• 30 نيسان 2016
  • حكايات مقدسية

 

 القدس - اخبار البلد-  اتحفنا انطون سابيلا اين القدس برسم  لوحة  واقعية بكل  المقايس،  عن لحظة عاشها في بقعة صغيرة  ولكنها غنية  في القدس الرائعة ، هذه اللحظة التاريخية الاجتماعية الاقصتادية قد تصل مدتها  اياما او اسابيع او شهور ولكنها لحظة من عمر المدينة 

 ونحن في “ اخبار البلد “ نقوم بنشر ما كتبه  ابن القدس انطوان سابيلا على صفحات الفيسبوك كما هي ، لاطلاع اكبر عدد ممكن من المقدسين ومن عاشقي  المدينة على لحظة في حياة القدس  

كان ملتقى شلة الاصحاب هو مقهى " الليدو" في باب الخليل الواقع فوقه فندق " امبريال" المؤجر من بطريركية الروم الاورثوذكس لأشخاص من عائلة الدجاني. وفي باب الخليل طريق يسمح بدخول السيارات الى المدينة القديمة من خلال فجوة كبيرة في الجدار بين باب الخليل والقلعة. وجرى شق هذا الطريق اصلا في 1898 عندما زار القيصر الألماني فيلهلم الثاني القدس بدعوة من الاتراك العثمانيين كي لا يترجل القيصر من عربته عند الدخول الى المدينة. وفي هذا الفندق أقام القيصر فيلهلم، وكذلك أقام فيه رئيس الوزراء اللبناني الراحل رشيد الصلح عام 1947.

ومن إحدى شرفات هذا الفندق في كانون الاول عام 1917 نظر الجنرال ادموند اللنبي الى ميدان عمر بن الخطاب بعد ان ترجل من حصانه خارج السور ودخل الى البلدة القديمة سيرا على الاقدام للإحتفال بتحريرها من الاتراك. وفي الخمسينات والستينات من القرن الماضي كان الفندق يضم سينما صغيرة، وصالة أنيقة لحفلات الزفاف الفلسطينية.

وفي عام 1967، خلال حرب الأيام الستة، احتلته القوات الاسرائيلية واستخدمته كقاعدة لها، ثم اعادته إلى عائلة الدجاني المستأجرة لهذا العقار الذي تملكه الكنيسة الأرثوذكسية اليونانية. وفي هذا الفندق كانت تجربتي الاولى في الاعتقال حيث اوقفتني قوات الاحتلال مع عدد من الشبان ليوم كامل بتهمة رمي الحجارة عليها من على سور باب الجديد. ولم ينقذنا من هذه الورطة إلا الراهب الجليل الراحل الاب الباتح من بطريركية اللاتين في القدس، وهو من رام الله ومن اقرباء والدتي.

ولا بد لاي شخص يدخل من باب الخليل ان يمر من "مقهى الليدو" اذا لم يكن في طريقه الى شارع بطريركية اللاتين الفرعي، حيث يقع فندق "جلوريا" بالاضافة الى محلات التجارة بالجملة لعائلات اصلها من اللد مثل عائلتي نورسي وحبش، ولهذا كان بعض الناس يسمون الشارع " سوق اللدادوة"، نسبة الى اهل اللد. وفي الشارع نفسه هناك مقهى للعب ورق الشدة كان يقع الى جانب منجرة النشاشيبي، وفي آخره تقع بطريركية اللاتين وعلى بعد خطوات منها يقع دير راهبات الوردية الذي اذكر أنني عندما كنت صغيرا وقعت ذات يوم على الأرض وكانت والدتي وشقيقتي الكبرى يأخذانني الى "راهبات الوردية" حيث كان هناك مستوصف للراهبات. ومن تلك الايام وانا اكن لهؤلاء الراهبات الأفاضل كل محبة واحترام.

وفي هذا الشارع يقع " مقهى المختار" وهو أحد اهم المقاهي التاريخية والتراثية في القدس ويعود تاريخه الى الحرب العالمية الأولى، وقد اسسه عيسى بن ميشيل الطبة وكان يقع على سطح مصرف (كريديت ليوني) خارج باب الخليل قبل ان ينتقل الى شارع البطريركية اللاتينية. وفي مذكرات جوهرية انه بعد انتخاب عيسى الطبة مختاراً لطائفة الروم الارثوذوكس في القدس سنة 1918 قرر البحث عن مكان جديد يتسع لمقهى ومكتب له وبعد مدة قصيرة وجد مكانا ً مناسبا ًعند باب الخليل على مقربة من السور الجنوبي لمدينة القدس ، وكان هذا المكان في السابق محطة استراحة للحجاج الاورثوذكس الوافدين من روسيا وقبرص واليونان للمشاركة في احتفالات عيد الفصح. وقد اطلق السكاكيني على شلته التي كانت تلتقي في المقهى اسم " شلة الصعاليك".

ومع مرور الايام وحلول النكبة وتشرد الفلسطينيين في شتى ارجاء المعمورة أخذ هذا المقهى العريق والتاريخي يتحول تدريجيا الى مقهى عادي يعيش على ذكرياته. ومن رواد "مقهى المختار" في السبعينات والثمانينات اذكر الاستاذ الراحل " ميساك" وكان يعلم اللغة العربية في المدرسة الارمنية. كنا مجموعة من "الندماء" بمن فيهم الاستاذ ميساك وآخرين نلتقي كل يوم سبت تقريبا أمام " مقهى المختار" ثم نذهب الى مطعم " منش" في حارة الارمن حيث تباع الصفيحة (لحم بعجين) الارمنية الطيبة. ومن الاستاذ " ميساك" تعلمت الكثير عن الأدب العربي حيث كان يروي لنا القصص الادبية والشعرية، وكان ايضا مغرما بشعراء المعلقات وشعراء العصر العباسي. وكان خليفته المفضل هارون الرشيد. عاش ومات الاستاذ ميساك اعزبا وكان بلا شك من اروع الناس.

وكان يأتي الى "مقهى المختار" شخص مهذب وطيب القلب الى اقصى الحدود ولكنه يتيم الأب والأم وقد تبنته عائلة معروفة باصالتها وعظيم اخلاقها، إلا ان الرجل لم ينجح في تجاوز مأساته العائلية واستمر في شرب الكحول الى ان مرض وتوفاه الله وهو في ريعان الشباب. وقد حاولنا مرار ان نخفف عنه لكن يبدو ان رقة قلبه جعلته دائما يفكر بوالديه اللذان لم يعرفهما ابدا. وكان جميع شبان المنطقة يحترمونه ويدعونه الى الغداء والعشاء لكن هذا الدعم لم ينجح في انقاذه.

كانت شلتنا في السبعينات من القرن الماضي تشمل اشخاصا يهتمون بالنقاش الأدبي وآخرين مغرمين بلعب ورق الشدة وفريق ثالث يهوى الإثنين، وكنت واحد من الفريق الثالث. وعندما كنا نرغب في النقاش الادبي والسياسي فقد كان مقصدنا مقهى " باتيسيري جوزيف" الذي كان يملكه جوزيف ايوب قبل ان يقفله بسبب تدهور الاحوال الاقتصادية في البلاد. وكان والد جوزيف صديقا لوالدي وكانا اعضاء في الجمعيات الكنسية. وهذا المقهى يقع قبالة مدخل فندق " امبريال" وحيث ان لمقهى الليدو باب خلفي جانبي فقد كان بوسعنا السير لبضعة خطوات للانتقال من مقهى الى آخر.

وبعد ان ننتهي من عملنا في نحو الساعة الرابعة من بعد الظهر كنا نلتقي أولا في " باتيسيري جوزيف" لشرب القهوة وتناول الكعك السويسري المشهور به صديقنا جوزيف. و هناك كنت التقي باصدقاء الطفولة بمن فيهم الصديق الوفي الراحل منير (بهجت) نصرالله ( توفي في الولايات المتحدة وهو الذي كان يحب أن يطلق على باب الخليل تسمية " التلة".

وبدون منازع فإن باب الخليل له في القلب الحصة الاكبر. هناك امضينا الأوقات السعيدة والحزينة وهناك كنا ننتظر مرور الفتيات الجميلات لنسترق النظر عليهن ولكن من دون ابداء الملاحظات المسيئة. ومن باب الخليل كنا نعرف من هو المحترم ومن هو النصّاب في القدس. ولكن لم نكن نسمح بالإعتداء على ضعيف أو مغلوب على أمره. وكان الشباب يفعلون اعمال الخير وكأنه أمر مفروض عليهم، وفي الواقع فإن الشهامة كانت جزء أصيلا من فولكلور باب الخليل. وكان المرحوم منير نصر الله يشفق على أحد المشردين المصاب بمرض عقلي، وكلما شاهده كان يأخذه الى افخم مطعم في المنطقة وهو مطعم " كوستا" ويدفع ثمن غداء ومشروب الرجل، وكان يقول لي " هذا الرجل اعقل منا جميعا."

وبالنسبة لمطعم " كوستا" اليوناني فقد كان جزء مهم من تاريخ باب الخليل، ففيه كانت تتناول الغداء مجموعات مختلفة من المجتمع المقدسي وفيه ايضا (من دون علم كوستا طبعا) كانت تجري صفقات مشبوهة لتجار الاراضي وجماعات العالم السفلي. وكان يرتاد المطعم تقريبا كل يوم الشخص الذي باع دير مار يوحنا في حارة النصارى في عام 1992 إلى المستوطنين اليهود وكان يجلس على الطاولة كالطاووس وينظر الى الناس وكأنه الحاكم بأمره نفسه. أما صاحب المطعم "كوستا" فقد كان من أطيب الناس وأكرمهم وكان الفقراء والمشردون يلتجأون اليه.

وفي بعض أيام السبت كنا نقوم بارسال صواني الدجاج أو الارانب أو اللحمة الى المخبز في ساعات المساء ثم نجتمع عدة شبان في "الليدو" أو "باتيسيري جوزيف" لتناول الطعام مع شرب النبيذ. وفي إحدى ليالي الشتاء وبينما كنا نأكل هز انفجار قوي المنطقة فهرعنا الى منازلنا من الشوراع الخلفية تاركين الصواني ممتلئة بالطعام . وفي اليوم التالي قال لنا شرطي محلي أن الانفجار سببه قارورة غاز انفجرت في أحد المطاعم المجاورة. والسبب وراء هربنا أنه لو وجدتنا الشرطة الاسرائيلية في منطقة انفجار لاعتقلتنا واحتجزتنا للتحقيق ليوم واحد على الاقل أو اكثر.

وفي "باتيسيري جوزيف" تعرفت على صديقي السائح الأمريكي " رون" (رحمه الله). وكان رون يحب النكتة وشرب البيرة ( الجعة). وفي ظهر يوم سبت دعونا رون ليأتي وياكل معنا المناقيش الارمنية. وبعد عودتنا وفيما كنا جالسين في الباتيسيري تفاخر احد الشباب أنه يستطيع شرب خمس زجاجات من بيرة سويدية جديدة وقوية للغاية. وسالوني ان كنت استطيع شربه فاجبت بالنفي لأنني لم أكن اصلا من المهتمين كثيرا بشرب الكحول إلا في المناسبات العائلية.

وفيما نحن نتجادل قال "رون" فجاة أنه على استعداد أن يشرب الزجاجات الخمس اذا دفعت أنا ثمنها. فوافقت ولكنني قلت في نفسي أن "رون" لن يتمكن من اكمال زجاجتين ولذا فقد قررت ان امنعه عن الشراب بعد الزجاجة الثانية. وقد حاولت ثنيه عن شرب الزجاجة الثالثة لكنه رفض مما جعلني امنع عنه المزيد من البيرة. وبعد ان انهى " رون" الزجاجة الثالثة اخذ يشعر بالنعاس وطلب ان نرافقه الى الفندق وهناك نام لأكثر من خمسة عشرة ساعة متتالية، وعندما استفاق عاد الى باب الخليل ليشرب القهوة العربية.

وفي تلك الايام كان رجال الاعمال يأتون الى مقهى "الليدو" للعب ورق الشدة أو فقط لشرب القهوة وتدخين النرجيلة. وكانت افراد مجموعة الاصدقاء التي انتمي اليها يلعبون " الطرنيب" وهي لعبة شائعة في لبنان وسوريا وفلسطين ويقال انها جزء من لعبة البريدج.، كما كنا نلعب "البيناكل" وهي لعبة فرنسية شيقة تحتاج الى مهارة في التنسيق مع الشريك في محاولة للحصول على اكبر عدد ممكن من النقاط. وكان البرت اغازاريان من الماهرين في الطرنيب.

وفي ايام الصيف كنا نجلس امام مقهى " الليدو" لشرب القهوة أو لتجاذب اطراف الحديث بينما افواج السياح تمر من امامنا. وكان بعض اللصوص ياتون الى باب الخليل في محاولة لسرقة السياح ولكن الموقف المتشدد الذي اتخذه منهم شباب باب الخليل حال دون ان يتمكنوا من تبيث اقدامهم في المنطقة.

وفي موسم عيد الميلاد ورأس السنة كانت تقام في " مقهى الليدو" حفلات لعب "البكرة" –Baccarat- من منتصف شهر كانون الاول وتستمر حتى بعد عيد الميلاد حسب التقويم الارمني في الثامن عشر من كانون الثاني وكان يديرها الراحل خليل عطية.

وفي فترة اعياد الميلاد والفصح تمر من باب الخليل مواكب رجال الدين المسيحيين تتقدمهم فرق الكشافة إما في طريقهم الى بيت لحم أو للنزول الى كنيسة القيامة للإحتفال باسبوع الآلآم. واذكر أنه بعد اسبوع من بدء الاحتلال الاسرائيلي للقدس توجهنا الى كنيسة الروم الكاثوليك ( الملكيين) في باب الخليل والقريبة من مدرسة مار يوسف حيث حضرنا قداسا تراسه المطران المنفي هيلاريون كبوشي. وفي منتصف القداس هز المنطقة انفجار كبير اوقع الخوف في قلوب المصلين. وهدأ المطران كبوشي من روع المصلين وقال ان الجنود الاسرائليين يفجرون الحائط الفاصل بين باب الخليل وما يسمى بمنطقة الحرام (no man’s land) لشق طريق الى البلدة القديمة. 

وكان بعض الاشخاص غير العرب يرتادون مقاهي باب الخليل بإستمرار من بينهم شاب روماني مهذب جدا والده يهودي وامه مسيحية ( وفقا للعرف اليهودي فإنه ليس يهوديا). ولم أعد اذكر اسمه لكنه كان يأتي في بعض ايام الآحاد إلى كنيسة القيامة للصلاة ثم يتوقف في طريق العودة في باب الخليل بملابسه العسكرية ليشتري الكعك والفلافل وشرب الشاي في مقهى الليدو مما جعل شباب المنطقة يشكون في امره، ولكنه كان يقول دائما أنه مجبر على الذهاب الى الجيش وانه يحب الصداقة مع العرب لأن والدته كانت لها صديقة عربية في رومانيا وانه ترعرع مع اولادها في بوخارست. وكانت امه تخاف عليه فجاءت وعرفت على نفسها لشباب المنطقة. وذات مرة خرج من المقهى مسرعا ونسي سلاحه على الارض فلحق به أحد الشباب وطلب منه العودة لأخذ سلاحه وقال له" دخيلك لا نريد ان نروح في داهية". وقد نصحه الشاب بان يأتي كمدني حتى يستطيع الجلوس براحة وحرية في المقهى. وهكذا كان. وكان الشاب الروماني يقول انه لم يقاتل في حرب 1967 ولن يقاتل في اي حرب قادمة، وتشاء الاقدار ان يذهب هذا الشاب الى إحدى المناورات ويلقى حتفه، وجاءت والدته الى باب الخليل لتعلن خبر وفاته واقامت له قداسا في الكنيسة الروسية.

ومن الاشخاص الذين مروا على باب الخليل ولا يمكن ان ينساهم المرء أذكر " البرينس" ( اي الامير) وهو من أب فلسطيني وأم يونانية وكان يعيش على بعد امتار من " مقهى الليدو". لقد تم استبعاده من المدرسة وهو في الصفوف الاعدادية ولكن لو كانت هناك مسابقة في بلاغة الكلام والتفكير الاستراتيجي فإن لا أحد يستطيع أن يهزمه حتى الذين طردوه من مدرسته. وكان يقول دائما ان الحياة صراع بين انسان يعرف نفسه وانسان لا يعرفه الآخرون وانه لو كان الناس يعرفون بعضهم حق المعرفة لتفادوا الكثير من المشاكل والمآسي. 

ولكن " البرينس" كان ايضا يبحث عن الثراء السريع " لأن الزمن غدار" كما كان يقول لنا بإستمرار. ووصلت براعته في الحديث بحيث اذا اراد كان بوسعه اقناع اي شخص بأنه يمتلك المقهى أو المطعم الجالس فيه أو على الاقل له نصيب فيه. " البرينس" لم يقامر ولم يشرب الخمر ولم يهتم إلا بالثراء. وهو لم يتحدث سياسة، وكان يقول " لو فتحت فمي لما ترك الاسرائيليون حجرا واحدا في مكانه في منزلنا." ولم يعتدي على احد بل كان صاحب عقل تجاري بإمتياز، ولكن خصومه لم يشاءوا الإعتراف بهذه الحقيقة. ذات يوم اختفى فجأة من المنطقة وقيل لنا أنه غادر البلاد في ظروف مثيرة للجدل. وكان " البرينس" أنيقا في هندامه ومهذبا الى حد أنه لم يكن يتفوه بكلمة سوء بحق اي انسان بالرغم من المزاعم التي طالته ولم يثبت صدقيتها حول عمليات تجارية مشكوك فيها. ذات يوم جاءني على وجه السرعة وطلب مني أمام عدد من الاصدقاء خمسمائة دولار. وقال صديق أن " البرينس" لن يعيد النقود اطلاقا. ومع ذلك اعطيته المال ثم جاء بعد يومين حاملا المبلغ وشاكرا لي مساعدته. لا اعرف اين " البرينس" هذه الايام وماذا حل به لكن ما اعرفه ان منطقة " باب الخليل" بدونه اصبحت اقل بهجة.

واذا كان " البرينس" من احفاد شيشرون، الخطيب الروماني المفوه، فإن الراحل " ابو العصافير" كان بلا منازع " فيلسوف باب الخليل". كان "ابو العصافير" ارمنيا ويعمل دليل سياح ولكن الإستماع الى مداخلاته السياسية والاجتماعية كان مثل الإستماع الى محاضر جامعي مضى عليه عقود من التعليم الجامعي. لم يكن " ابو العصافير" خبيرا بالعصافير فقط بل كان ايضا مطلعا على التراث والتاريخ الفلسطيني ذلك لأنه من " الارمن الوطنيين"، اي الذين ولدوا في فلسطين ابا عن جد وليس من الوافدين بسبب المجازر العثمانية ضد الشعب الارمني. وعندما كان " ابو العصافير" يلقي "محاضراته" إما في "مقهى الليدو" أو "باتيسيري جوزيف" كانت المناقشات تستمر لساعات وساعات. واستطيع القول ان كثيرين من شباب باب الخليل تعلموا الكثير عن ثقافة الحياة وفلسطين من " ابو العصافير" الذي رحل عن هذه الدنيا باكرا.

عدت الى باب الخليل عدة مرات بعد الهجرة ولكنه لم يعد مثلما كان، وهو الآخر ضحية الاحتلال والتطورات السياسية والاجتماعية في المنطقة. لكل باب ومنطقة في القدس تاريخ جميل ومميز ولكن تاريخ باب الخليل هو بلا شك يستحق المزيد من الابحاث والدراسات لما فيه من ثراء وطني وفولكلوري واجتماعي!