• 11 أيلول 2018
  • أقلام مقدسية

 

 

      بقلم : جاك يوسف خزمو

 

تصدت الدفاعات الجوية السورية للصواريخ التي أطلقتها طائرات حربية اسرائيلية حلقت في أجواء شمال لبنان مساء الثلاثاء 4 أيلول 2018 على مواقع في كل من حماة وطرطوس. واستطاعت اسقاط بعض هذه الصواريخ. وفي وقت سابق أعلنت اسرائيل أن سلاحها الجوي قام بحوالي 200 اعتداء جوي داخل الاراضي السورية استهدفت مواقع عسكرية ايرانية وذلك خلال الفترة الماضية. وان اسرائيل، حسب الادعاء الاسرائيلي، لن تسمح بتعزيز الوجود العسكري الايراني في سورية، وانها ستواصل شن غارات على المواقع الايرانية كلما تطلب الأمر ذلك!

هذه الاعتداءات الاسرائيلية البشعة والوقحة، وكذلك الاعلان عنها تسعى الى تحقيق عدة أهداف ومن أهمها:-

  • أن اسرائيل لا تهدد فقط، بل هي تعمل على تنفيذ ما تهدد به من خلال شن هذه الغارات العدوانية.
  • المستهدف هو التواجد الايراني في سورية، وليست سورية، مع ان هذه الاعتداءات هي انتهاك صارخ للسيادة السورية 
  • محاولة رفع معنويات "الارهابيين" المرتزقة المتواجدين في محافظة ادلب، وتوجيه رسالة لهم مفادها أنها معهم، وانها ستعمل على ضرب الحليف الايراني لسورية واشغاله حتى لا يشارك في أي هجوم على محافظة ادلب لتطهيرها من الارهابيين، وبالتالي اطالة أمد المعارك مع الارهابيين وانهاك قوات الجيش العربي المهاجمة قدر الامكان. 
  • تأتي مثل هذه الخطوات والتصرفات الاسرائيلية رداً على تقارير عدة أصدرتها مؤسسات عسكرية ومدنية داخل اسرائيل اعترفت فيها بأن الجيش الاسرائيلي لم يكمل الاستعدادات اللازمة لمواجهة أي حرب قادمة على الحدود الشمالية مع كل من سورية وحزب الله! وتحاول اسرائيل نفي فحوى هذه التقارير عبر تصريحات لقادة الجيش الاسرائيلي مناوئة ومناقضة لهذه التقارير. وفي الوقت نفسه تحاول رفع معنويات المواطن الاسرائيلي من خلال ابلاغه بأن ذراع الجيش الاسرائيلي طويلة، وتصل الى أي مكان في منطقة الشرق الأوسط! 
  • محاولة جر اميركا للقيام بعدوان على سورية بحجة منع وقوع مجزرة في ادلب، ومنع سورية من استخدام أسلحة كيماوية ضد الارهابيين مع ان اميركا واسرائيل وحلفاؤهما يعرفون جيداً أن سورية لا تملك سلاحا كيماويا، وتخلصت مما تواجد في مخازنها في العام 2013. وكذلك فان الجيش العربي السوري قادر على سحق هؤلاء الارهابيين من دون الحاجة الى سلاح كيماوي! 
  • محاولة استفزاز من هم نفوسهم مريضة وضعيفة، وتحريضهم على الدولة الايرانية وقادتها من خلال الادعاء أن قادتهم لا يستطيعون الرد على هذه الغارات التي تلحق هزائم بمواقع عسكرية ايرانية في سورية، وكذلك من خلال التحريض على ان المبالغ الكبيرة التي تصرف على أنظمة الدفاع الايرانية لا توفر الحماية لايران، اضافة الى محاولة اسرائيلية لاثارة غضب الشارع الايراني ضد دولته وقيادته! 
  • توجيه رسالة الى محور المقاومة مفادها أن اسرائيل قادرة على مواجهة دول هذا المحور، وتلحق الهزيمة تلو أخرى به من خلال اعتداءاتها على مواقع عسكرية ايرانية في سورية. وتحاول ارسال رسالة واضحة ثانية لهذا المحور مفادها ألا تراهنوا كثيراً على ايران، فاسرائيل قادرة على مواجهتها. وهذه الرسالة موجهة بالتحديد الى "حزب الله" وامينه العام السيد حسن نصر الله، وتدعي بأن اسرائيل أقوى مما تعتقدون. 
  • محاولة فاشلة لجر محور المقاومة نحو حرب على أكثر من جبهة، مستغلة وجود ارهابيين في محافظة ادلب، لكن القيادة السورية تعرف حق المعرفة هذا الهدف، وهي تختار مع محورها الوقت والمكان المناسبين لذلك. 
  • محاولة مكشوفة للتشكيك بقدرات محور المقاومة على مواجهة أي عدوان اسرائيلي على أي من دول محور الشر، أي أن هذه المحاولة تندرج في اطار الحرب النفسية التي تشنها اسرائيل على الشعوب العربية بشكل عام، ودول محور المقاومة بشكل خاص. 
  • محاولة الحصول على مكاسب داخلية لكل من رئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتنياهو، ووزير حربه افيغدور ليبرمان اذ أن الحملة الانتخابية هي على الابواب، وخاصة اذا تقرر اجراؤها في وقت مبكر كما يسعى نتنياهو من أجل التهرب من أي اتهامات بخصوص ملفات الفساد التي يتم التحقيق معه حولها. 
  • لا شك أن هذه الاعتداءات، والاعلان عنها بكل وقاحة، تأتي قبل توجه نتنياهو الى الأمم المتحدة ليلقي كلمته أمام الجمعية العامة بعد عدة أسابيع، والتي ستتضمن تهديدات للوجود الايراني في سورية، وتحريض للدول الأعضاء في الأمم المتحدة على عزل ايران، والتصدي لتوسع نفوذها في بقاع العالم. 
  • تأتي هذه الاعتداءات أيضاً لاظهار ان اسرائيل قادرة على مواجهة ايران، وبالتالي يمكن لبعض دول الخليج، أو لدول التحالف السعودي الاعتماد على اسرائيل في دعمها لها في مواجهة ايران. ومن أجل تحقيق ذلك الدعم الاسرائيلي، فعلى قادتها اقامة علاقات دبلوماسية علنية من دون أي خوف أو تردد!

تحاول اسرائيل استغلال الأوضاع في سورية، وخاصة تواجد الارهابيين في ادلب، وشن اعتداءات جبانة لانها تدرك أنه بعد القضاء عليهم في ادلب، فان مثل هذه الاعتداءات ستكون لها حسابات أخرى ودقيقة، و تكون مقامرة جدا لان الرد لن يكون بسيطا، بل قد يكون مزلزلا، وهذا ما يقوله خصوم نتنياهو وكذلك بعض المراقبين والمحللين السياسيين! ويضيف هؤلاء القول بأن هذه الاعتداءات لن تحقق أهدافها، بل ستشكل خطراً كبيراً على "اسرائيل" نفسها لأنها تلعب بالنار التي سيصل لهبها المدمر اليها عاجلاً أم آجلاً!