• 23 تشرين أول 2018
  • أقلام مقدسية

 

 

بقلم : القاضي المقدسي فواز ابراهيم نزار عطية

                                                                                     

إن الكثير منا يسمع  بمصطلح " ستاتيكو " وخصوصا في الآونة الاخيرة عندما سمحت حكومة الاحتلال بدخول المستوطنين افواجا افواجا الى المسجد الاقصى المبارك، بحيث كانت تطالب حكومة المملكة الهاشمية وعلى رأسها جلالة الملك عبد الله الثاني كما والقيادة الفلسطينية، بعدم تغيير الستاتيكو" Status quo " في الحرم القدسي، والملاحظ أن هذا المصطلح يستخدم في العلوم السياسية، حيث يقصد منه الجمود وعدم التغيير في الواقع، اي إبقاء الحال على ما هو عليه.

وبما أننا لسنا بصدد درس في العلوم السياسية، لكن ما لفت انتباهي في الآونة الاخيرة وخصوصا بعد كارثة تسريب عقار عائلة جودة آل غضية الحسيني في عقبة درويش بالقدس الشريف واتهام أديب جودة وخالد العطاري وآخرين بهذا التسريب، كثُر الحديث واللغو من بعض الاخوة المسيحيين اصحاب الارض والشركاء في الوطن والمصير، مطالبن بالسّر والعلن وعلى صفحات التواصل الاجتماعي بتغيير " الستاتيكو" ، مستغلين واقعة تسريب عقار جودة  لسحب امانة مفتاح كنيسة القيامة من عائلة جودة المسلمة لاتهامه بالتهمة المشار اليها اعلاه.

في هذا المقام، انا لست بمقام الدفاع عن أحد ولن اكون، لكن من واجبي الوطني والانساني التذكير والدعوة  لإستمرار اللحمة الدينية والوطنية في القدس- بصفتي أحد الاحفاد المرابطين في القدس منذ القدم منذ العهد الصلاحي عام 583 هجري- من بعض الأصوات الضالة القليلة الناشزة و التي لا تنتمي لأصل المسيحية السمحة المتسامحة، حيث كانت الاصوات المقلة قد بدأت في العام الماضي في فترة اعياد الفصح المجيد، تنادي لسحب أمانة المفتاح وطرد عائلتي جودة ونسيبة المسلمتين المقدسيتين من كنيسة القيامة، بالرغم ما تقدماه العائلتين الموقرتين من خدمات جليلة للعالم المسيحي الذي يشكل ثلث سكان المعمورة من حمل مفتاح كنيسة القيامة وفتح ابوابها للعابدين والزائرين. 

إنني في مقام مخاطبة اصحاب الغبطة البطاركة المبجلين ورجال الدين المحترمين واصحاب الرأي الثاقب والعلماء والعقلاء من اخوتنا المسيحيين، الذين لا يمكن لهم أخذ موقف من "الستايكو"  القائم بصورة تخالف الإرادة الهاشمية ممثلة بجلالة الملك صاحب الولاية للحفاظ على المقدسات الدينية المسيحية والاسلامية، وبنهج يخالف ثوابت القيادة الفلسطينية، بل لا يمكن تغيير واقع عاصرته حكومات وممالك مختلفة على مرّ التاريخ. الامر الذي يتعيين على كبار قيادات الطوائف المسيحية الخمسة المتواجدة بالقدس كل في موقعه، نبذ الافكار المسمومة من عقول بعض الشباب المسيحي الطيب، وشرح واقع "الستاتيكو" لأبناء الطوائف المختلفة.

هذا "الستاتيكو "الذي لا يقبل تغيير واقع زمني قائم ومؤسس على صخرة متينة منذ 850 سنة وأكثر، حيث هذا الواقع أرسى قواعد التعايش السلمي بين الطوائف المسيحية الخمسة من الاقتتال والفتك ببعضهم البعض خصوصا في موسم الاعياد، كما وأرسى مبادئ التآخي بصورة حضارية على مرّ قرون قد مضت و لازال، وأثبت أن الانسان المسيحي هو أخ للانسان المسلم وإن اختلفنا في العقيدة، وبالتالي السُلم المتواجد أعلى باب كنيسة القيامة هو جزء من "الستاتيكو"، فمنذ قرون لم يتم تغيير موقعه، مما يجب أن يبقى مفتاح الكنيسة أمانة بيد عائلة جودة آل غضية الحسيني وفتح الباب بيد عائلة نسيبة حفاظا على هذا الواقع الذي لايقبل التغيير، وحفاظا على قدسية القدس من التغيير في ظل ما يسمى صفقة العصر.

واخيرا إذا ثبت تورط اديب جودة في تسريب العقار المذكور أعلاه بحكم جزائي بات، فمن الواجب علينا، بل من واجب عائلة جودة آل غضية الحسيني تغيير الشخص وليس العائلة، بحيث سيبقى "ستاتيكو القدس" بجميع جوانبه سواء أكان في كنيسة القيامة أو في الحرم القدسي أو أية بقعة في القدس غير قابل للتغيير أو التعديل.  

والله من وراء القصد......