• 20 حزيران 2020
  • من اسطنبول

 

 

 إسطنبول – أخبار البلد – كتب فراس الراعي - منذُ أن قدمت إلى تركيا/ اسطنبول وأنا ألحظ في كل مكان وجود تميمة "العين الزرقاء" أو كما تسمى في بلادنا العربية "الخرزة الزرقاء" أما في تركيا فاسمها ( نازار بونجو  nazar boncuğu  ـ العين الشريرة) تباع في متاجر الهدايا وهي مصنوعة من عجينة زجاجية.

و"العين الزرقاء" هي تعويذة قديمة موجودة في معظم دول الشرق الأوسط على الأخص في أرمينيا وإيران واليونان، ولكن في تركيا هي الأكثر انتشاراً.

سترى "نازار بونجو"  في كل مكان في اسطنبول فهي معلقة على الأبواب، في المكاتب، معلقة على قلادة، على مرايا سيارات الأجرة أو الحافلات، معلقة على جدران المباني أو في مترو الأنفاق كما أنها هدية شائعة جداً تُقدّم لجلب الحظ السعيد، وغالباً ما تقدمها الجدات هدية لأحفادهن.

إلى ماذا ترمز هذه التميمة؟

ترمز العين الزرقاء  إلى درء نظرات الحُساد وفقاً للاعتقاد الشائع في تركيا حيث  سيكون لها القدرة على منع العديد من المصائب التي قد تقع على الشخص أو على ممتلكاته، كما يظنون أن هذه التميمة تحمي حاملها من الطاقات الشريرة والسلبية عن طريق امتصاصها.

من أين أتت هذه الخرافة؟

ينتشر الإيمان بالعين الزرقاء والحسد والنفوس الشريرة على نطاق واسع في الثقافة اليهودية والمسيحية والإسلامية وجاء مثلاً في إنجيل مرقس الإصحاح 7 "لأنه من الداخل، من قلوب الناس، تخرج الأفكار الشريرة: زنى، فسق، قتل"
 كما ذُكر الحسد في القرآن الكريم في سورة الفلق الآية رقم 5 :" من شر حاسد إذا حسد"

حاولت كل حضارة تقريباً من الهند إلى أوروبا التعبير عن هذه الخرافة باستخدام التمائم، ولكن هذا الرمز قد يكون أقدم بكثير من ذلك لقد رُسمت "عين حورس" على القبور والمومياوات لجلب الحظ الجيد إلى أرواح الموتى في رحلتهم إلى الحياة الآخرة، وكان المصريون مهووسين بهذه العين حتى أنهم وضعوا مكياجهم على العيون مع الكحل لمنع الروح الشريرة من الاستيلاء على أجسادهم، كما رسمها الإغريق القدماء على سفنهم لحماية قواربهم من غضب الإله "بوسيدون" إله البحر في الميثولوجيا الإغريقية والرومانية.

لقد كان الأتراك من البدو الشامانيين الذين سافروا عبر آسيا الوسطى قبل وصولهم إلى ما يسمى الآن الأناضول "وكان لبعضهم شعائر مثل عبادة الحديد والنار" بحسب ما قرأت في كتاب "صفحات من الأدب التركي الحديث والمعاصر" لمؤلفته الدكتورة زينب أبو سنة، وقد يكون "نازار بونجو" هو تقليد قديم انتقل من الأجداد وبقي مستمراً إلى يومنا هذا.

ربما يأتي اللون الأزرق أيضاً من تأثير البيزنطيين حيث كان الأزرق هو لون السماء والماء وهو مقدّس يرمز إلى اللانهائي الإلهي والروحي ويثير في النفس السلام والهدوء، وهو اللون الذي ميّز الإمبراطور البيزنطي  "سيباستوكريتس" عن المواطنين الآخرين كما أنه لون محبب في الأعراف العثمانية (خزف إزنيق على جدران  المسجد الأزرق).

حتى اليوم في منطقة "بحر إيجه" يفترض الناس هناك أن اللون الأزرق يجلب الحظ الجيد، وهذا هو السبب في أن أبواب المنازل وأسقف الكنائس في الجزر اليونانية زرقاء.

وختاماً لابد أن تعلم عزيزي القارئ أن  "نازار بونجو" أو العين الزرقاء  لكي تكون فعالة يجب أن لا تشتريها وحدك بل يفضّل أن تكلَف شخصاً يحمل بداخله نوايا طيبة، حسنة، محبة ليشتريها لك.
إذا زرت اسطنبول يوماً لا تنسى أن تشتري واحدة للذكرى!