• 11 أيلول 2018
  • أقلام مقدسية

 

بقلم : ماهر ابو طير 

 

سياسة الادارة الاميركية الحالية، تجاه الشعب الفلسطيني تقوم على اساس العقاب الجماعي، متطابقة في ذلك مع ذات سياسات الاحتلال الاسرائيلي، من حيث المضمون والمبدأ.

واهم من يقول ان واشنطن تضغط على السلطة الوطنية الفلسطينية، من اجل تمرير حلول سياسية، فقط،لاننا نشهد لاول مرة، عقوبات تسبب ضررا على المستوى الانساني، قبل السياسي، وهو وجه حاولت واشنطن مرارا تجنبه، وتحسين سمعتها، لكن الرئيس ترمب، لايريد هذه اللعبة كليا.

حين تكشف صحيفة « هآرتس» الاسرائيلية عن قرار اميركي وشيك، بقطع المساعدات المالية عن المستشفيات في مدينة القدس، وعددها خمسة مستشفيات، تقدم خدمات للفلسطينيين، ندرك ان القرار لايختلف في مضمونه، عن قطع المساعدات عن خمسة ملايين لاجئ فلسطيني، يتلقون خدمات التعليم والعلاج، عبر وكالة الغوث الدولية « الاونروا» وهي قرارات تقدم وجها بشعا لواشنطن في المنطقة، لايمكن تجميله بكل برامج المساعدات الاميركية الاخرى عبر وكالات اميركية، وفي دول اخرى في العالم.

هذا يعني ان الولايات المتحدة، تقايض المريض على الدواء، وتقايض الطفل على تعليمه، ثم تأتي لتقول ان هذه عقوبات على السلطة الوطنية تصب مع قرارات اخرى، تجفف المساعدات المالية لذات السلطة الوطنية الفلسطينية، لاعتبارات كثيرة.

على الاغلب ان هذه القرارات، تستهدف الفلسطينيين ذاتهم، وليس السلطة، وتستهدفهم لاعتبارات لاتختلف عن استهداف اسرائيل للفلسطينيين، عبر منع تدفق الوقود او الادوية او الاغذية في ظروف اخرى، مثلما شهدنا في غزة، ومثلما ما نراه حاليا في هذا القطاع.

اين هي السياسة الخارجية الاميركية، من هكذا اتجاهات لديها الاستعداد لايذاء الابرياء من اجل اجبار جهات سياسية تقول انها تمثلهم، او اجبارهم على التراجع امام الضغط الاميركي، ولعل المفارقة التي اتضحت اننا عربا وفلسطينيين الاكثر شتما لواشنطن، باعتبارها داعمة لاسرائيل، لكننا اكتشفنا بعد القرارات الاميركية المختلفة، ان واشنطن تقدم مئات الملايين للفلسطينيين سنويا، سواء عبر مساعدات الرواتب للسلطة، او حصة الاونروا، او حتى تمويل المستشفيات وغير ذلك؟!.

قرار تجفيف المساعدات عن مستشفيات القدس، يصب ايضا، في اطار الانسحاب الاميركي، من اي اطار لدعم الفلسطينيين في القدس حصرا، اذ بعد قرار نقل السفارة الاميركية الى القدس، تأتي قرارات اخرى، مثل هذا القرار، من اجل شطب هوية المدينة العربية والفلسطينية، وتهويد المدينة كليا، بما في ذلك الجانب الاداري، وبرامج المساعدات والمنح، فهي سياسة اخلاء للوجود، من اجل تنقية المدينة، من اي قضية اخرى، بما في ذلك قضية المدينة واهلها، واضعافهم على كل المستويات.

المشكلة الاكبر، ان العرب امام ما تفعله واشنطن، لن يجدوا سوى نداءات التسول، وطلب المال من الاميركان، والتوسل اليهم، ان يواصلوا الدفع، فيما لايدفع العرب قرشا واحدا، ولا حتى اثرياء الفلسطينيين، بذريعة استحالة وصول المال، عبر النظام المالي الاسرائيلي، واستحالة تسييل اية مبالغ، مادامت اسرائيل لاتريد ذلك، وهكذا تتحول قضية فلسطين من قضية احتلال، الى قضية حوالات عالقة، في هذا العالم الذي لم يكتف من كل مؤامراته وخيباته.

كل هذا يأتي في توقيت تعاني فيه اساسا بقية مستشفيات القدس، من مشاكل مالية، حتى تلك التي لاعلاقة لها بالمنح الاميركية، والكل يعرف ان اغلبها عاجز عن دفع التزاماته، وغارق في الديون، لاطراف كثيرة، بما فيها السلطة الوطنية الفلسطينية، التي لاتدفع فواتيرها لاحد في القدس.

يبقى السؤال، عن القرارات التي سوف تأتي بعد هذه القرارات، وقد بات واضحا، ان هناك ادارة اميركية، تتسم بالرعونة، ومحترفة في توليد الاعداء والخصوم، صباح مساء؟

عن الدستور