• 1 حزيران 2020
  • من اسطنبول

 

 إسطنبول – أخبار البلد  - كتب فراس الراعي - يعتبر افتتاح جزيرة "الحرية والديمقراطية" أو  جزيرة "ياسي أدا" كما كانت تسمى سابقاً هو أكبر حدث علنيّ في تركيا منذ بداية وباء COVID-19 والموضوع الرئيسي لوسائل الإعلام المسموعة والمقروءة والمرئية في البلاد الأسبوع الماضي.

افتتح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان هذا المشروع تكريماً للسياسي "عدنان مندريس" رئيس الوزراء الأسبق الذي انتهى به المطاف إلى حبل المشنقة على أرض هذه الجزيرة ودفن في فيها مع رفاقه بعد أول انقلاب عسكري في تاريخ تركيا الحديثة عام  1960.

 ويصادف افتتاح الجزيرة  الذكرى الستين لانقلاب 27 أيار/ مايو العسكري الذي أطاح بالحزب الديمقراطي الذي قاده مندريس، هذا الحزب الذي صعد إلى السلطة في أول انتخابات حرة متعددة الأحزاب في تركيا في عام 1950 وقاد البلاد لعقد من الزمن.

وفي سبتمبر1990  اتخذ الرئيس التركي  في ذلك الوقت "تورغوت أوزال" قراراً جريئاً برد الاعتبار إلى مندريس ورفاقه الذين أعدمهم الجيش بتهمة العمل على تغيير الهوية العلمانية للبلاد، وصدر قانون من البرلمان  بذلك، ونُقل جثمان مندريس من الجزيرة إلى ضريحٍ أعدته له بلدية اسطنبول في منطقة توب كابي في امتداد شارع وطن.

وقال أردوغان في حفل افتتاح الجزيرة: "قبل 60 عاماً مرت تركيا بأحد أحلك الأيام في تاريخها مع انقلاب 27 مايو، وما حصل  على هذه الجزيرة لم يكن محاكمة لمندريس ورفاقه بل جريمة قتل وجريمة بحق القانون والتاريخ والثقافة والقيم والمعتقدات التركية".

تعتبر جزيرة "ياسي أدا" من الجزر رائعة الجمال التي كانت غير مأهولة لفترة من الزمن وتقع في بحر مرمرة على بعد 16 كيلومتراً قبالة اسطنبول.
 كانت عبارة عن منفى منذ القرن الرابع الميلادي، وفي القرن التاسع بنى البطريرك المنفي" إغناطيوس" كنيسة هناك، وبعد قرنين استخدم البيزنطيون الجزيرة للاحتفاظ بالسجناء السياسيين وبنوا زنازين تحت الأرض، لا تزال أربع منها موجودة.

 وكان للجزيرة أيضاً نصيبها من الرومانسية حيث اشتراها السفير البريطاني "هنري بولوير" في القرن التاسع عشر لبناء حديقة وقلعة لعشيقته "يوريديس أريستارشي" أميرة ساموس وفقا للمؤرخ فيليب مانسل في كتابه "القسطنطينية مدينة العالم".
 وباع "بولوير" الجزيرة لاحقاً إلى اسماعيل باشا خديوي مصر والسودان، ثم أُقيمت فيها قاعدة بحرية تركية في أواخر أربعينيات القرن الماضي.

لقد استغرق مشروع جزيرة "الحرية والديمقراطية" سبع سنوات بتكلفة حوالي 74 مليون دولار، ويشمل المشروع الحالي فندقاً من 125 غرفة مع ما يقرب من 30 طابقاً، وقاعة مؤتمرات تتسع لـ 600 شخص، ومسجداً بسعة 1200 شخص، ومتحفاً يحتوي على أشكال شمعية تظهر تجربة ما بعد الانقلاب، بالإضافة إلى المقاهي والمطاعم و منارة بطول 24 متراً تسمى "منارة الديمقراطية".
سميت قاعة المؤتمرات في الجزيرة على اسم "عدنان مندريس" والمسجد الضخم حمل اسم وزير خارجيته "فاتين روستو زورلو".

أشادت معظم الصحف التركية بهذا المشروع باعتباره "منارة للديمقراطية" أما على وسائل التواصل الاجتماعي فقد انتقد جمهور المعارضة هذا المشروع فرأى البعض أن لا جدوى اقتصادية منه في هذا الوقت، وبأن الجزيرة الخضراء دُمرت من أجل بناء هذا المشروع، وأن الرئيس أردوغان افتتح هذا المشروع وسط تفشي الفيروس التاجي كنوع من الاستهلاك المحلي لا أكثر.

وختاماً يتوقع أنصار الرئيس أردوغان أن تصبح الجزيرة مقصداً سياحياً ودبلوماسياً مهماً لعقد المؤتمرات السياسية الكبرى في العالم، فإذا قدمتم إلى اسطنبول في المستقبل ننصحكم بزيارة الجزيرة لتعيشوا قصتها بتفاصيلها على أرض الواقع.