• 23 آيار 2018
  • أقلام مقدسية

 

 

 

*بقلم : جاك يوسف خزمو  

يبدو لحركة "حماس"، والفصائل الفلسطينية الأخرى المتواجدة في ميدان قطاع غزة، أن المقاومة الشعبية السلمية المتمثلة بمسيرات العودة التي انطلقت منذ 30 آذار 2018، في الذكرى الـ 42 ليوم الأرض، حققت العديد من الانجازات السياسية والاجتماعية التي لم يتم تحقيقها من خلال خيار المقاومة المسلحة.

فهذه المقاومة الشعبية السلمية أدت الى عدة مكاسب ونتائج لقطاع غزة ومن اهمها: 

أعادت القضية الفلسطينية الى الواجهة بعد أن وضعت جانباً لسنوات إذ ظن كثيرون انها قد حلّت ، وان الصراع مع اسرائيل قد انتهى!

 

احيت حقاً مقدساً ومهما الا وهو "حق العودة" لشعبنا الفلسطيني، إذ ان مخططات وبرامج اميركا المختلفة المقدمة خلال السنوات الماضية، وتمشياً مع السياسة والمواقف الاسرائيلية، تتغاضى، لا بل تشطب هذا الحق، وتعتبره خارج نطاق طاولة التفاوض.

 

أحرجت اسرائيل دولياً إذ ان العالم بمختلف دوله، ما عدا الدول المرتمية بأحضان أميركا واسرائيل، أدانت القوة المفرطة التي استخدمتها القوات الاسرائيلية ضد المشاركين في هذه المسيرات، وحاولت اسرائيل تبرير تصرفاتها، الا ان العالم لم يقبل حججها وأعذارها. وهذه المسيرات أكدت ان الشعب الفلسطيني بحاجة الى حماية دولية، كما ان مجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة قرر تشكيل لجنة مستقلة للتحقيق في المجزرة التي ارتكبت بحق أبناء شعبنا في القطاع يوم الاثنين 14 أيار 2018 ، حيث سقط 60 شهيداً وأصيب أكثر من 3700 مواطن ومواطنة وحتى الأطفال. وقد عقدت الجامعة العربية اجتماعاً غير عادي وطارئاً لوزراء الخارجية العرب يوم الخميس 17 أيار2018، وكذلك عقدت منظمة التعاون الاسلامي قمة في اسطنبول يوم الجمعة 18أيار الجاري، وهذه المؤتمرات وبياناتها استنكرت وأدانت نقل سفارة اميركا الى القدس، وطالبت بتشكيل لجنة تحقيق دولية، وكذلك بضرورة توفير حماية دولية لشعبنا الفلسطيني في الضفة والقطاع، وأكدت هذه المؤتمرات واللقاءات ان القدس المحتلة في حزيران 1967، هي العاصمة الأبدية للدولة الفلسطينية، مما يعني ان القدس لن تكون موحدة كما تدعي وتطالب وتمارس اسرائيل ذلك اثر قرارها الحائر ضم القدس اليها في حزيران 1967.

 

شجعت وحرضت جهات دولية على ضرورة معالجة المعاناة الانسانية لأبناء القطاع. وبدأت هذه الجهات بالحديث عن تخفيف أو انهاء الحصار مقابل الحد من هذه المسيرات، أو ايقافها نهائياً. وقد شجعت مصر على اتخاذ قرار حاسم وحازم بفتح معبر رفح طوال شهر رمضان المبارك، أي لثلاثين يوماً، وهذه خطوة مقدمة لفتحه باستمرار، كما ان جهات عديدة قدمت سلات غذائية ومساعدات مالية لأبناء القطاع. وأعلن رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس"، اسماعيل هنية، ان المسيرات لن تتوقف الا بعد فك الحصار، وبعد التشاور مع بقية الفصائل التي تشكل اللجنة العليا لمسيرة العودة، وهذا الاعلان مؤشر الى ان هناك جهوداً عربية ودولية تبذل وتعرض من أجل انهاء الحصار على القطاع مقابل وقف "مسيرة العودة"، أي ان هذا النشاط السلمي أربك اسرائيل وكذلك حقق انجازات بسيطة حتى الآن، ولكن قد تكون كبيرة ومهمة مستقبلاً.

 

أظهرت هذه المسيرات ان حركة "حماس" هي المسيطرة على النضال ضد الاحتلال الاسرائيلي، وكانت في المقدمة من خلال المقاومة المسلحة، وهي ايضا الآن في المقدمة من خلال المقاومة الشعبية التي حققت ما لم تحققه المقاومة الشعبية السلمية في الضفة والتي انطلقت قبل سنوات. 

انطلاقاً من كل ما ذكر من انجازات تم تحقيقها حالياً، وقد يتم تحقيق اخرى، ومن أهمها تخفيف او انهاء الحصار، فان حركة "حماس" قد تجنح الى الاعتماد على الخيار السلمي الشعبي، وقد تجمّد، وبالاتفاق مع حركة الجهاد الاسلامي والفصائل الاخرى، استخدامها لخيار المقاومة المسلحة، هذا الخيار الذي حقق انجازات في السابق، ولكنه مكلف جداً، ويزيد المعاناة الانسانية لأبناء شعبنا في القطاع.

إذا جنحت لخيار المقاومة الشعبية السلمية، فقد تحقق حركة "حماس" مكاسب سياسية محلية واقليمية ودولية، وقد تكون هذه الخطوة مهمة للمضي قدماً مستقبلاً في تحقيق المصالحة، كما انها ستكون خطوة فعالة على أرض الواقع لإسقاط وافشال أي مخطط يهدف لتصفية القضية من خلال شطب حقوق اساسية ومشروعة للشعب الفلسطيني وأهمها حق العودة، والقدس عاصمة الدولة الفلسطينية.

قد تحتاج حماس الى وقت لتقرر خطواتها المستقبلية بخصوص الجنوح شبه الكامل أو المؤقت للمقاومة الشعبية، آخذين بعين الاعتبار أن وثيقة حماس التي أقرت العام المنصرم قد تهيئ الأرضية لهذا الجنوح. 

 *الناشر ورئيس تحرير مجلة البيادر