• 24 كانون أول 2018
  • أقلام مقدسية

 

بقلم القاضي المقدسي : فواز ابراهيم نزار عطية 

                                                                   

عاشت القدس واهلها خلال العقود الخمسة التي مضت بوتيرة حادة من صراع البقاء ما بين العربي الفلسطيني  والاسرائيلي، إذ يتلخص اوجه الصراع في اثبات الوجود ومن له الحق في عمارتها، لكن اوج الصراع تلخص في العام 2018 الذي كشف عن حقيقته باحداثه ووقائعه الثقيلة على القدس واهلها، وللأسف بتعاون وتآمر من بعض الانظمة العربية التي تهرول وتتسابق فيما بينها في استقبال الوفود الاسرائيلية من اجل التطبيع دون ثمن. 

ولا استغرب من تصريحات بعض المسؤولين الاسرائيلين: بأن العالم السنّي في منطقة الشرق الاوسط اصبح قاب قوسين او ادنى من ضمن جملة الاصدقاء للدولة العبرية، بحيث استطاع الجانب الاسرائيلي تجاوز القضية الفلسطينية بامتياز، على نحو لم يخطر على بال الفلسطيني الذي تلقى الطعنة الكبرى من بعض الاشقاء والاخوة في العروبة والاسلام. مما جعل التمادي على الحق الفلسطيني امرا مسلما به من خلال احداث عام 2018، حيث شهد هذا العام اخطر مرحلة تمر بها القضية الفلسطينية من اجل تصفيتها، وتجلت الصورة الاولى لتصفية القضية بنقل السفارة الامريكية من تل الربيع الى القدس تحت سمع وبصر العالم دون ادنى احتجاج دولي فعّال، بل تجرأ البعض من الدول الغربية في اتخاذ خطوة مماثلة لنقل سفارتها للقدس بحجة التسريع في احياء المفاوضات المجمدة، والصورة الثانية تمثلت بحدث خطير ينصب في تسريب العقارات المقدسية للجانب الاسرائيلي ضمن مسلسل محكم التنفيذ وبأيد وعناصر - للاسف - فلسطينية باعت دينها وشرفها مقابل دريهمات، والمسلسل مازال تحت الاخراج بهدف اثبات حق الوجود للجانب الاسرائيلي وانه اهل لعمارة القدس. أما الصورة الثالثة لتصفية القضية تم ممارستها في العام 2018 وهي لا تقل خطرا عن الصورتين السابقتين، وتتمثل بالصراع الديني الذي ينكره بعض القادة من الفلسطينيين، بحيث تتوالى الاخبار المحلية يوميا باستثناء يوم الجمعة من استمرار الاقتحامات للمسجد الاقصى على مدار العام الحالي وبأعداد كبيرة من المستوطنين، و يتعلق هذا الامر بنية الاحتلال تقسيم الحرم القدسي زمانيا ومكانيا، لكنه ينتظر اللحظة المناسبة في اعلان نواياه من حيث التقسيم بعد انهاء عملية التطبيع مع الدول العربية بالصورة التي يرسمها المحتل، وبالتالي فالمسألة مسألة وقت ليس إلا. رغم تعهده بعض المسؤولين الاسرائئلين بالحفاظ على الوضع القائم.

بصفتي مواطن مقدسي، وجدت أن أنقل رسالة لشعبي الفلسطيني بشكل عام ولأهلي في القدس بشكل خاص، أنه مهما كانت التحديات التي نواجهها ورغم صعوبة الضربات التي نتلقاها من هنا وهناك، ورغم آثار الصور التي سبق ذكرها اعلاه على قضيتنا، ورغم تآمر بعض الاخوة من بني جلدتنا، فإن الشدائد تصنع الرجال والمحن تخلق الحلول، ولا بد ان تستذكر قول البشير الهادي محمد صلى الله عليه وسلم تفائلوا خيرا تجدوه، بمعنى أنه يجب علينا ان نخلق الحلول في العام القادم ان شاء الله عام 2019 الذي سيكون عاما مشرقا بالخير، بما يحقق ثباتنا وصمودنا في ارضنا بالتضامن والتكافل في سبيل الحفاظ على الممتلكات والمقدسات وحقنا في الوجود، وبأن نكون كالجسد الواحد عصي على الغرباء يصعب كسره او هزيمته، فنحن شعب لا نملك السلاح ولا القوة المادية، ولكننا نملك الارادة والعلم وبهما نحقق اسطورة الوجود الازلي، فالحكومات لن يطول بقاؤها بقدر بقاء اصحاب الارض، بحيث حكم القدس حكومات عديدة من الفرنجة وغيرهم وصولا للعثمانيين فذهبت الحكومات وبقي اهل القدس.