• 29 آيار 2016
  • أقلام مقدسية

 

خالد الزبيدي

 

قبل اربعمائة سنة كتب الكاتب الانجليزي الكبير ويليام شكسبير روايته الرائعة تاجر البندقية، حيث جسد جشع وحقد المرابي اليهودي شايلوك وممارساته؛ الذي رفض تقاضي ثلاثة اضعاف الدين الذي قدمه الى تاجر البندقية انطونيو بعد انقضاء الفترة الزمنية على الدين وهي ثلاثة اشهر، وطلب تنفيذ العقد باقتطاع رطل لحم من جسد انطونيو، وفشل في ذلك بعد ان اشترط القاضي تنفيذ العقد باقتطاع شايلوك رطل لحم من جسد انطونيو دون زيادة او نقصان، ودون ان تنزل قطرة دم واحدة..عندها فشل في ذلك.

ومن الملاحظات التي سجلت على شايلوك وبني جنسه ولونه ممارسة الربا بأبشع صوره، واعتماد التجارة بالنساء، والالماس باعتباره معيارا وملاذا للاموال القذرة، وبث الفرقة بين العباد وممارسة القتل بدم بارد ، وبعد اربعة قرون أسس شايلوك بصورته الجديدة دولة توظف كل ما سبق ذكره، واضاف اليه آلة عسكرية فتاكة، وإعلاما متنوعا يقصف البشر من الغرب الى الشرق ويطيح بالشعوب والدول بكل ما اوتي من قوة دون رد حقيقي.

 دول أوروبية كثيرة أرادت التخلص من اليهود، وأيدت هجرتهم إلى فلسطين، الزعيم الصهيوني تيودور هرتزل حاول منذ 1888 حتى رحيله في العام 1904 الحصول على موافقة السلطان العثماني عبد الحميد الثاني بقبول الهجرة اليهودية الى فلسطين، الا انه كان مناوئاً للحركة الصهيونية وللهجرة اليهودية إلى الأراضي المقدسة..وقال مقولته الشهيرة لـ «هيرتزل».. ان ارض فلسطين ليست ملكي، انما هي ملك الامة الاسلامية، ثم طرده شرّ طردة من مجلسه.

ومع سوء الاحوال في الدولة العثمانية وصعود الاتحاديين الذين انقلبوا على الدولة من جهة، ونكلوا بالعرب من جهة اخرى، اطلق الشريف الحسين بن علي الرصاصة الاولى في العام العام 1916 ايذانا بالثورة العربية الكبرى بهدف بلوغ النهضة العربية واقامة الدولة العربية الكبرى، الا ان اتفاقية سايكس- بيكو التي وقعت بين المملكة المتحدة وفرنسا ومصادقة الامبراطوية الروسية انذاك، وهي تنكر لحقوق الثورة العربية، وتقاسمت بريطانيا وفرنسا المنطقة وتنكرت لاتفاقياتها مع الشريف علي بن حسين، وتجرعت شعوب المنطقة الهوان على ايدي المستعمرين الجدد، ولازالت شعلة الثورة العربية قائمة في الاردن.

وبالعودة الى شايلوك.. العابر للازمنة يصول ويجول في المنطقة ويؤسس دولة الربا وتجارة النساء والالماس والاموال القذرة والقصف الاعلامي، هدفه تحويل المنطقة العربية.. الدولة والانسان فيها إلى مدين على الدوام، فقير بالكاد يلبي احتياجاته، يكره نفسه واخاه، واي دولة لديها فوائض عليها ان تنفقها في حروب عبثية تحرق الزرع وتقتل النسل وتدفع المنطقة الى الوراء، وكلما لاحت فرصة لشعوب المنطقة التقدم  يتم ادخالها في حروب جديدة..

الذي نعيشه في هذه الفترة ونعاني ونحذر منه ان ..شايلوك الجديد اسس.. لدولة عدوان مستمر .. دولة ربا وتجارة بالنساء والالماس ..واعلام معتد وعسكر يهوى قتل الابرياء.

 

عن الدستور