• 25 نيسان 2017
  • أقلام مقدسية

 

 

بقلم : حلمي الاسمر

  

بقال ان من يسيطر  على  الحاضر، يملك التاريخ، ومن يملك التاريخ، يملك صناعة المستقبل 

يوم الجمعة كانت خطبة الجمعة الموحدة «درسا في التاريخ» وبالتحديد عن ذكرى الإسراء والمعراج، لم يتسن لي طبعا حضور كل خطب الجمعة في المملكة، لكنني على يقين أن أحدا من الخطباء لم يتحدث عن ذكرى أخرى وافقت هذه الذكرى، وهي ذكرى تحرير صلاح الدين الأيوبي للأقصى الشريف، بالنسبة لي، استمعت لخطبة تحدث فيها الخطيب عن مشاهدات الرسول صلى الله عليه وسلم في تلك الليلة، وهي مشاهدات قرأناها وسمعناها مئات المرات، ولا بأس من تكرارها للعظة، ولكنني تمنيت من أعماقي أن يأتي الخطيب على الذكرى المصاحبة، ولو من باب التذكير بيوم عظيم من أيام هذه الأمة، في وقت نشهد أياما عصيبة، وكل يوم يلعن الذي يسبقه!

قرأت أن يوم 27 رجب 583، الموافق لتشرين الاول (اكتوبر) 1187، كان صادف ذكرى الإسراء والمعراج وهو اليوم الذي حرر فيه جيش صلاح الدين الايوبي بيت المقدس  بعد 92 سنة من احتلال الفرنجة لها . واستمر تنظيف المسجد الأقصى ومعالمه أسبوعا كاملا، ختمها الناصر صلاح الدين بالمشاركة الشخصية في رشّ ماء الورد في أرجاء المسجد وفي جدرانه. وكان يوم الجمعة في 4 شعبان، يوم العيد بعد تحرير القدس، وكان أول يوم تقام الصلاة في المسجد، وكان لاختيار خطيب ذلك اليوم قصة ذكرها أبو شامة المقدسي الدمشقي في (كتاب الروضتين في أخبار  الدولتين).

حيث جلس القضاة والخطباء يتطاولون في أعناقهم ليراهم صلاح الدين. حتى اختار منهم القاضي محيي الدين ابو المعالي محمد بن زكي الدين علي القرشي ليخطب اول خطبة جمعة في القدس بعد 92 سنة من الاحتلال الغاشم..!

وما دمنا نتحدث عن الذكريات، فقد احتفل الصهاينة بالأمس بذكرى «الكارثة والبطولة» وهي احتفال سنوي يحيون فيها ذكرى المحرقة، ومن الصدف الغريبة ان يتوافق هذا الاحتفال مع ذكرى تحرير القدس، وإعلان نحو 1500 من أسرانا عن إضراب مفتوح عن الطعام، وعن «احتفال» من نوع آخر، بتصعيد غير مسبوق في اقتحامات الصهاينة للأقصى، ونشر صور لمهندسين وحاخامات وهم يدرسون خرائط قيام الهيكل!

الوجه الآخر لذكرى الكارثة والبطولة، وإحياء ذكرى المحرقة، يعني بالنسبة لنا نحن العرب ان من يحيي ذكرى المحرقة، يقوم بمحرقة بالتوازي يحاول فيها حرق الحلم الفلسطيني بالكامل، و تزيد بريطانيا غير العظمى تلك الذكرى مأساوية حين ترفض بكل وقاحة الاعتذار عن وعد بلفور، بل تعيد تأكيده باعتباره عملا «أخلاقيا»!

ألم نقل أن من يملك التاريخ، يصنع المستقبل، ونحن أمة نتسول اليوم على كل الأبواب، ابواب التاريخ والحاضر، ولا ندري أي مستقبل سنصنعه في ظل هذا الانهيار الذي نعيشه على كل الصعد!

لا ادري لم اشعر أن ثمة تهاني عربية حطت على طاولة رئيس دولة الاحتلال ورئيس وزرائه، صحيح أنه لم يتسن لي الاطلاع على أسماء من شاركوا «إسرائيل» في إحياء ذكراهم، لكنني أشك أن من بين من شاركوا أسماء عربية كبيرة، في موسم «حجيج» الزاحفين على بطونهم لـ «جبل الهيكل» أو هار هبايت، بالتعبير العبري، وهو اسم المكان المقام عليه الأقصى