• 30 تشرين أول 2018
  • أقلام مقدسية

 

 

بقلم : ماهر ابو طير


انخفضت نشاطات مقاومة التطبيع في الاردن الى حد كبير، مقارنة بالسنوات التي تلت معاهدة وادي عربة، وبرغم وجود عدة لجان عملت في هذا الاطار على مستوى النقابات، اضافة الى شخصيات برلمانية او سياسية او حزبية، الا ان نشاطات مقاومة التطبيع تبدو اضعف مقارنة بسنين سابقة.
هذه النشاطات التي تناولت اوجه التطبيع السياسي والاقتصادي وغير ذلك من اوجه كانت متخصصة الى حد كبير، وكانت متخصصة، وتصدر بياناتها وتقاريرها بناء على معلومات، وربما تعرضت هذه الجهود الى ظروف صعبة، لاعتبارات كثيرة، وتم استبدالها في مراحل مختلفة، بنشاطات من نوع آخر على مستوى شعبي، مثل تلك النشاطات التي شهدناها بشأن صفقة الغاز الفلسطيني المنهوب اسرائيليا، والتي استمرت لفترة وسرعان ما تراجعت ايضا، وتوقفت فعليا.
مقاومة التطبيع بحاجة الى انعاش من جديد، والذي يقيم ردود الفعل الاسرائيلية، بشأن موقف الاردن من اتفاقية الباقورة والغمر، يدرك بكل وضوح، ان اسرائيل لاتقبل حتى بنصوص الاتفاقات القانونية مع الاردن التي تتيح للاردن عدم تجديد الاتفاقية، بل وتبرق اسرائيل رسائل تهديد مختلفة بحق الاردن، وهذا يثبت ان اسرائيل كعادتها تريد ان تأخذ فوق مالها في الاتفاقات، هذا على الرغم من اعتراضنا اساسا على هذه الاتفاقات.
الامر ذاته تكرر من حيث دلالات السلوك الاسرائيلي في قصة السفارة الاسرائيلية في عمان،ومافعلته اسرائيل من حيث ارتكاب الجريمة، وخروج القاتل، والمماطلة طوال شهور، في الوصول الى حل، وبرغم ان القصة لاعلاقة لها مباشرة بمقاومة التطبيع الا انها تؤشر على ذات الروح التي تتملك الاسرائيليين في ادارة العلاقات مع غيرهم، وهي روح قائمة على مبدأ الاحتلال والتسلط والفوقية والانانية، والاعتقاد ان الكل يجب ان يتبعها،  ويرضخ لها، في الازمات، وغير الازمات.
لايمكن امام كل هذه المؤشرات وغيرها، من مؤشرات خبرتها شعوب المنطقة بشأن الاحتلال الاسرائيلي ومايمثله من خطر استراتيجي، ان نتعامى عن تطورات ملف التطبيع، خصوصا، مع العمليات التجارية وتدفق الاف السلع، والتجارة التي تقدر بمئات الملايين سنويا، ان لم يكن اكثر، اضافة الى عمليات البيع والشراء، وقد قرأنا قبل ايام كيف ان نصف كميات الزيت المصدر خارج الاردن يذهب الى تجار اسرائيليين، يقومون اساسا، باعادة انتاجه ليصبح مطابقا للمواصفات الاوروبية، ويتم بيعه باضعاف سعره الذي تم بيعه للاسرائيليين، اضافة الى سرقته باعتباره ليس زيتا اردنيا، بل زيت اسرائيلي فوق التسبب برفع اسعاره هنا في الاردن، ومساعدة الاقتصاد الاسرائيلي بالنمو ، فوق الشعور الوجداني الجارح حين نرى من يبيع زيت الاردن، وزيتونه الى مثل هؤلاء البشر.
لقد آن الاوان ان تنهض الجهود لمقاومة التطبيع مجددا، ضمن المؤسسات القائمة، من اعلام ونواب واحزاب، وغيرها من مؤسسات عليها واجب صون الاردن، وعدم التفريط بسلامته، والتراخي في هذه المجالات سيؤدي الى نتائج وخيمة، اقلها الخروقات التي نراها كل يوم، والخروقات التي سوف تتزايد، خلال السنين المقبلة، وهو امر لايجوز السكوت عنه، ولا التهاون فيه ابدا.

عن الدستور