• 13 تشرين الثاني 2018
  • أقلام مقدسية

 

بقلم : كامل النصيرات

 

لا يكاد يمرّ يومٌ على الأردنيّ دون أن تكون القدس جزءاً من حديثه؛ وجزءاً من آهاته، الأردنيّ متعلّق بالقدس كما يتعلّق الطفل بأمّه؛ كما يتزيّن الفارس بطقوس شجاعته؛ كما يخبّئ العاشقُ أسرار عشيقته؛ يخبّئ الأردنيّ أسرار القدس ويبني أسواره الحصينة حولها.

خطّان متوازيان؛ خطّان عجيبان في التسريع: خطّ القدس ومحاولة سحبها من فوق البساط العربي؛ وخط تجويع الأردني ومحاولات تركيعه! من يرى الأردني اليوم وهو يرزح تحت نير الضرائب المتتالية؛ تحت طلبات صندوق النقد الدولي التي لا تنتهي؛ تحت الإشاعات المجنونة التي تتكاثر بالانشطار! من يرى كيف يصحو الأردني من النوم اليوم؟ كيف يسمّي باسم الله ويلهج له بالدعاء بأن يحمي القدس من كلّ كريهة ومكيدة؟ الأردني اليوم يدفع ثمن حالة العشق الأبدية مع القدس؛ يدفع ثمن تمسكه بها؛ يدفع من مستقبله وصحته صموده في وجه «ترامب» وزمرة الصهاينة الأشرار ومن لفّ لفّهم من العرب الشذّاذ!

في جلسة جدل أردنية مليئة بالصخب ولكنها مليئة بالخوف على المستقبل؛ يقول شابٌ في أوّل العطاء لكنه محبط متشائم: بكفّي القدس القدس القدس؛ بدنا نعيش..! ينهره غالبية الحاضرين ويقول له شاب آخر أقل منه عمراً وأكثر منه وجعاً: حقّك أن تعيش؛ ولكنّ العيش أنواع؛ فأي الأنواع تريد؟ عيشاً بذلّ؟ عيشاً برأس مرفوع ولو بجوع؟ عيشاً بلا طعم ولا ملامح؟! يقول له سجين سابق: تتخلّى عن القدس من أجل أن تعيش فقط؟ يا عيب العيب؛ بدلاً من أن تموت من أجلها! بدلاً من أن تحرق الأخضر واليابس من أجلها! لو كنت تعرف ماذا تعني القدس لنا لعرفت أنها الحياة! ويزيدون عليه؛ حتى شعر بانكماش وحرج كبيرين وقال لهم: يا جماعة كلمة وطلعت؛ هي زلة لسان والله ليس قصدي؛ بس بدّي أطلع من هدومي من الوضع.!

سقتُ لكم تلك الحكاية بالذات وسقتُ لكم الحوار المجتزأ لأقول لكم أن حكاية القدس والتنازل عنها تسير مع حكاية الأردنيين وتجويعهم الممنهج، الحكايتان حكاية واحدة؛ ولو جاء (سناريست) وأراد أن يكتب نصّاً احترافيّاً لرأيتم بأُم أعينكم أن القدس والأردن خطّ دراميٌّ واحدٌ يتفرّع إلى خطوط درامية أخرى.

عن الدستور