• 6 آيار 2020
  • من اسطنبول


إسطنبول – أخبار البلد - في هذه المدينة الغنية بالتراث والثقافة والتاريخ ، لا زال بالإمكان ان يتلمس كل باحث راكض وراء التاريخ والاصالة والعادات التي لا تزال حية قائمة حتى يومنا هذا، ولكن هذه العادات لن تجده في الأماكن السياحية بل في الاحياء التركية التي حافظت على جذورها وترابطها، رغم الزمن والاجيال والحداثة .
ومن هذه العادات التي كانت في القدس ولكنها اختفت كما اختفت الكثير من العادات، ونجدها باقية في إسطنبول الا وهي قيام ربات البيوت وخاصة كبار السن بإنزال سلال المصنوعة من القش من النوافذ لشراء حاجياتهم من البقال واللحام والمخبز وغيرها من حاجيات .
هذه العادة التركية القديمة ازدادت مع إنتشار فيروس كورونا ، وإعلان السلطات التركية عن ضرورة ملازمة المسنين ممن تتجاوز أعمارهم 65 سنة لبيوتهم، وقايةً لهم من الإصابة بفيروس كورونا.
ويقول "ظافر غوندوغدو" وهو بقال في حي "فيريكوي" في منطقة شيلشي في إسطنبول في مقابلة مع وكالة الانباء الفرنسية " لقد كنا نتلقى في السابق حوالي 10 طلبات في اليوم والان وصل هذا الرقم إلى اكثر من 50 ، ونحن جاهزون لخدمة عملائنا المسنين من الساعة 7 صباحاً حتى 10 مساءاً، فإما أن نملأ السلال المعلقة أو نسلم الطلبات لهم عند أبوابهم". وأوضح الجزار "زينل أوزونار" الذي يقع دكانه في نفس الحي، أنه يفعل ما بوسعه لضمان عدم خروج كبار السن إلى الشارع. وقال "إنهم جيراننا أيضاً. ونحن نوصل لهم الخبز أو الجرائد وليس اللحم فقط".
الشرطة المحلية تجد صعوبة بإقناع كبار السن عدم التجول في الحدائق العامة كما حصل قبل دخول الحظر حيز التنفيذ بيوم واحد، حيث توافد العديد من المسنين إلى الحدائق العامة ومناطق الألعاب الرياضية ، مما حدى بأفراد الشرطة الى محاولة اقناعهم بالعودة الى منازلهم حفاظا على حياتهم ، مظهرين كل الاحترام لهؤلاء الأجداد والجدات ، بل ان بلدية اوسكودار استخدمت أسلوب مزج بين الجد والهزل عندما نشرت اعلانا يظهر فيه رجل عجوز على وشك مغادرة شقته لكنه فوجئ بوجود حفرة كبيرة أمام البناء حفرت بواسطة جرافة. مع عبارة مكتوبة تحت الصورة تقول: "نحن نحبك لكن لا تجبرنا على القيام بذلك".
وأبدى بعض المسنين استياءهم من بقائهم في البيت بشكل مستمر وعبرت المسنة "يوكسل" البالغة من العمر 83 عاماً عن رأيها بأن الأمر لا ينتهي عند رفع البقالة عبر النافذة، بالرغم من أنها اعتادت أن تصيح من نافذتها في الطابق الرابع على البقال في زاوية شارعها قبل أن تُنزل سلتها المربوطة بحبل وتحصل على طلباتها. وقالت: "أنا حزينة جداً لأنني عالقة في المنزل" وقبل ان تنهى حديثها مع وكالة الانباء الفرنسية قام بنزل السلة من نافطتها وهي تقول للبقال الثرثار انها تريد كيلو موز. ويضعه في كيس ثم في السلة بعد أن يأخذ المال الذي وضعته فيها العجوز، ويناديها "اسحبي السلة". تسحب يوكسيل حتى تصل سلتها إلى النافذة وتلتقط الفاكهة من داخلها.
انها إسطنبول المليئة بالحكايات والعادات الحية التي تربى عليه اجدادنا وجداتنا وكنا كأحفادهم ان تبقى هذه العادات في المدينة المقدسة والتي لا نجدها في إسطنبول توأم القدس