• 21 آب 2020
  • حكايات مقدسية

 

 القدس – أخبار البلد- نشر موقع "الجزيرة "الاخباري تقرير شيقا للزميلة "جمان أبو عرفة" عن مكان اثري يراه جميع المقدسيين ولكن القليلين يعرفون حكايته ، ورغم أن الزميلة أبو عرفة تناولت الموضوع من زاوية تحتاج الى الكثير من البحث والتمحيص من قبل أصحاب الاختصاص ، وعدم الاكتفاء بريا واحد،  إلا أن هذا لا يقلل من أهمية ما نشر من  معلومات أولية عن ذلك المكان الملاصق لباب الرحمة من الجهة الخارجية ، تلك القبة التي لا طالما سار بالقرب منها كل أطفال القدس في سبعينات القرن الماضي وتسألوا عن حكاية القبر المميز هناك ، ودائما لم يسمعوا جوابا من كبار السن .

 ونحن في "أخبار البلد" يسعدنا ان نعيد نشر القسم الأكبر من تقرير الزميلة جمانة أبو عرفة" في موقع "الجزيرة" الاخباري.

لم يدرِ الشيخ علاء الدين علي الأردبيلي حفيد مؤسس الطريقة الصفوية، أن حياته التي ابتدأت في إيران ستنتهي في القدس، وسيكون قبره معلما بارزا ملاصقا لسور القدس والمسجد الأقصى الشرقي لأكثر من 600 عام، ويقول الباحثون إنها لن تمتد طويلا إذا ما استمر إهمال المعلم الآيل للسقوط.

غرب باب الرحمة -أحد أبواب سور القدس والأقصى- ترتفع قبة الأردبيلي أو "التربة الصفوية" ثلاثة أمتار متمايزة عن بقية قبور مقبرة باب الرحمة شرق المسجد، وتتكون من بناء حجري مفتوح ذي أربعة أقواس، قوسين مكتملين في واجهته، واثنين غير مكتملين عن يمينه وشماله انتصفا عند نقطة الالتقاء بالسور، ليبدو البناء مستندا من الخلف بالكامل على السور كأنه اندمج به.
بطول ثمانية أمتار وعرض أربعة وحجارة متآكلة تتخللها حشائش صفراء، تحاول قبة الأردبيلي الصمود متكئة على السور المتآكل أصلا، كأنهما يشكوان لبعضهما الإهمال وشح الترميم في ظل عوامل الزمن من طقس واحتلال.

ويؤكد الباحث محمد عرامين الذي درس المقابر في القدس وعاين البناء ميدانيا، أن قبتين قصيرتين كانتا تعلوانه، لكن جزءا من القبة الجنوبية تهدم مع السقف، مضيفا أن حالته الراهنة لن تسمح بصموده طويلا.

ويقول عرامين إن البناء يحوي داخله خمسة قبور مدمرة تماما لم يبق منها إلا أكوام حجارة وشواهد مكسرة، باستثناء قبر تحت القوس الشمالي للقبة مباشرة محاط بسياج حديدي، لم يُعرف صاحبه. 

يؤكد مدير مركز المخطوطات في المسجد الأقصى رضوان عمرو أن قبر علاء الدين الأردبيلي يوجد تحت القبة أو في الحجرات الأرضية أسفلها، وأضاف أن حجرة أرضية للدفن توجد تحت القبة الجنوبية، متوقعا وجود حجرة أخرى إلى جانبها، ويفسر ذلك بأن الحجرتين كانتا ظاهرتين وقامت عليهما القبة الأصلية في العهد المملوكي، لكنهما طمستا وبنيت فوقهما القبة الحالية في العهد العثماني بعد تدمر الأولى.

في واجهة قبة الأردبيلي لوحة حجرية ذات خمسة أسطر، ذكرها المستشرق السويسري ماكس فان برشم عام 1900 في أحد كتبه، ونُقش عليها بخط الثلث العربي "هذا قبر الإمام المحقق والحبر المدقق جامع الشريعة والحقيقة الشيخ علاء الدين بن أبو الحسين علي الأردبيلي، توفي سنة اثنين وثلاثين وثمانمائة (832 هـ) ثم انهدمت هذه القبة مكرور الأعوام فجددها من ذريته أفضل الفضلا والي الدين الشهير بابن الكواكبي القاضي بالعساكر.. في الدولة العثمانية سنة ثلاثة وثلاثين وما بعد الألف (1033 هـ)".

من الأردبيلي؟
يقول مجير الدين الحنبلي في كتابه الأنس الجليل في تاريخ القدس والخليل إن علاء الدين الأردبيلي هو "ابن الشيخ العابد المسلك صدر الدين بن الشيخ صفي الدين الأردبيلي العجمي، وكان والده من أعيان الصالحين ببلده ويقال إنه شريف علويّ". 

ينحدر علاء الدين الأردبيلي من أردبيل في شمال غرب إيران على الحدود مع أذربيجان، حيث تولى الزعامة الروحية للطريقة الصفوية بعد أبيه صدر الدين الذي ورثها بدوره عن والده صفي الدين مؤسس الطريقة، والذي كان من أهل السنة والجماعة على مذهب الإمام الشافعي وتجمّع حوله آلاف المريدين الذين تشيعوا فيما بعد مؤسسين الدولة الصفوية.

عُرف الأردبيلي بلقب "سياه بوش" -أي المسوّد- لأنه لازم ارتداء الثياب السوداء، كما لبث في الزعامة الروحية الصفوية 38 عاما تنقل فيه بين بلدان عديدة، حتى وافته المنية في القدس عن ستين عاما سنة 832 للهجرة/1428 للميلاد، ودُفن بمقبرة باب الرحمة وبنى أصحابه فوق قبره قبة كبيرة كمزار له.

تهدمت القبة لاحقا، حتى رممها ابن الكواكبي، وهو قاضي العساكر في الدولة العثمانية الذين بحث عن تراث أجداده من إيران، وأقام قبة الأردبيلي مرة أخرى بشكلها الذي ما زال قائما حتى اليوم.