• 26 آب 2018
  • أقلام مقدسية

 

 

بقلم : جاك يوسف خزمو

  

بكل وقاحة وتعجرف تعلن ادارة الرئيس الاميركي دونالد ترامب انها قررت قطع ما يقارب مائتي مليون دولار من المساعدات الأميركية المقدمة سنوياً للسلطة الوطنية الفلسطينية، وانها قررت تحويل هذا المبلغ لمشاريع أخرى، تختارها هي لصالح الشعب الفلسطيني، وكأنها تعرف ما هي المشاريع المهمة وغير المهمة، وكأنها هي "الحاكمة بأمر الله" على الشعب الفلسطيني وقيادته.

هذه السياسة الأميركية العدائية تأتي ارضاء لإسرائيل، ولتعزيز العلاقات التحالفية والاستراتيجية معها، وتأتي في الوقت نفسه استهتاراً بالعديد من القادة العرب الذين يعتمدون على أميركا، ويخضعون لأوامرها ومواقفها المهينة للأمة العربية، وبخاصة القادة العرب الأثرياء الذين يملكون ثروات هائلة وخيالية، ويأتي ذلك لعدة أسباب ومن أهمها أن مثل هذا المبلغ هو صغير جداً مقارنة لما قدمه هؤلاء "العرب" الى أميركا... فقد حصلت على استثمارات عربية تصل الى حوالي خمسمائة مليار دولار، في حين ان هؤلاء القادة يتباخلون عندما تطلب شعوب عربية دعمهم، فيقدمون مبالغ هزيلة جداً مقارنة بهذا المبلغ الكبير المقدم للرئيس الاميركي ترامب. والاستهتار بالموقف العربي بشكل عام يكمن في أن القضية الفلسطينية أصبحت ثانوية بالنسبة لأميركا وليست القضية الأولى، وهي قضية نزاع على أرض وليست قضية صراع حول الوجود. والاستهتار الأكبر لم يأت من خلال قطع مساعدات مالية، بل من خلال الاعتراف بالقدس عاصمة أبدية لدولة اسرائيل، والقول بأن موضوع القدس قد أزيح عن طاولة المفاوضات كما أزيح حق العودة للاجئين الفلسطينيين.

سياسة أميركا ليست استهتاراً  فحسب، بل هي صفعة لكل من راهن على انها قادرة على تحقيق سلام في المنطقة ، صفعة لأن هذه السياسة تقف وراء الفوضى في الوطن العربي، وتعتمد على سياسة ابتزاز وقحة.

المطلوب صفعة عربية قوية رداً على هذه السياسة الأميركية العدائية وذلك باتخاذ اجراءات عربية ضدها، ومن أهمها ان تكون هناك نخوة عربية صادقة تقول لأميركا ، لا حاجة الى مساعداتك للشعب الفلسطيني، كما ليست هناك حاجة لأي دور لك في منطقة الشرق الأوسط . والنخوة العربية مطلوبة من الشعوب وليس من القادة، وبخاصة اولئك الذين لا يستطيعون تحدي أميركاً، ولا يستطيعون الوقوف في وجهها.

والمطلوب ان تستمر القيادة الفلسطينية في التمسك بموقفها الصلب ضد أي وساطة أميركية لتحقيق سلام في المنطقة، وأن تعمل على الانضمام قدر الامكان الى محور معاد للسياسة الأميركية أو منافس لها في المنطقة.

ان المطلوب والمأمول الآن سياسة عربية فلسطينية تعتمد على "العين بالعين والسن بالسن" قدر الامكان .. وأظن ان شعبنا الفلسطيني جبار قادر على الصمود، وقادر على تجاوز كل الاجراءات الأميركية بحقه بإرادته القوية في التمسك بحقوقه، وفي العمل الجاد للحصول عليها من دون أي مس ولو بسيط بها.