• 28 آب 2018
  • إقتصاد وحياة

 

 

بقلم : خالد الزبيدي

 

تمتد برامج التصحيح الاقتصادي التي تنفذها الحكومات للعام 1989 بعد ازمة الدينار، وتوقف البرنامج الاول مع حرب الخليج 1990/1991، وعاد الاردن الى تنفيذ برنامج تصحيح مع الصندوق في العام 1992، وكان القبول بالبرنامج بعد ازمة الدينار وانخفاض الرصيد الجاهز من العملات الاجنبية الى مستويات متدنية جدا، وفي العام 1995 تم تثبيت سعر صرف الدينار مع الدولار عند سعر ( 0.710/0.708 ) للدولار، وتم تجديد برامج التصحيح حتى العام 2004 عندما اٌعلن عن تخرجنا 

من ( مدرسة الصندوق) بعد سنوات من العناء تحمل الاردنيون فيها الكثير أملا في مستقبل افضل لنا وللاجيال القادمة.

وبعد عدة سنوات عدنا الى صندوق النقد وفق معايير ومفاهيم اكثر ضراوة وشكلت الفترة 2012 الى 2015، ثم 2016 / 2019 الاصعب والاكثر تضحية، وصمم لنا برامج طحنت الاقتصاد والمستهلك معا، وارتفع معها الدين العام مقتربا من الناتج المحلي الاجمالي، وتفاقمت ظاهرتي البطالة والفقر الى مستويات شاهقة، وبلغ الفقر 40 %، والبطالة 18.5 % حسب ارقام دائرة الاحصاءات العامة، اما الغلاء المتراكم فقد أتى على ما تبقى من قدرات شرائية للسواد الاعظم من المواطنين.

القاسم المشترك لفشل برامج التصحيح المالي لصندوق النقد انها قدمت الشكل على الجوهر،  لذلك حافظت نظريا على سعر صرف الدينار الاردني امام العملات الاجنبية لاسيما العملات المرتبطة بالدولار الامريكي، وفشلت في رفع وتائر النمو الاقتصادي، ومن نتائج هذا الفشل ارتفاع البطالة وتعميق الاختلالات المزمنة، وارتفاع الدين العام ( المحلي والاجنبي) الى مستويات قياسية وشكلت خدمة الدين العام 18 % من حجم الموازنة العامة للدولة.

برامج الاصلاح المالي ووصفات صندوق النقد الدولي لقيت ثناء مستمرا من الحكومات المتعاقبة وبالغ مسؤولون في التنفيذ واخفقوا في تلبية احتياجات الاقتصاد الوطني ومتطلبات النمو، ولم يأبهوا بمستويات معيشة المواطنين، ولم نجد من يرد علي هذه البرامج او يوقفها عند حد.

الاخطر والاكثر تأثيرا لبرامج الصندوق ذلك الممتد 2016/ 2019 الذي بلغ حد رفع اسعار السلع الغذائية والخبز والسلع الارتكازية من الطاقة والمحروقات والمياه، ووضع سلسلة من الضرائب النوعية والرسوم  الاضافية التي طالت الفقراء بشكل خاص، وأدت هذه القرارات الى اضعاف الحركة التجارية التي دخلت ركودا عميقا بلغ القاع، اما المنتجات الاردنية فقد تقلصت قدرتها التنافسية محليا وفي اسواق التصدير، وزاد الطين بلة تدني قدرة الاقتصاد الاردني على استقطاب استثمارات اجنبية جديدة.

ثلاثون عاما من العناء وبرامج تصحيح دفعتنا الى الوراء سنوات وعقدت ظروفنا واضعفت النسيج الاجتماعي الاردني، وعطلت قدرة الاقتصاد على التعافي والنمو المستهدف.. حان الوقت للعزوف عن هذا النهج والبدء بإجراءات حقيقية لتحفيز الاقتصاد بقطاعاته المختلفة والعزوف عن مراهنات خاسرة هي كسراب نلهث خلفه طول ثلاثين عاما مضت..صندوق النقد لا ينجينا من الغرق