ذكورا في عائلته او عشيرته ومن يمتلك اكثر قطع سلاح فإنه سيد الموقف في المدينة المقدسة ! هذه البقية هي التي تكم الافواه، وتمنع حتى التعبير على اهل المدينة فالتهمة جاهزة ، "خائن" "عميل"  "يخدم اجندة خارجية" "ضد الصف الوطني" !! .

المدينة المقدسة التي يحلم الكثير من المسلمين الوصول اليها او تقبيل حجارتها، فهي بالنسبة لهم حلم ازلي لن تكتمل عقيدتهم بدون  الوصول الى الأقصى مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والصلاة فيه ، نفس المدينة المقدسة باتت كابوسا لأبنائها ، والذين يحاصرهم الاحتلال من غالبية الجهات ، والمرتزقة و ما يسمى بالعامية الزعران بكل اشكالهم من الوجهة المتبقية.

ما علينا

 المهم انه امام هذا التدهور السريع نحو قاع الهاوية ، هذا التدهور الذي وصل لجميع مفاصل الحياة  من التعليم الذي يسير بخطوات متسارعة نحو الانهيار ، والى الاقتصاد المدمر، وصولا الى المجتمع الذي يعاني من تفسخ العلاقات الاجتماعية، فالأخ يقتل اخاها على متر واحد  من الارض في ورثة والده ، والجار يطلق النار على جاره بسبب صفة سيارة، والصديق يطعن صديقة بسبب ملاحظة عابرة، وتقع الحروب باستخدام كافة أنواع الأسلحة النارية في الاحياء بسبب خلاف بين الأطفال.

امام هذ الوضع ومنعا لمزيد من التدهور او على الأقل الحفاظ على ما تبقى من المجتمع المقدسي فإنه حان وقت الحوار المجتمعي ، الحوار بين جميع افراد المجتمع وبين فئاته وبين قبائله وعشائره ، وبين مؤسسات المجتمع المدني فيه .

 ونقصد هناك بالحوار المجتمعي هو الحوار الذي يسمع فيه الاخر، وليس حوار الطرشان، الذي يعلوه الصراخ، وكل واحد يقول رايه بدون حتى الاستماع للراي الاخر الذي يجب ان نسمعه ونحترمه وقد نختلف معه، ولكن لا يعنى ان نحاربه او نخرجه من المجتمع .

 الحوار المطلوب ليس حوار الفصائل الفلسطينية التي لم تساهم برفعة المجتمع ولا بزيادة اللحمة فيه بل على العكس من ذلك تماما .

الحوار المطلوب هو من اجل البناء وليس من اجل الحوار فقط  ، فهناك من يتقن فن الحوار من اجل الحوار لتخريب الحوار وللخروج من أي حوار وكأنه لم يكن هناك حوار بل يزيد العداوة .

 الحوار الذي ندعو له هو من اجل الحفاظ على ما تبقى من روح القدس الحضارية الشاملة الجامعة، القدس التي تستوعب الجميع ولكن في اطار الاحترام والتقدير والمحبة. حوار يعمل على سد الهوة بين جميع أطياف المجتمع، وليس تعمقها على أسس خارجه عن روح القدس .

 الحوار المجتمعي الذي ندعو له هو من اجل عودة الابتسامة الى المدينة ومن اجل نشر روح التفاؤل في ازقة وحارات وشوارع واحياء المدينة الحزينة التي تعتب من ابناءها ومن افعالهم .

 الحوار الذي ندعو له ،  كما جاء في مقالة الأستاذ الدبلوماسي القدير ارشد هورمورزلو في شبكة "أخبار البلد"  وقال فيها "يجب  أن نعي بأن التسامح يجب أن يحل محل الشدة، وأن يحل الاقناع محل فرض الأمر... مضيفا في ذات المقالة "حري بنا أن نعلم بأن وصف أي نقد بأنه يصب في خانة الخيانة يدل على الجهل المدقع. والجهل هو أب الكره وخالقه. فنحن لا نتسامح مع النقد فقط ونتعامل معه بل نذهب أبعد من ذلك إلى تفهم الخطأ حيث إننا نكره الخطأ ، ولكننا لا نكره من يخطئ.

 ويختتم المقالة : ّعندما تنظرون من زاوية من يخالفونكم التفكير فيمكن أن تروا قليلا أو كثيرا بأنهم محقون أيضا في أمر ما. فمن يعتقد أحيانا أن هناك في الساحة صراع بين الحق والباطل قد يكون في حقيقة الواقع صرع بين حق واخر

اذن ان كنا جادين في حبنا للمدينة التي نتنفس هواءها وننعم ببركاتها، وإن كنا حقا معنين بعدم هدم المجتمع،  فعلينا بالحوار المجتمعي الصادق الحقيقي بدون قيد وشرط  بأسرع وقت ممكن ....

 وللحديث بقية