• 10 تموز 2018
  • أقلام مقدسية

 

 

الكاتب: د.علي الأعور

 

 

هناك من يعتقد ان زيارة وزير الزراعة الإسرائيلي اوري ارئيل للمسجد الأقصى المبارك هي استمرار للاقتحامات الإسرائيلية المتكررة للمسجد الأقصى، أو انها جزء من الاقتحامات اليومية للجماعات اليهودية للمسجد الأقصى ولكنها تختلف بشكل كامل عن تلك الاقتحامات اليومية لانها تمثل الحكومة الإسرائيلية وبمباركة وموافقة الحكومة الإسرائيلية، ومسؤول إسرائيلي ووزير في الحكومة الإسرائيلية وبالتالي فهي تHتي في اطار تغيير الوضع القانوني القائم في المسجد الأقصى المبارك منذ عام 1967 والذي اقره في حينه وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه ديان والذي اكد فيه في بيان صحفي 8-6- 1967 "ان المسجد الأقصى والحرم الشريف بمساحته الشامله 144 دونم هي ملك للمسلمين".

 

المسجد الأقصى المبارك يمثل بالنسبة للفلسطينيين والمسلمين العقيدة والعلاقة الروحانية والمقدسة بالمكان بالإضافة الى انه أولى القبلتين ومسرى النبي محمد صلى الله عليه وسلم وهذه العلاقة الدينية موجودة في فكر وعقل وروح كل فلسطيني ومسلم، ولكنني سوف اتناول الجانب السياسي والديني من السياسة الإسرائيلية تجاه المسجد الأقصى المبارك.

 

استمر الوضع القانوني والوضع القائم للمسجد الأقصى المبارك منذ عام 1967 باشراف دائرة الأوقاف الإسلامية لدى الحكومة الأردنية وكان يتم دخول غير المسلمين للمسجد الأقصى المبارك والمتحف الإسلامي وقبة الصخرة المشرفة بالتنسيق مع الأوقاف الإسلامية وكان يتم دخول اليهود وغير المسلمين بشكل طبيعي من جميع أبواب المسجد الاقصى وبدون حماية الشرطة الإسرائيلية وبدون تدخلها وكانوا يتجولون في ساحات المسجد الأقصى المبارك بكل حرية من خلال الأوقاف الإسلامية.

 

ولكن مع بداية التسعينات من القرن الماضي بدأت تبرز منظمات دينية يهودية لديها أيديولوجيا دينية وسياسية تؤمن بإعادة بناء جبل الهيكل وتغيير الوضع القائم في المسجد الأقصى لليهود وحق الصلاة لليهود في المسجد الأقصى واهم تلك المنظمات اليهودية منظمة "أمناء جبل الهيكل عام 1982" ثم جاءت زيارة شارون في عام 2000 والتي كانت تهدف الى تغيير الوضع القائم في المسجد الأقصى المبارك وكان الرد الفلسطيني سريعا "وكانت انتفاضة الأقصى الثانية" لا لتغيير الوضع القائم في المسجد الأقصى، وان المسجد الأقصى بهويته الفلسطينية والإسلامية هو ملك للفلسطينيين والمسلمين حتى عام 2003 عندما اخذت الشرطة الإسرائيلية قرارا بدخول غير المسلمين للمسجد الأقصى من خلال باب المغاربة فقط وباستثناء يوم السبت حيث العطلة لليهود.

 

وكان الرد على تزايد اعداد المجموعات اليهودية التي تقتحم المسجد الأقصى تأسيس حركة المرابطين والمرابطات بشكل يومي وبأعداد كبيرة من خلال تأسيس حلقات العلم ودروس العلم والشريعة، حتى تم اصدار قرار من وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعلون في عام 2015 بتوصية من زير الامن الداخلي جلعاد اردان " بحظر حركة المرابطين والمرابطات واعلانها حركتين خارجة على القانون" واستمرت حركة المرابطات في التصدي للمجموعات اليهودية المتطرفة والدفاع عن المسجد الأقصى وقد سجلن صورة رائعة من النضال السلمي في داخل المسجد الأقصى المبارك من خلال حلقات العلم والتصدي للمجموعات اليهودية بالتكبير فقط " الله اكبر " طيلة رحلة المجموعات اليهودية في اقتحامها للمسجد الأقصى المبارك.

 

وكانت نتيجة تزايد اعداد المستوطنين واقتحامهم للمسجد الأقصى انتفاضة القدس في أكتوبر 2015 والذي أدت الى لقاء بين الملك عبدالله الثاني ونتانياهو وجون كيري من اجل وقف اعمال العنف والقتل في المدينة المقدسة والتي عرفت في وقتها "تفاهمات كيري ديسمبر 2015 " والتي اعلن فيها نتانياهو منع دخول الوزراء الإسرائيليين وأعضاء الكنيست الإسرائيلي الى المسجد الأقصى المبارك والسماح لليهود بأعداد قليلة من زيارة المسجد الأقصى ولكن دون الصلاة فيه وإقامة الصلوات اليهودية فيه.

 

واليوم ... زيارة اوري ارئيل للمسجد الأقصى المبارك هي ليست نتيجة لتحسن العلاقات الإسرائيلية العربية وليست نتيجة للهدوء ولكنها نحو تغيير الوضع القائم في المسجد الأقصى المبارك وبالتالي الزيارة هي سياسية بامتياز وذات اهداف سياسية.

 

وهنا اود ان أؤكد على نقطة مهمة جدا وهي ان الدين اليهودي يمنع على اليهود دخول المسجد الأقصى المبارك بالإضافة الى ان معظم الحاخامات اليهود وفي مقدمتهم الحاخام" عبوديا يوسف" والحاخام " كوك" قد اصدروا ( هالخاه – فتوى ) دينية يهودية تحرم وتمنع دخول المسجد الأقصى المبارك .

 

وأخيرا ... رسالتي الى الحكومة الإسرائيلية .....المسجد الأقصى المبارك في عقيدة وفكر وثقافة الفلسطينيين والمسلمين وان العلاقة الدينية والروحية التي تربطهم بالمسجد الأقصى المبارك هي اقوى بكثير ما يفكر به الساسة والقادة الإسرائيليين وبالتالي فان الوضع القائم في المسجد الأقصى المبارك لن يغير ولن يتغير وكما اعلن الفلسطينيين ورفعوا شعار "لن يقسم“..

وكالة معا