• 14 آيار 2020
  • من اسطنبول

 

 إسطنبول – أخبار البلد -  كتب فراس الراعي - منذ أن تطأ قدماك تراب اسطنبول ستبدأ قصة عشقك لهذه المدينة، وسيبدأ تناغمك مع تاريخها وقصورها ومطاعمها وفنادقها ومضيقها وجسورها وطبيعتها الساحرة.
 إنها بالفعل مدينة تنبض بالحياة، ولكن عندما تُغلق مداخلها بسبب وباء كورونا، وتتوقف الأعمال فيها، ويبدأ في نهاية الأسبوع حظر التجول، وتقفل المراكز التجارية أبوابها، فاعلم أن كل هذا الجمال سيصبح عبارة عن لوحة فنية معلقة على جدار، فتخيّل معي مضيق البوسفور صامتاً ومياهه راكدة، والأماكن السياحية خالية إلا من الهواء الذي يصفر في جنباتها، والشوارع تفتقد إلى الازدحام المعهود.

 أعيش في اسطنبول منذ 3 أعوام وبضعة أشهر، لم أرها يوماً هادئة إلا في زمن الكورونا، وقد أكون محظوظاً لأنه شيء ربما لن يتكرر في هذه المدينة الصاخبة.
 
يشعر الناس هنا بالخوف والقلق، فكل الأعمال والأشغال شبه متوقفة. صحيح أن الجميع يحاولون التأقلم مع هذا الواقع الجديد، ولكن الفيروس وضع المدينة أمام تحديات كبيرة، ومع ذلك تحاول جميع القطاعات الحكومية والخاصة الخروج من هذه الأزمة بأقل الأضرار.

 ومما قرأت في المواقع الإخبارية الاقتصادية أن التسوق عبر الانترنت خلال أزمة كورونا زاد من المبيعات ليصل إلى 200% حيث يطلب الناس الطعام، مواد التنظيف، المطهرات، الكتب، ألعاب الاطفال، والأجهزة المنزلية الصغيرة من المتاجر الإلكترونية.

أما في سوق العقارات فأصبحت مشاهدة العقار على أرض الواقع أمراً عسيراً بسبب أزمة الفيروس بمعنى آخر لا يريد البائع ولا المشتري مواجهة خطر العدوى بالكورونا، ولكن لم يعد يمثل هذا الأمر عقبة أمام بيع أو شراء المنزل في تركيا، يمكنك كعميل أن تشتري منزلاً عبر الأنترنت "أونلاين" وهو ما يتوافق مع القوانين التركية التي سهلت المعاملات في هذا الشأن.


وبالنسبة للأقنعة (الكمامات) فقد أنتجت العديد من الشركات خلال الفترة الماضية أعداداً هائلة منها، وقامت الحكومة بتوزيع الأقنعة على الناس مجاناً في الصيدليات.

حتى الاحتفالات بالأعياد الوطنية أخذت شكلاً جديداً، فشاهدت من نافذة بيتي في يوم "السيادة الوطنية والطفولة" كيف أن سيارة كبيرة يتحدث من داخلها شخص مع الناس عبر المذياع يطلب منهم أن يفتحوا النوافذ من أجل قراءة النشيد الوطني، لقد كان تفاعلاً جميلاً.

 كما أن  الأتراك تفاعلوا على مواقع التواصل الاجتماعي من خلال نشر فيديوهات فكاهية يُظهرون تذمرهم من طول شعر رأسهم، ويبدو أن صالونات الحلاقة والتجميل كانت من أهم الأماكن التي أُغلقت في إسطنبول، وتابعت الكثير من الأخبار التي صورت كيف يتعامل الشرطة مع الحلاقين المخالفين  أما النساء فبدأنا يشعرن بالقلق بشأن إهمال حواجبهن وأظافرهن، لكن بعد أن أعلنت الحكومة عن افتتاح صالونات الحلاقة أمام الناس يوم الأثنين الماضي ارتاح الجميع لسماع هذا الخبر ويمكننا أن نقول: إن الجمال سيعود مجدداً لسكان إسطنبول.

الحجر الصحي لايزال مفروضاً على اسطنبول ومعظم الولايات في البلاد للحد من انتشار الفيروس، والسؤال الذي يبحث عنه الجميع متى وكيف سننتهي من هذا الوباء؟
إلى الآن لا أحد يستطيع أن يتنبأ بالضبط متى، وعلى العموم تتطلع تركيا بحسب تصريحات الحكومة إلى الانتقال بالبلاد إلى الحياة الطبيعية بعد عيد الفطر تدريجياً.

 وأخيراً تعزز تركيا إمكاناتها فيما يخص عدد الأسّرة في المستشفيات، ووحدات العناية المركزة، والأدوية الحيوية، ومن المتوقع أن تنتج حتى نهاية شهر مايو/ أيار الجاري عدد 5 آلاف جهاز تنفس اصطناعي.