• 23 آيار 2016
  • أقلام مقدسية

 

 

بقلم : حمدي فراج

بعد تحرره من السجن، استدعاه ضابط المخابرات ، ومن المفيد التذكير ، على اعتبار ان الذكرى تنفع المؤمنين، ان هناك اليوم ضباط مخابرات فلسطينيون واردنيون ومصريون ايضا، لكن الذي استدعاه هو ضابط المخابرات الاسرائيلي، وعرض عليه بطريقة ملتوية التعامل معه، ولما كانت ردة فعله جد مستنكرة، قال له انه فهمه بشكل خاطيء، انه لا يريده جاسوسا، فلديه منهم الكثير، الذين يمدونه بكم كبير من المعلومات، ناهيك عن تلك التي تمدنا بها السلطة، اما البقية الباقية فيتكفل بها الفيس بوك.

ان هذا الاختراع العظيم، يتم التعاطي به من قبل الشعوب المتخلفة، على أسوأ ما يكون، وفي حالتنا كشعب فلسطيني نرزح تحت احتلال عسكرتاري استيطاني اقتلاعي، يكتنز من الخبث والعنصرية والدهاء، ما مارسته كافة دول الاحتلال والاستعمار العالمية قاطبة، ووفق عدد كبير من خبراء التاريخ الاستعماري، فإن الاحتلال الاسرائيلي هو تقريبا الاحتلال الوحيد الذي يمارس الاحتلال والاضهاد والقمع ضد الشعب الفلسطيني، ثم يظهر امام الملأ وشعوب العالم انه الضحية، ولهذا تراه لا يترك شاردة او واردة، دون ان يلجأ الى مجلس الامن لتقديم شكاواه حتى ضد نفق تحفره حركة حماس، او تهديد يصدر عن حزب الله.

لقد كتبت فتاة عشرينية من قرية الخضر على صفحتها ما عبرت به عن فرحتها ازاء عملية الباص التي نفذها عبد الحميد ابو سرور قبل حوالي شهر، كتبت ذلك في ساعات العصر، وما ان حل الليل، حتى كانت سلطات الاحتلال مدججة بالعدد والعدة والكلاب، اقتحمت منزل والدها واقتادتها الى السجن مكبلة، لكن بقية مخابرات الاقليم، بدأت تبحث عن علاقة ما بينها وبين الشهيد منفذ العملية، ورغم ان المخابرات الاسرائيلية لم تتطرق معها بكلمة واحدة عن هذا الموضوع، الا ان الكثيرين ظلوا "يعتقدون" ان هناك علاقة ما تربطهما معا ، والا ما معنى هذا الاعتقال السريع والمداهم.

وحكمت المحكمة العسكرية عليها في رام الله بعد خمس جلسات خلال الشهر بالسجن الفعلي والسجن مع وقف التنفيذ والغرامة المالية، ما يعنيه هذا ان الديمقراطية التي تغنت بها اسرائيل على مدار عمرها الذي يناهز اليوم سبعون عاما ، وانها واحتها الوحيدة في الشرق الاوسط ، لم تعد صالحة ولا قابلة للتصديق.

ان الفيس بوك ، حولنا كلنا بدون ادنى تحفظ ، من شعب أمي بالكاد يجيد القراءة والكتابة ، الى شعب كاتب ، وكأنه بذلك قد ألغى مرحلة القراءة التي يشترط بكل كاتب ان يمر خلالها ، وبهذا نكون قد خسرنا المرحلتين ، القراءة والكتابة على حد سواء