• 2 تموز 2018
  • أقلام مقدسية

 

 

بقلم : ماهر ابو طير

 

 


تتباهى إسرائيل عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بكونها ارسلت معونات اغاثية الى السوريين قرب الحدود مع فلسطين المحتلة، مواد غذائية، وخيمًا، وربما أدوية.
اسرئيل ذاتها لا تترك فرصة الا وتوظفها بشكل انتهازي، من اجل تقديم صورة انسانية لوجهها في المنطقة، لعل شعوب المنطقة، وسط هذه المحن، تنخدع ويتخلخل موروثها العدائي لاسرائيل، عبر التصفيق للاحتلال، مقابل مؤونة غذائية، وبضعة خيم، قرب الحدود مع سوريا.
اذا عدنا الى صناعة صورة اسرائيل وسط العرب، لاكتشفنا انها تسعى منذ سنين، الى تحسين سمعتها، وتقديم صورة الدولة الرحيمة، مقارنة بأنظمة عربية حرقت وقتلت، بشكل ابشع منها، وهي محاولات متواصلة، ظنا من اسرائيل ان هذا الجهد سيؤدي الى الافتتان بالاحتلال، وفي اسوأ الحالات وصفه بالاحتلال الاخلاقي الذي يرحم حتى في خصومته.
لكن ذات من يصنعون هذه الصورة في اسرائيل، يتناسون ان قيام ذات اسرائيل، كان سببا في كل نكبات المنطقة، ولولا اول خيمة فلسطينية، تم دق وتدها ذات يوم عام 1948، لما رأينا التداعيات التي كانت اسرائيل شريكة بها، سرا وعلنا، من ايصال المنطقة الى هذه الحالة التي نراها، حيث تناسلت الخيمة الاولى، واصبحنا في مشرق يفيض بملايين الخيم في كل مكان، وهذا يعني ان اسرائيل وعبر وسائل كثيرة، وادوات غربية واسلامية وعربية، استطاعت تقويض المنطقة، وهدم كل جوار فلسطين التاريخي، باعتباره خزان الدم الاساس لفلسطين، وتحريرها ذات يوم.
لاشك ابدا، ان المنطقة في الاساس، مهشمة وضعيفة، وتعاني من اشكالاتها، لكن الاحتلال ذاته لم يقف عند حدود فلسطين، بل انه عمل بطرق مختلفة، من اجل تدمير كل جوار فلسطين، على صعيد بنية الشعوب، الوضع الاقتصادي، اثارة الحروب الدينية والمذهبية، تقسيم بنية المنطقة الوجدانية، وساعد اسرائيل في ذلك سلسلة طويلة من الاعوان سياسيا واقتصاديا واعلاميا.
ثم يأتونك اليوم، ليمسحوا وجوههم بقليل من الاصباغ، وليقولوا لنا، ان اسرائيل رحيمة، وذات اخلاق، وليس ادل على ذلك، من ارسالها للمعونات الغذائية للسوريين والخيم، وغير ذلك، وعلى مقربة من سوريا ذاتها، وعلى ضفاف البحر الابيض المتوسط، تخنق اسرائيل ذاتها، غزة، بذريعة وجود تنظيمات مناوئة لها، فتقتل اهلها، وتجوعهم، وتحرمهم من كل شروط الحياة،  دون اي معيار اخلاقي، مثلما تدعي في صور اخرى، تريد صناعتها، من اجل تعزيز الفتن، والردة الدينية والقومية، عن كل شيء، حتى نخرج لنهتف قائلين عاشت اسرائيل، مقارنة بكل ما يجري بالمنطقة.
ضعاف النفوس وحدهم يفتتون بصناعة الصورة، صورة الاحتلال التي يتم تجميلها، بوسائل مختلفة، لان القصة اعقد بكثير من صورة ايجابية تتم صناعتها عبر خبراء  العلاقات العامة، قصة الاحتلال الذي لا يمكن ان يكون جميلا، مهما فعل، ومهما ادعى انه مانح للحقوق لمن احتل ارضهم، وغصب مواردهم، مثلما الامر ذاته ينطبق على اي لفتة مسمومة في جوار فلسطين المحتلة.
يقال هذا الكلام، في سياق اساس، سياق التذكير بالثوابت،  في زمن صعب، يفيض بالغش والخديعة، والفتن، وهي فتن تنطلي على البعض للاسف الشديد، الذين يصدقون ان الذئب قد يصير رحيما، متناسين ان الذئب، لا يمكن ان ينفصل عن تركيبته وطبيعته وغريزته أيضا.
لا عاشت اسرائيل ولا دامت.

عن الدستور